تواصلت أمس المواقف الدولية المؤيدة لقضية القدس بالتزامن مع استنفار عربي لتأمين تمرير مشروع قرار يدعو إلى «إبطال أي تغيير في وضع المدينة المقدسة» عبر بوابة الجمعية العاملة للأمم المتحدة، غداة تعطيله ب «فيتو» أميركي أمام مجلس الأمن. وفيما حض العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وبابا الفاتيكان فرنسيس خلال لقاء جمعهما أمس على احترام الوضع القائم في مدينة القدس، طالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي بتجنب أي توتر جديد قد يعرض عملية السلام للخطر، وشددا على «حل الدولتين». وركزت محادثات أجراها الملك عبدالله مع البابا فرنسيس في الفاتيكان أمس، على تبعات القرار الأميركي في شأن القدس، وما نتج منه من استفزاز لمشاعر المسلمين والمسيحيين في المنطقة والعالم، وفقاً لبيان وزعته وكالة الأنباء الأردنية (بترا). وأوضح البيان أن الجانبين اتفقا على ضرورة «عدم المس بالوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس»، وفيما أعرب البابا عن قلقه إزاء الاعتراف الأميركي بالقدس «عاصمة لإسرائيل»، مشدداً على أن أنها «مدينة فريدة ومقدسة لأتباع الديانات الثلاث»، وتعهد الملك عبدالله مواصلة «الدور التاريخي والديني لبلاده في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بما يحافظ على هويتها كرمز للسلام». وشدّد على أن وضع القدس «يجب تسويته ضمن إطار حل شامل يحقق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية، تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل». إلى ذلك، اتفق الرئيس التركي ورئيسة الوزراء البريطانية في اتصال هاتفي مساء الإثنين على تكثيف جهود المجتمع الدولي لحل قضية القدس. وذكرت مصادر في الرئاسة التركية أن الزعيمين بحثا «الفيتو» الأميركي في مجلس الأمن ضد مشروع القرار العربي. وأضافت أنهما اتفقا أيضاً على «ضرورة تجنب أي توتر جديد قد يعرض عملية السلام للخطر»، وأعربا عن قلقهما من التوتر الحاصل في المنطقة عقب القرار الأميركي. وشددا على ضرروة أن تدرك الحكومة الإسرائيلية أن «حل الدولتين هو الحل الأكثر عقلانية لعملية السلام في المنطقة». وكان الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن دان استخدام «الفيتو» الأميركي، ولفت إلى أن الجمعية العامة ستجتمع صباح غد للتصويت على قرار في شأن القدس. القاهرة تندد وفي القاهرة، قال الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد أن المجموعة العربية في الأممالمتحدة ستجتمع لتقويم الموقف وتحديد الخطوات المقبلة. وأوضحت مصادر مصرية ل «الحياة» ان مشاورات تجرى لتحديد موعد اجتماع المجموعة العربية على مستوى المندوبين في نيويورك وفي ضوء تلك المشاورات سيتم تأمين مواقف الدول الإسلامية ومجموعة عدم الانحياز». وتوقعت أن «تعقد الجمعية العامة في اليوم الثاني لاجتماع المجموعة العربية». وأكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط ان الدول العربية ستطلب من الجمعية العامة تمرير قرار «ملزم» يدين الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وتحدث عن «سبل متعددة يجري دراستها على الصعيدين الفلسطيني والعربي من أجل التعاطي مع التبعات السلبية للاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل». وعبر عن «بالغ استيائه» لاستخدام واشنطن حق النقض، منبهاً إلى أن هذا النهج «يتسبب بمزيد من العُزلة للولايات المتحدة. استخدام الفيتو في مواجهة 14 صوتاً يكشف عن تحدٍ صارخ لحالة واضحة وربما نادرة من الإجماع الدولي». وطالب الأمين العام لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احمد مجدلاني باستثمار فرصة الرفض الدولي للخطوة الأميركية، وبناء تحالفات دولية جديدة لرعاية عملية السلام. واعتبرت حركة «حماس» إن «الفيتو» الأميركي «يؤكد أن الرهان على الولاياتالمتحدة كوسيط نزيه كان رهاناً خاسراً ومضيعة للوقت». وأكدت أن «القدس هي العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، ولن يغير أي قرار أميركي أو إسرائيلي هذه الحقيقة الراسخة، والمس بوضعية القدس لا يمس الفلسطينيين فقط، بل ملايين العرب والمسلمين حول العالم بما تمثله هذه المدينة ومقدساتها من مكانة وقدسية». وتعهدت «العمل بكل الوسائل المتاحة لمقاومة هذه القرارات والإجراءات ولن تسمح بتمريرها». ودعت السلطة الفلسطينية إلى «انتهاز هذه الفرصة للتخلص من اتفاقات أوسلو المشؤومة، واعتبار المفاوضات جزءاً من الماضي، والتوقف فوراً عن التنسيق الأمني مع الاحتلال، والالتفات نحو ترتيب بيتنا الفلسطيني وإنجاز الوحدة والمصالحة». وشدد مسؤول المكتب الإعلامي لحركة «الجهاد» داوود شهاب على «ضرورة التخلي تماماً عن أوهام التسوية السياسية»، والانخراط «الواسع والجاد من القوى والفصائل كافة في الانتفاضة وإسنادها في شكل فعلي من خلال تبني إستراتيجية مواجهة وصمود تحميها وتعمل على تصعيد فعالياتها». وطالب بإلغاء «أوسلو وشطب الاعتراف بالكيان ووقف التنسيق الأمني مع العدو.