تفاقمت أزمة الأسمنت في المنطقة الغربية، خصوصاً في مدينة جدة، وشهدت الأسواق شحاً غير مسبوق، ما دفع عديداً من المواطنين إلى تسجيل أسمائهم في قوائم انتظار طويلة على أمل الحصول على 20 كيساً للشخص الواحد، وسط تحذيرات من حدوث شلل في المشاريع الحكومية خلال الأشهر الخمسة المقبلة، إن لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة وناجعة لحل الأزمة.ورصدت «الحياة» في جولة على سوق الأسمنت في جدة نقصاً كبيراً في المعروض، وعدم وجود أسمنت لدى كثير من الموزعين والتجار، فيما دعا تجار إلى فتح باب استيراد الأسمنت، خصوصاً مع الطفرة العقارية المتوقعة بعد الأوامر الملكية الأخيرة التي ستدعم سوق العقار. وقال زكي محمد تاجر أسمنت، إن الشاحنات التي تأتي للسوق قليلة جداً، إذ تضطر الناقلات أحياناً للانتظار أمام مصانع الأسمنت لأيام عدة، مشيراً إلى أنه ترافق مع ذلك ارتفاع ملحوظ للطلب على الأسمنت من المواطنين خلال الفترة الماضية، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار. وتحدث مواطنون يبحثون عن الأسمنت عن اضطرارهم إلى تسجيل أسمائهم في قوائم انتظار طويلة حتى يتمكنوا من الحصول على الأسمنت. وقال المواطن خلف الشمراني: «سجلت اسمي في قائمة الانتظار، حتى أحصل على 20 كيس أسمنت. هناك أزمة تمثلت في صعوبة الحصول على الأسمنت وخلو السوق في أحيان كثيرة من الأسمنت». كما شهدت أسواق الأسمنت في مدينتي الباحة والعقيق في منطقة الباحة نقصاً كبيراً في المعروض من الأسمنت. وذكر المواطن علي الرفاعي: «ذهبت إلى سوق الأسمنت من أجل شراء بعض أكياس الأسمنت، إلا أنني فوجئت بأن الناقلة الوحيدة المحملة بأكياس الأسمنت بيعت بعد دقيقة واحدة من توقفها لشخص اشترى حمولتها كاملة والبالغة 400 كيس أسمنت، في مقابل 18 ريالاً للكيس الواحد، وانتظرت بعدها لساعات ولكن من دون جدوى»، مطالباً بأن تتم مراقبة السوق من وزارة التجارة للحفاظ على مستوى الأسعار والكميات المباعة لكل شخص. من ناحيته، أوضح أحد تجار مواد البناء في جدة عبدالرحمن السهلي، أنه «حان الوقت من أجل تحرك وزارة التجارة لكبح جماح السوق السوداء التي يرى أن العمالة الوافدة هي السبب في وجودها»، مشيراً إلى أن المصانع كان لها دور في حدوث الأزمة، بسبب تقليص الإنتاج في مثل هذه الأوقات التي وصفها ب«الحرجة» نظراً للطلب المتنامي على الأسمنت في المملكة. وطالب بأن تشمل رقابة وزارة التجارة مصانع الأسمنت في السعودية، مع ضرورة تحديد نقاط توزيع للأسمنت تكون مراقبة من الوزارة. وفي السياق نفسه، أكد المقاول نزار جمجوم أن المشاريع الحكومية بحاجة إلى كميات كبيرة من الأسمنت، مشيراً إلى أن المقاولين الكبار يأخذون حاجاتهم مباشرة من المصانع، وتكون الأولوية لهم، في حين يحصل الناس على حاجاتهم من الأسمنت من مواقع البيع وليس من المصانع.غير أن جمجوم رفض ما تردد بأن المصانع سبب في الأزمة نظراً لقيام ثلاثة مصانع بعملية الصيانة في السعودية في وقت واحد، ما تسبب في خفض إنتاج تلك المصانع بما يراوح بين 25 و50 في المئة. ولفت إلى أن المشاريع الحكومية لن تتأثر لارتباطها المباشر بمصانع الأسمنت ومصانع الخرسانة الجاهزة، مقترحاً أن يتم تشديد الرقابة على التجار والمستودعات والمصانع على حد سواء. وحذر من أن الطفرة العقارية المتوقعة، خصوصاً بعد الأوامر الملكية الخاصة بالعقارات ستتسبب في حدوث أزمة كبيرة، متوقعاً حصول تلك الأزمة بعد ستة أشهر، خصوصاً بعد الانتهاء من الرهن العقاري، وأن يصل سعر كيس الأسمنت إلى 20 ريالاً، لافتاً إلى أن السوق السعودية بحاجة إلى فتح باب استيراد الأسمنت.