عرض الرئيس اللبناني ميشال سليمان، في بعبدا امس، مع رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» الرئيس امين الجميل التطورات السياسية على الساحة الداخلية. والتقى سليمان السفير القطري لدى لبنان سعد المهندي، وذكر بيان صادر عن المكتب الاعلامي في القصر الجمهوري، ان البحث تركز على «العلاقات بين البلدين، ونقل المهندي تحيات أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى رئيس الجمهورية الذي حمّله بدوره تحياته الى الأمير وتمنياته بالازدهار والاستقرار لقطر». وزار القصر الجمهوري صباحاً وفد اغترابي لبناني الاصل من جمهورية الدومينيكان حيث يفوق عدد المغتربين هناك مئة وخمسين ألفاً. وقال الناطق باسم الوفد «ان الزيارة للوطن الأم جاءت بعد صدور قرار إلغاء التأشيرة للبنان»، لافتاً الى «استمرار تعلق المغتربين بالوطن والسعي الى استعادة الجنسية اللبنانية». هواجس الجميل وكان الجميل عبر عن «هواجس متفاقمة في ظل هذا الظرف الخطير جداً على المستويين المحلي والإقليمي»، وقال في حديث الى موقع «ناو ليبانون» الاخباري الالكتروني إنه «وفيما المنطقة تمر بصورة عامة، ولبنان بصورة خاصة، في ظروف دراماتيكية، لا يزال اللبنانيون آخر من يدرك خطورة كل هذه الأوضاع، لا سيما في ظل ما نشهده من تطورات إقليمية متفجرة تعصف بالمنطقة العربية وصولاً الى سورية في الفترة الأخيرة»، واصفاً «الفراغ» الذي تشهده الساحة اللبنانية بأنه «فراغ مُرعب في الحسّ بالمسؤولية تجاه تسيير الدولة ومؤسساتها، ما يشكل مصدر قلق على لبنان». واذ لفت الجميل إلى أن «من غير المعلوم في أي اتجاه سترسو الأوضاع في المنطقة على أثر ما تشهده من ثورات»، نبّه إلى أنّه «سيكون لهذه الثورات تأثير على الواقع اللبناني، نظراً الى كون لبنان في خضم ما نراه من تفاعلات وتطورات، يشكل مختبراً للكثير من الأفكار العقائدية والسياسية ولتجارب معينة لها علاقة بالأنظمة، ما يجعل الساحة اللبنانية غير محصّنة على الإطلاق أمام هذه التطورات». ودعا، من منطلق هذه المخاوف والهواجس، المسؤولين اللبنانيين إلى «اتخاذ اجراءات إنقاذية سريعة تحصّن موقع لبنان وسط نزاعات الأنظمة والمحاور في المنطقة». وشدد على أنه «أصبح ملحاً جداً إعلان لبنان عدم انحيازه إلى هذا المحور او ذاك كي يبقى بمنأى عن الصراعات التي لا تعنيه والتي هي أكبر منه»، محذراً في المقابل من أنّ «انخراط لبنان في هذه الصراعات يعني خرابه على قاعدة المثل القائل: «منروح بدعس الخيل» في ما لو تورط لبنان في أي من محاور «صراع الجبابرة» الذين يتنازعون على الساحة الشرق أوسطية». وأضاف: «سبق لنا أن طرحنا الحياد، وإذا كانت عبارة «حياد» تزعج البعض، فلنعتمد على الأقل مبدأ «عدم الانحياز» بحيث تكون هذه المقاربة عقيدة وطنية تخدم كل الأطراف والأضداد بمن فيهم «حزب الله». وأكد أن «المرحلة المقبلة على لبنان تقتضي تشكيل حكومته استناداً إلى هذا المنطق، فالكلام عن عقيدة «عدم الانحياز» لا بد من أن تجسده الحكومة اللبنانية المقبلة بالاستناد إلى تجارب التاريخ اللبناني الحديث». وذكّر الجميل بأنّ «اللبنانيين عمدوا في ظل ظروف مماثلة إلى تشكيل حكومات كان كل منها بمثابة هيئة انقاذ وطني»، لافتاً إلى أنّ هذا ما حصل في عهده، وقبلها في عهدي الرئيسين فؤاد شهاب وسليمان فرنجية، ونبّه إلى أن أي «مقاربة مختلفة اليوم لهذا التوجه ستشكل خطأ كبيراً، نظراً الى كون أي حكومة من لون واحد مفروضة على الناس لن يكون بمقدورها أن تعمّر». وشدد على كون «رئيس الجمهورية هو المؤتمن على الدستور ولا يمكن الاستخفاف بصلاحياته أو بمقدرته على التحرك في ظل الظرف الخطير جداً على المستويين اللبناني والاقليمي»، لافتاً إلى أنّه «وفيما المنطقة تمر بمرحلة من الانفجار، يرزح لبنان في دائرة الفراغ، ولذلك على الرئيس سليمان، بالتعاون مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري والرئيس المكلف نجيب ميقاتي ومع القيادات اللبنانية الفاعلة، أن يقترح حلاً يضع كل الناس أمام الأمر الواقع ويطرح المخاطر المحدقة بالوطن والكيان والنظام». وإذ اشار الجميل إلى أن «الأكثرية النيابية الجديدة في مأزق»، رأى في ما يقترحه «فرصة إنقاذ لجميع اللبنانيين»، وقال: «هذه الاقتراحات ليست محط إجماع لدى فريقنا السياسي أو لدى الفريق الآخر، إلا أنّ الإنسان لا يستطيع أن يبقى أسير مواقف جامدة».