وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الوضع الإنساني في الغوطة الشرقيةلدمشق بأنه بلغ «حداً حرجاً»، إذ يقبع أهلها المحاصرون بين العمليات القتالية والحرمان من أساسيات الحياة في الشتاء، فيما طالبت الخارجية الألمانية، النظام السوري بالإفساح في المجال أمام إدخال المساعدات الفورية إلى المنطقة المحاصرة، واتهمته باتباع سياسة «تجويع السكان» وعدم السماح بإجلاء المرضى المدنيين من المنطقة. وتشهد المنطقة قصفاً برياً متواصلاً من القوات النظامية منذ مساء الإثنين، ليرتفع عدد القذائف التي سقطت على البلدة إلى 32 على الأقل، تسببت في وقوع عدد من الجرحى. وأبدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان لها، تخوفها من احتدام القتال في الغوطة الشرقية، ما يلقي بتبعات جسيمة وغير مقبولة على الحياة فيها. وقال المدير الإقليمي في اللجنة الدولية لمنطقة الشرق الأوسط روبير مارديني، إن «الوضع الإنساني في الغوطة الشرقية بلغ حداً حرجاً، فكما حصل مراراً وتكراراً في سورية على مدى السنوات الست الأخيرة، يجد الناس العاديون أنفسهم عالقين في وضع تصبح الحياة فيه مستحيلةً تدريجياً، إذ تشح السلع والمساعدات». ويفيد العاملون في المجال الطبي في الميدان، بوجود مئات المرضى والجرحى المحرومين من الرعاية الطبية المنقذة للحياة، في حين تهدد برودة الطقس بتفاقم الوضع. وفي ظل أزمة الوقود الخانقة، يكاد الناس يعدمون سبل الحصول على التدفئة اللازمة، ما يعرض صحتهم للخطر. وأشار مارديني إلى أن «الناس الذين يعانون من أمراض مزمنة، والمصابين بإصابات خطيرة، يكافحون للحصول على الرعاية الطبية»، محذرًا من «استخدامهم رهائن للمفاوضات بين الأطراف المنخرطة في القتال». ودعا إلى «توفير الرعاية الطبية فوراً ومن دون إبطاء لكل من يحتاجون إليها بصرف النظر عن هويتهم». وشدّد على أن «سكان الغوطة الشرقية يواجهون عجزاً مخيفاً في الغذاء، إضافة إلى ارتفاع هائل في أسعار المواد الغذائية». ولفت مارديني إلى أن «بعض الأسر في الغوطة لا يملك سوى أن يقتات بوجبة واحدة في اليوم وهو وضع مأسوي ينتج منه اعتماد غالبية الناس في شكل كامل على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية». ودعت المنظمة الدولية كل الأطراف المتحاربة في سورية إلى التوصل إلى حل يضع المدنيين أولًا، ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية إلى السكان في شكل منتظم. وفي تقرير سابق للأمم المتحدة، أفادت فيه بأن عدد ضحايا الأمراض المستعصية ارتفع في الغوطة الشرقية إلى 15 حال وفاة. وتنتظر الأممالمتحدة موافقة النظام السوري، للسماح بإجلاء 500 حالة مرضية في شكل فوري من الغوطة لتقديم العلاج والعناية الطبية اللازمة لهم. وأشارت الخارجية الألمانية في بيان، إلى أنها «قلقة» إزاء تردّي الأوضاع الإنسانية في الغوطة الخاضعة لحصار خانق من قوات النظام السوري. ولفتت إلى أن «حوالى 400 ألف شخص يعيشون في الغوطة لم يتلقوا مساعدات إنسانية»، مضيفة أن «النظام السوري، على رغم المبادرات كافة، يرفض إخراج المدنيين الذين يحتاجون إلى العلاج والمساعدات الطبية من الغوطة الشرقية». واتهمت ألمانيا النظام السوري «باتباع سياسة تجويع السكان في الغوطة بدل مساعدتهم، والقيام بعمليات قصف على المستشفيات والمدارس في شكل يومي». من جهة أخرى، عاد القصف البري أمس، ليخرق هدوء الغوطة الشرقية، إذ رصد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» قصفاً من القوات النظامية بخمس قذائف مدفعية، سقطت على مناطق في بلدة عين ترما التي يسيطر عليها «فيلق الرحمن»، ليرتفع عدد القذائف التي استهدفت الغوطة إلى 32 على الأقل خلال الساعات ال24 الماضية، والتي تسببت في وقوع إصابات عدة. ووثق «المرصد السوري» مقتل 211 مدنياً في غوطة دمشقالشرقية، بينهم 49 طفلاً دون ال18 سنة، و25 سيّدة و4 من عناصر الدفاع المدني، منذ 14 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وصولاً إلى 18 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.