ذاع صيت حملة «نقي بلادك» في الجزائر. وتحولت الحملة الصغيرة التي بدأت بحديقة في منطقة الأبيار في قلب العاصمة الجزائر إلى مشروع وطني تبناه الشباب الذين يريدون أن يمسحوا عن وجوه مدنهم الأتربة والغبار والنفايات. أما الفضل الأول فيعود طبعاً ل «فايسبوك». ولم تولد هذه الحملة من العدم، بل هي حلقة في سلسلة طويلة من العمل التطوعي بدأها زهواني مولدي رئيس مجموعة «الدنيا بخير» مع الأطفال المرضى والمسنين لتتحول بعد دخوله الجامعة إلى اهتمام جدي بالطبيعة والمحيط الذي يعيش فيه مطلقاً على الحملة الأخيرة «نقي بلادك». وقال زهواني إن الفكرة جاءت إثر تجاذب حديث بينه وبين بعض أصدقائه حول حالة المحيط والشوارع وضعف اهتمام الناس بها، فقرروا تنظيف حديقة في منطقة الأبيار وسط العاصمة ولم يكن عددهم حينها يتجاوز ثلاثين شاباً. النتيجة المبهرة شجعت الجميع على الاستمرار وتمديد نشاطهم إلى مناطق وأحياء أخرى. ولقي الشباب دعماً مادياً من منتج معروف للعصير في الجزائر وهو ما سمح بتنظيم حملة تنظيف كبيرة لحي القصبة العتيق ابتداء من ساحة الشهداء وسط العاصمة، شارك فيها 130 شاباً بعضهم جاء استجابة للنداء الذي أطلقته مجموعة «الدنيا بخير» على فايسبوك. ووزعوا قمصاناً عليها اسم الحملة لتشجيع الناس على المشاركة فكانت المفاجأة أن توافد عدد كبير من سكان الحي أطفالاً وكباراً لمساعدتهم كما وجدوا دعماً من السلطات الأمنية التي أرسلت معهم دورية لتسهيل مهمتهم. وتقوم المجموعة أيضاً بأعمال توعية للمواطنين والشباب «لأن ذلك يساعد على توعية الناس بأهمية المحيط النظيف، وإذا نجحت في إحداث الوعي فقد كسبت صديقاً للبيئة، حتى وإن لم يساهم في التنظيف، فهو لا يشارك في التلويث، وهو ما يضمن ديمومة العمل الذي نقوم به وجدواه» كما يقول مولدي. ويشرح الشاب أن عمليات التوعية هذه عادة ما تترافق وعملية التنقية التي يقوم بها المتطوعون وتتجه للمواطنين المقيمين في المنطقة. وتضم مجموعة «الدنيا بخير» سبعين شاباً، منهم الطلاب والعاطلون من العمل والعمال فيما سمح «فايسبوك» بتعزيزها بحوالى 4000 صديق جديد بعضهم يستجيب لنداءات التطوع في حملات التنظيف. واتصل شباب آخرون من ولايات جزائرية مختلفة يطلبون إنشاء فروع لمجموعة «الدنيا بخير» في ولايتهم لبدء حملة «نقي بلادك» وعليه يتوقع أصحاب الفكرة أن تعطي فكرتهم ثمارها. وبالفعل أطلق شباب من وهران غرب الجزائر حملتهم «نقي وهران» في انتظار التحاق بقية الولايات وإعلانها عن حملات خاصة بها، فنسمع ب «نقي قسنطينة»، و «نقي عنابة»، و «نقي مستغانم». أما المشاريع فكثيرة، يقول مولدي، منها توسيع الحملة إلى مناطق أخرى وتنظيم حملات للتشجير سعياً لتعزيز الوجه الأخضر للجزائر، إضافة إلى الانتقال بالحملة نحو الشواطئ والصحراء حيث يعتزم هؤلاء الشباب بدء حملة تنظيف في ولايتي حاسي مسعود وتيميمون الجنوبيتين على اعتبار أنهما من المدن السياحية الكبرى. وإذا كان عضوان من المجموعة مقيمين في فرنسا هما من أطلقا عنوان «نقي بلادك» على حملات التنظيف فإن مولدي هو من أطلق على مجموعة الناشطين التي يرأسها اسم «دنيا بخير». وبالتبعية فإن المنتمين إلى مجموعته التي ينتظر أن تتحول قريباً إلى جمعية معتمدة يسمون «ناس الخير». ويحرص هؤلاء أيضاً على تنفيذ مشروع آخر لا يقل أهمية عن نقي بلادك يدعى «دير الخير» ويتمثل في مساعدات مختلفة تقدم للفئات الهشة والمحرومة مثل تنظيم رحلات وحفلات للأطفال المرضى وتقديم هدايا لهم، ومساعدة المسنين والنساء من ضحايا العنف وغيرهم. ويذكر أن الجزائر وضعت ألف مخطط لتصريف النفايات عبر بلدياتها المختلفة وأعلنت الحكومة عن إنشاء 48 مؤسسة عمومية عبر الولايات لتشغيل مراكز ردم النفايات المتواجدة حتى الآن في 5 ولايات نموذجية، إضافة إلى إنشاء محطات لمراقبة البيئة. وتهدف الجزائر مبدئياً من خلال مشاريعها إلى دفن 25 مليون طن من النفايات سنوياً في أراض خضراء على مساحة 30 هكتاراً. كما خصصت الحكومة 400 مليون دينار (4 ملايين يورو) لبرنامج الجزائرالبيضاء الذي يهدف إلى تنظيف وتحسين مظهر المقاطعات، إلا أن الملايين وحدها لا تكفي إذا لم يتدخل المجتمع المدني والمواطن لحماية البيئة التي يعيش فيها.