لم يعد العاملون في صناعة السياحة العالمية يتحدّثون الألمانية إلا جزئياً، فالنمسا تراجعت كوجهة سياحية مرتبتين مقارنة بما كانت عليه عام 2008، وباتت رابعة، في حين أُدرجت ثلاث دول عربية في قائمة الدول الخمسين الأولى للوجهات السياحية الرائدة، مثل البحرين وقطر وتونس. وعلى رغم ذلك، لاحظ «تقرير التنافسية في السفر والسياحة» الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أمس بالتعاون مع مؤسسة «بوز أند كومباني»، أن «الاتجاهات في القائمة تبيّن تراجع الوجهات التقليدية في شمال أفريقيا في التصنيف مثل تونس ومصر، فيما تواصل الدول الخليجية التقدم على مسرح السياحة والسفر العالمي، في ظلّ الاستثمارات الداعمة في تطوير الأطر التنظيمية وبيئة العمل والبنية التحتية، خصوصاً الموارد البشرية والثقافية والطبيعية لتتفوق على بلدان شمال أفريقيا». واحتلت مصر في القائمة الصادرة عشية افتتاح معرض «سوق السياحة والسفر» في دبي وقبيل معرض السياحة والسفر في برلين، المرتبة 75، فاقدة سبع مراتب على مدى السنوات الأربع الماضية. وفي المقابل، تقدمت البحرين ثماني مراتب منذ العام 2008، في حين ارتفعت سلطنة عُمان 15 (ترتيبها 61 خلال هذا العام). ولم يستبعد التقرير، أن «يكون للاضطرابات السياسية في دول في شمال أفريقيا وبلدان عربية تأثير سلبي على الوضع العام أقله في المدى القصير، إذ أُرجئ حدث سياحي كبير في البحرين كان مقرراً في آذار (مارس) الماضي، هو سباق ضمن بطولة العالم لسيارات «فورمولا واحد». لكن الشريك في «بوز أند كومباني» نبيه مارون، اكد أن «في إمكان الدول العربية تعويض ما فاتها بسرعة وفتح أسواقها لمزيد من الاستثمارات السياحية، في موازاة التركيز على تحسين بيئة العمل ككل، ما سيؤثر إيجاباً وفي شكل دائم على القدرة التنافسية للسياحة». ولفتت مصادر في قطاع الطيران، إلى أن بعض دول الخليج استفاد من حركة السياحة، لأن سياحاً عرباً وأجانب غيّروا وجهتهم من الدول العربية التي تشهد اضطرابات سياسية إليها. ولا تنكر شركات الطيران العربية بينها الشركات الخليجية، «تأثرها من الارتفاع القياسي لأسعار النفط هذا العام، على رغم تمكّنها من تعويض تراجع معدلات السفر الى الدول العربية التي تجتاحها اضطرابات سياسية، من خلال الإقبال الجيد من أسواق جديدة، وفق ما أعلن الرئيس التنفيذي لشركة «العربية» الإماراتية عادل علي في تصريح إلى «الحياة» عشية انطلاق «سوق السفر العربي». وتوقع أن «تتراجع أرباح شركات الطيران العربية هذا العام بمعدل النصف مقارنة بأرقام العام الماضي التي تجاوزت 700 مليون دولار». وعن حركة السياحة والسفر العالمية، أشار تقرير التنافسية، إلى أن ألمانيا «حققت مزيداً من التقدم بين ثلاثي الصدارة، وباتت ثانية وراء سويسرا متصدّرة ترتيب السياحة العالمية. وتبدو فرنسا واحدة من الفائزين في هذه الدراسة الطويلة المدى، ففي حين كانت هذه الوجهة الأوروبية الغربية في المرتبة العاشرة فقط عام 2008، تقدّمت حالياً إلى المركز الثالث في التصنيف العالمي في القائمة التي تضم 139 بلداً. ويركز التصنيف على الشروط الإطارية لصناعات السفر المعنية في مجالات مثل الصحة والسلامة والبنية التحتية ومستويات الأسعار، والمعروض الثقافي، وحماية البيئة والتنظيم التشريعي. وتميّزت ألمانيا في تقويم الاستثمارات الطويلة الأمد والمستمرة في مفاهيم السياحة المستدامة ومبادرات حماية البيئة. وتُعتبر الثروات الثقافية وتلك المتعلقة بالمناظر الطبيعية خصوصاً، مثل بحر فادن (الأراضي الطينية في بحر فادن التي أُدرجت في قائمة اليونيسكو للتراث العالمي منذ العام 2009)، أوراقاً مهمة في يد ألمانيا كوجهة سياحية. واعتبر التقرير، أن «الديناميكية في قطاع السياحة تبتعد من المناطق المعهودة مثل أوروبا وأميركا الشمالية، وتتجه نحو الشرق. ففي منطقة آسيا – المحيط الهادئ، ارتفع عدد السياح الدوليين من عام 2000 إلى عام 2010 مرتين تقريباً أسرع (85 في المئة) من المتوسط العالمي (39 في المئة). وتُعتبر الصين التي صنفتها منظمة السياحة العالمية العام الماضي، كالبلد الثالث لجهة وفود السياح إليها، محركاً أساسياً لنمو هذا الاتجاه.