واشنطن، لندن، سنغافورة - رويترز، أ ف ب - هوى الدولار أمام سلة عملات إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات أمس، بعدما أعلن مجلس الاحتياط الفيديرالي الأميركي (البنك المركزي) إبقاء معدل الفائدة من دون تغيير، مؤكداً عزمه على الاستمرار في تقديم أقصى الدعم للاقتصاد الأميركي حتى نهاية حزيران (يونيو)، في حين لم يبد رئيسه بن برنانكي أي نية في قطع الاعتمادات في شكل سريع بعد هذا التاريخ. وأعلنت لجنة السياسة النقدية في اختتام اجتماع استمر يومين في واشنطن، أن «المركزي» يعتزم الاستمرار لفترة طويلة في الحفاظ على معدل الفائدة الرئيس ضمن هامش صفر الى 0,25 في المئة المحدد له منذ كانون الأول (ديسمبر) 2008، مؤكدة «تصميمه على المضي في البرنامج الذي أعلنه في تشرين الثاني (نوفمبر) والقاضي بإعادة شراء سندات خزينة بقيمة 600 بليون دولار حتى نهاية حزيران». وفي سابقة في تاريخ مجلس الاحتياط، عقد برنانكي مؤتمراً صحافياً في اختتام الاجتماع، على غرار ما يقوم به بانتظام رؤساء المصارف المركزية الكبرى الأخرى في العالم. وتعتبر هذه البادرة بمثابة «ثورة صغيرة» في مجال الاتصال والشفافية من جانب مؤسسة ظلّت حتى عام 1994 تمتنع عن كشف أية معلومات حول ما يتقرر في إطار لجنة السياسة النقدية. وأخذت اللجنة علماً بالصعوبات التي واجهها الاقتصاد الأميركي في الفصل الأول من العام الحالي، فخفضت توقعاتها للنمو خلاله، مرجّحة أن يكون أدنى من نسبة 2,9 في المئة التي سجلت عام 2010. وفيما أبدت تفاؤلاً أكبر قليلاً بالنسبة إلى تطور البطالة، شدد برنانكي خلال مؤتمره الصحافي القصير الذي استغرق خمسين دقيقة، على أن سوق العمل «ليست في حالة جيدة، هذا واضح». وأشار مراراً إلى أن الأمور تتحسن «ببطء»، مؤكداً أن «قادة الاحتياط الفيديرالي ما زالوا يسعون الى التثبت من أن (الانتعاش المسجل) قابل للاستمرار». وأضاف: «لا أدري بالضبط كم من الوقت سيستغرق الأمر قبل أن تبدأ عملية التشديد النقدي». وإن كانت التوجهات التضخمية تبعد احتمال إطلاق برنامج جديد لإعادة شراء سندات خزينة في فترة ما بعد 30 حزيران، إلا أن برنانكي لم يستبعد في أي لحظة هذا الاحتمال. فاعتماد سياسة نقدية مرنة يؤدي نظرياً الى تفعيل النشاط الاقتصادي، إنما كذلك التضخم، في حين أن السياسة المتشددة التي تترافق مع معدلات فائدة مرتفعة تميل أكثر إلى احتواء ارتفاع الأسعار. غير أن المجلس يعتبر أن في وسعه الاستمرار في دعم الاقتصاد في شكل كامل على رغم الضغوط التضخمية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط والمواد الأولية، إذ يرى أن انعكاس ارتفاع أسعار النفط على الأسعار سيكون عابراً». ويهدف برنامج إعادة شراء سندات خزينة إلى الحفاظ على معدلات الفائدة على المدى البعيد في أدنى مستويات ممكنة، فيما تبقى على المدى القريب مثبتة عند الحد الأدنى من خلال إبقاء «الاحتياط الفيديرالي» معدل الفائدة الرئيسة قريباً من الصفر. كما يسعى إلى خفض تكلفة القروض لتشجيع الأسر على الاستهلاك، والشركات على الاستثمار من أجل دعم النشاط الاقتصادي والتوظيف، وصولاً إلى الدخول في «حلقة نمو مثمرة» وفق تعبير علماء الاقتصاد. ومن المقرر أن يعقد برنانكي أربعة مؤتمرات صحافية في السنة إثر اجتماعات لجنة السياسة النقدية. وتراجع مؤشر الدولار الى أدنى مستوى في ثلاث سنوات، في حين يبدو اليورو في طريقه لبلوغ مستوى 1.50 دولار، بعدما أشار مجلس الاحتياط إلى أن الفائدة ستظل منخفضة لفترة. وهبط المؤشر الذي يقيس قيمة العملة الأميركية أمام سلة عملات، إلى أدنى مستوى في ثلاث سنوات عند 72.871 قبل أن يتعافى إلى 73.062 بانخفاض 0.6 في المئة خلال اليوم. وتراجع الدولار على نطاق واسع إذ سجل الدولار الأسترالي أعلى مستوى في 29 سنة فوق 1.0900 دولار، ويبدو في طريقه الى اختراق مستوى 1.10 دولار، بينما قفز كل من اليورو والجنيه الاسترليني إلى أعلى مستوى في 17 شهراً. لكن اليورو توقف قرب 1.4900 دولار، ورجح متعاملون أن يواجه مقاومة شديدة لدى اقترابه من 1.50 دولار. وسجل أعلى مستوى في 17 شهراً عند 1.4882 دولار على منصة التداول الإلكتروني (إي بي إس) قبل أن يجرى تداوله في أحدث المعاملات مرتفعاً 0.4 في المئة عند 1.4840 دولار مع توقعات بأن يلقى مقاومة فنية عند أعلى مستوى سجله في السابع من كانون الأول (ديسمبر) والبالغ 1.4905 دولار. وقفز الاسترليني الى أعلى مستوى في 17 شهراً عند 1.6747 دولار وجرى تداوله في أحدث المعاملات مرتفعاً 0.35 في المئة عند 1.6684 دولار. وانخفض الدولار 0.7 في المئة إلى 81.66 ين بينما تراجع اليورو 0.2 في المئة أمام العملة اليابانية إلى 121.21 ين. وارتفعت أسعار الذهب إلى مستويات قياسية أمس، وقفزت العقود الآجلة للفضة الأميركية مدعومة بانخفاض الدولار، صوب أدنى مستوى في ثلاث سنوات بعدما بدا أن الولاياتالمتحدة ستبقي على سياستها النقدية الميسرة. وسجلت أونصة الذهب في السوق الفورية أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 1532.91 دولار، محطمة أرقاماً قياسية للجلسة الثانية على التوالي حين بلغ سعرها 1529.31 دولار بارتفاع 0.2 في المئة. وبلغت العقود الآجلة للذهب الأميركي أيضاً أعلى مستوى على الإطلاق عند 1534 دولاراً للأونصة، ثم قلصت مكاسبها إلى 1530.20 دولار. وشكل ضعف الدولار محركاً رئيساً لموجة الأرقام القياسية المرتفعة التي حققها الذهب في الأسابيع الأخيرة، فضلاً عن المخاوف في شأن الأزمة المستمرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والاستقرار المالي في منطقة اليورو وارتفاع التضخم العالمي. وارتفعت الفضة في السوق الفورية 0.7 في المئة إلى 48.07 دولار للأونصة، مواصلة موجة الصعود التي بلغت ستة في المئة في الجلسة السابقة. وقفزت العقود الأميركية الآجلة 6 في المئة إلى 48.75 دولار في أوائل التعاملات. وتراجع سعر البلاتين 0.24 في المئة إلى 1815 دولاراً للأونصة، بينما ارتفع البلاديوم 0.3 في المئة إلى 765.72 دولار للأونصة.