على وقع الزيارة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة الأسبوع الماضي، تذكّر المصريون الأغنية الشهيرة التي كتبها أحمد فؤاد نجم وغناها الشيخ إمام، وذاع صيتها كلما فاجأت أميركا العرب ب «مقلب» جديد، ويقول مطلعها: «شرّفت يا نيكسون بابا، يا بتاع الووترغيت». فالزيارة التي قام بها نيكسون عام 1974 أطلقت آمالاً كبيرة لرواج اقتصادي كبير، لكن المصريين فوجئوا بعدها أنهم عاشوا وهماً كبيراً. وإن كانت الحال تبدلت والمواقف تغيرت، إلا أن الهاجس ظل قائماً بعد زيارة بوتين القاهرة في خصوص السياحة في مصر التي مثّلت أهم مورد للعملة الأجنبية حتى عام 2010، وبلغت إيراداتها أكثر من 11 بليون دولار، ثم تراجعت إلى أقل من 3.5 بليون عام 2016 بعد قرار روسيا وقف الطيران إلى مصر في تشرين الأول (أكتوبر) 2015 إثر سقوط طائرة فوق شبه جزيرة سيناء ومقتل أكثر من 220 من ركابها وطاقمها. ومنذئذ، ظل المصريون يستغربون تأخر عودة حركة الطيران، كونهم يرون في بوتين حليفاً لمصر وتربطه علاقات قوية بالرئيس عبدالفتاح السيسي، وخشوا أن يضطروا إلى تأليف أغنية جديدة ل «بتاع الكرملين». ومع توقيع اتفاق مصري- روسي لاستئناف حركة الطيران بين القاهرةوموسكو في شباط (فبراير) المقبل، بدأت موجة تفاؤل في الأوساط المصرية بعودة السياحة إلى سابق عهدها، لكن يبدو أن «بوتين بابا» لن يُريح المصريين بسهولة لأن البلدين اتفقا على إرجاء استئناف الطيران إلى المدن السياحية إلى جولة محادثات جديدة تعقد في نيسان (أبريل) المقبل لوضع آلية تسيير الطيران إلى المنتجعات المصرية. وكان الروس يتصدرون لائحة السياح سابقاً ب3.1 مليون سائح سنوياً، لكن أعدادهم انخفضت إلى نحو 70 ألفاً فقط خلال الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضيين، إذ إنهم سيعودون إلى مصر لكن ليس سياحاً. في هذا الخصوص، قالت رئيس قطاع السياحة الدولية في هيئة تنشيط السياحة الحكومية نهاد جمال الدين ل «الحياة»: «إن المعنى الحقيقي لعودة السياح الروس هو استئناف الطيران العارض إلى مطارات شرم الشيخ والغردقة، خصوصاً أن البروتوكول الذي وُقع لم يسمح باستئناف الطيران العارض، لذا لن يكون له تأثير كبير على تدفق السياح». البروتوكول الذي وقعته موسكووالقاهرة سيستفيد منه بداية مشجعو الكرة المصريين الذين سيسافرون إلى روسيا لمؤازرة منتخب بلدهم في «مونديال» روسيا منتصف العام المقبل. أما ملف السياح الروس، فأرجئ إلى منتصف العام المقبل على أقل تقدير، إذ قال مسؤول في وزارة الطيران المدني ل «الحياة» إن «استئناف الطيران إلى الأماكن السياحية سيُوقع في بروتوكول ثانٍ خاص به بين مصر وروسيا، وسيُتفق على بنوده منتصف العام المقبل»، لافتاً إلى أن الروس «أعلنوا منذ البداية أن استئناف الطيران سيكون على مراحل»، وأن «عدم استئناف الطيران إلى المنتجعات السياحية لا علاقة له بالشأن الأمني». ولا يرى عضو غرفة شركات السياحة عاطف عجلان في عودة الطيران إلى القاهرة، تغييراً في ملف السياحة. وقال ل «الحياة»: «عدد السياح الروس لن يتخطى على أقصى تقدير 150 ألفاً في السنة لو استمر توقف الطيران إلى المنتجعات السياحية، لأن تسيير الرحلات إلى المنتجعات السياحية عبر مطار القاهرة سيكون مكلفاً جداً ومُرهقاً للسائح... لذلك لا يمكن الحديث عن عودة السياحة من دون استئناف الطيران العارض إلى هذه المنتجعات».