شكّلت تفاعلات «الملتقى الاعلامي العربي الثامن» الذي احتضنته الكويت أخيراً خطوة عربية أولى من نوعها تواكب نبض التحولات التي تشهدها المنطقة العربية حالياً، في ظل «ثورات « شعبية في مواقع عدة. وفرضت المتغيرات وثورة الاتصالات، عبر «فايسبوك» و»تويتر» ودور الفضائيات في تغطية الثورات العربية، حضوراً حيوياً في المناقشات التي لم تخل من سخونة في أجواء اتسمت بالحرية في طرح الآراء. ورفع المنتدى الاعلامي العربي الذي يرأسه الاعلامي الكويتي ماضي الخميس في دورته لهذا العام شعار «الإعلام وقضايا المجتمع». رئيس الوزراء الكويتي الشيخ ناصر الأحمد الجابر الصباح رعى الملتقى الذي افتتحه وزير النفط ووزير الإعلام الشيخ أحمد العبدالله الجابر الصباح، في مؤشر الى دعم حكومي كويتي لحرية الإعلام. واختار الملتقى هذا العام السعودية ضيف شرف، وسجل وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة حضوراً ومشاركة في الندوات، ووصف الملتقى بأنه «أصبح سجلاً متميزاً للتحاور حول مسائل مهمة في الإعلام، فلسفة وصناعة ومشكلات ومناهج». وفي خطوتين لافتتين جسدتا التفاعل مع أحداث الساعة نظم الملتقى جلسات حوار مع شباب من دول عربية عبّروا من خلالها عن رؤاهم في شأن قضايا الإصلاح، كما خاطب الحاضرين رئيس إدارة الأزمة في المجلس الانتقالي الليبي (رئيس وزراء الثوار) الدكتور محمود جبريل وتحدث عن تطلعات الشعب الليبي وسعيه الى الحرية والديموقراطية. النقاش في الملتقى الذي عقد بين 23 و26 نيسان (أبريل )، اتسم بالشفافية والجرأة وجرى تبادل الأراء حول عناوين شملت «الإعلام وحوار الحضارات» و»مسيرة الإعلام في السعودية» و»اتجاهات التغطية الإعلامية للثورات العربية» و»الاعلام والمتغيرات العربية» و»الاعلام وقضايا المجتمع» و»ثورة الاعلام وإعلام الثورات» و»تحديات صناعة البرامج التلفزيونية» و»الإعلام الالكتروني... قوة التأثير والتغيير» و»التنمية والاستثمار في الإعلام والثقافة والمعلوماتية « و»ماذا قدم الإعلام العربي». ولفت الخميس الى وجود مشاركة شخصية من كل الدول العربية في دورة هذا العام. وخصص يوم كامل للشباب لإجراء حوار حول دورهم وشبكات التواصل الاجتماعي و»ماذا يريد الشباب». ووصف حوار الشباب بأنه «متميز وجرى في أجواء حرة». واعتبر الخميس ان «الأحداث العربية أثرت علينا سواء في وضع جدول أعمال الملتقى أم اختيار الضيوف، إذ لم يكن ممكناً عقد دورة هذا العام من دون مناقشة المتغيرات العربية، وهذا الملتقى أول ملتقى عربي يناقش المستجدات والمتغيرات العربية». ورأى ان الرسالة التي وجهّها الملتقى تكمن في ان الاعلام أصبح مؤثراً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ولا بد من أن يضطلع بدوره الحقيقي، كما أصبح الإعلام صناعة وعلينا كعرب أن لا نكون مستهلكين للإعلام بل مشاركون في صناعته. الرسالة الثانية التي عبّر عنها الملتقى الإعلامي العربي وفقاً للخميس تتمثل في أن الشباب أثبت أنه صاحب الكلمة الفصل ولا بد من الاهتمام به، إضافة الى ضرورة الاهتمام بالاعلام الحديث وشبكات التواصل الاجتماعي التي تلعب دوراً استراتيجيا في العملية الاعلامية. ورأى في هذا الصدد أهمية أن تنتبه الحكومات (العربية) الى ضرورة رفع القيود عن الإعلام، لأن التجارب اثبتت أن الوصاية عليه تيسيء الى الحكومة بل تهددها أكثر، ويجب أن يمنح الإعلام الثقة والحرية. وفيما لفت الى أن الملتقى الاعلامي العربي هو هيئة خاصة (مستقلة) غير حكومية تسعى الى تعزيز دور الإعلام في التنمية والتطور، نوّه بدور الكويت في دعم الحرية الإعلامية. وقال رداً على سؤال عن الدور الحكومي الكويتي في اتاحة فرص النقاش الحر داخل الملتقى: «إن دور الكويت رائد من خلال أجواء الحرية التي توفرها لمناقشة القضايا. فلا أحد يتدخل، ولا أحد يفرض علينا أسماء المشاركين من الإعلاميين، ولا يتدخل أحد لفرض محاور النقاش، فأجواء الحرية الإيجابية من أهم عومل نجاح الملتقى». توصيات الملتقى الإعلامي العربي نوّهت بدور البلد المضيف و»دعم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي ساند الملتقى الاعلامي ودعمه في بداية تأسيسه قبل ست سنوات»، وشددت على أهمية التعاطي اعلامياً مع الأحداث والمتغيرات وفق مهنية تعلي من شأن الشفافية والموضوعية، في إطار من الأداء المهني الذي يعزز طموحات الشعوب والأمم». وفيما دعت التوصيات الإعلاميين العرب والمؤسسات الإعلامية العربية الى الاعتماد على شفافية الإعلام الجديد كأحد مصادر القوة الناعمة للمجتمعات وكذلك في العلاقات الدولية، حضّت المشاركين على إبراز الدور الجديد للمواطن كشريك في التنمية. وفي شأن التغطية الاعلامية للثورات العربية والمتغيرات السياسية، أكدت التوصيات على ضرورة عدم اللجوء الى التعتيم على الأحداث والتركيز على مبادئ التوازن والحيدة والموضوعية والالتزام بالمعايير المهنية في تقديم الحدث والتعليق عليه. ونبّهت التوصيات أيضاً الى مخاطر انزلاق التغطيات والمواد الاعلامية التي من شأنها نشر بذور الفتن الطائفية والمذهبية والقبلية وغيرها من أشكال التمييز الاجتماعي. قضية «شاهد العيان» الذي يتحدث للفضائيات من مواقع الثورات العربية أثارت جدالاً، وأكدت التوصيات على مراعاة المبادئ المهنية والتقديرات الموضوعية والمتوازنة لدى تقديم شهود العيان واستخدام شهاداتهم في التغطية الاعلامية، وذلك بالتوازي مع الاهتمام بمساحة تغطية المراسل الميداني. ثورات الشباب العربي حصلت على دعم الملتقى الذي حضّ على تقديم خطاب إعلامي جديد قوامه حرية التعبير. وفي هذا السياق، شددت التوصيات على أهمية دور الاعلام في دعم القضية الفلسطينية وحوار الحضارات وتعزيز الموقف المناهض للارهاب ودعم دور الحكومات والمجتمع المدني في تحقيق التنمية الانسانية. وقال الخميس ل»الحياة» ان الملتقى الاعلامي التاسع سيعقد في فلسطين.