اعتبر الرئيس اللبناني ميشال سليمان أن «المنطقة تمر بمرحلة مفصلية وكتابة تاريخ جديد لها»، لافتاً إلى أن «إذا استطاع اللبنانيون الحفاظ على وضعهم الآمن والمستقر يكونون بذلك اجتازوا مسافة كبيرة نحو الاستقرار الذي لا خشية معه على البلد ومؤسساته». وكرر خلال استقباله وفود قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة والجمارك زارته للتهنئة بالأعياد، «أهمية التقيد بإعلان بعبدا ووجوب أن يتبصر اللبنانيون بعمق في ما يحصل حولهم وفي المنطقة وأن يكون الحياد هو السبيل الوحيد لمنع ارتدادات ما يحصل وانعكاساته في المحيط علينا»، متمنياً في الوقت نفسه «الاستقرار لدول المنطقة وشعوبها وفي طليعتها سورية». وإذ أشاد سليمان «بالجهود التي تبذلها القيادات العسكرية والأمنية»، شدد على أن «تبقى على جاهزيتها واستعدادها للتدخل عند أي مشكلة»، طالباً إلى المسؤولين عن هذه الأجهزة بث روح الوحدة والوطنية والمسؤولية». ونقل زوار الرئيس سلمان عنه أنه يفكر في بدائل من المبادرات التي طرحها حتى الآن من أجل معاودة الحوار بين الفرقاء اللبنانيين والتي يرى أنه جرى إفشالها. وقال هؤلاء الزوار إن الرئيس سليمان منزعج من أن المبادرات التي يتقدم بها يتم إفشالها «بسبب الأنانيات فيما الحوار ضروري بأي شكل في هذه المرحلة»، ويرى أن «من مهماته أن يسعى إليه، سواء في ما يخص السلاح والاستراتيجية الدفاعية أو في شأن قانون الانتخاب أو العلاقات بين المعارضة والموالاة». وذكر هؤلاء الزوار أن الرئيس سليمان يرى أنه «لا يجوز أن ينقطع التواصل بين اللبنانيين. وهذا ما يحفزه على أن يطرح بدائل من المبادرات التي سبق أن طرحها، خصوصاً إذا كانت تلبية دعوته الى اجتماع هيئة الحوار الوطني في السابع من الشهر المقبل غير مضمونة ويفترض التعويض عنها بتحرك ما». وأشار بعض العارفين بأجواء الرئيس سليمان الى أنه يعتبر أن هناك استحقاقات بدأت تدهم لبنان مع بداية السنة الجديدة، لا سيما استحقاق الانتخابات النيابية في الربيع وضرورة أن يسبقها الاتفاق على قانون الانتخاب، «ولا يجوز ترك الأمور تتفاقم في البلد بحيث يؤدي ذلك الى طرح إمكان تأجيل هذا الاستحقاق، خصوصاً أن المحاولات الخارجية البعيدة من الأضواء، للتفكير بإيجاد قواسم مشتركة بين الفرقاء، سواء بحوار مباشر أم بحوار غير مباشر، لم تتوصل الى شيء حتى الآن». ودعا بعض الأوساط الى ترقب ما يمكن الرئيس سليمان أن يقوله في عيد الميلاد أي بعد غد الثلثاء أو في لقائه مع السفراء الأجانب في السادس من الشهر المقبل. من جهة ثانية، يبدي سليمان اهتماماً بما آلت إليه الجهود لإيواء النازحين السوريين الذين تعاظم عددهم في لبنان، لا سيما الفلسطينيين منهم والخلاف الداخلي حول طريقة التعاطي معهم في ظل تخوف فريق مسيحي من إقامة مخيمات لهم قريباً من الحدود اللبنانية - السورية. ويطرح بعض الفرقاء أسئلة عن ضمانات عودة هؤلاء ومن يقول إن هذه المخيمات لن تتحول الى أبنية لاحقاً، إذا طالت الأزمة في سورية وتوسع القتال وازدادت أعداد النازحين؟ وإلى أي مدى يمكن لبنان أن يتحمل مشكلة جديدة على هذا الصعيد؟ وفي هذا السياق نقل زوار سليمان عنه اعتقاده أنه يجب ألا يتحمل لبنان مسؤولية هذه القضية بمفرده وأن على «الأونروا» ومؤسسات الإغاثة الدولية والدول العربية والأجنبية أن تشترك معه في هذه المسؤولية إضافة الى السلطة الفلسطينية، ليس فقط من الناحية الإنسانية والأمنية بل من الناحية السياسية أيضاً، وهذا يقتضي رفع مستوى التداول والتنسيق مع كل هذه الجهات استكمالاً لما قامت به الحكومة حتى الآن. وسيكون لرئيس الجمهورية موقف في هذا الصدد في الأيام المقبلة. الجميل وكان الرئيس سليمان استقبل أمس رئيس حزب «الكتائب» الرئيس السابق أمين الجميل الذي قال ل «الحياة» إنه بحث مع رئيس الجمهورية «الهاجس الذي يفترض أنه موجود عند الجميع وهو تداعيات الوضع السوري على لبنان وإمكان حصول أي تطور على هذا الصعيد». وأضاف الجميل: «إذا لم نستوعب بما فيه الكفاية خطورة التطورات المرتقبة في سورية، في ظل وجود البعض الذي يعتقد من هنا أو من هناك أن باستطاعته أن يقطف ثمار تطورات كهذه، فإنها قد تأتي على حساب لبنان ومصالحه لأن باعتقادنا أنه من الصعب على أي كان أن يقطف أي ثمار». وقال الجميل: «الوضع في البلد مقلق لأن أي تطور في سورية لن يغير في شكل جذري ميزان القوى اللبناني طالما أن القوى الأساسية على موقفها وأحوالها وقوتها وحضورها مع امتداداتها الإقليمية سواء بالنسبة الى «حزب الله» أم بالنسبة الى المقلب الآخر. وأعتقد أنه إذا لم يحصل استيعاب لخطورة التغيير بالنظام في سورية وتأثيره على الساحة اللبنانية، فإن لبنان يدفع ثمن هذا التغيير. وبالتالي يجب تحصين الساحة الداخلية حيال أي تطور سياسي أو أمني سوري، لا سيما أن التطرف من كل جهة لن يحقق الاستقرار ولأن عودة التطرف قد تتجاوز كل حدود. ويجب الحذر من أن يضع التطرف الكيان على المحك لأن البلد منقسم سياسياً وجغرافياً أيضاً. يجب أن ندرك أننا في مرحلة حرجة بدلاً من أن نتسلى بسياسة المختار وناطور الضيعة». وكان سليمان استقبل وفد قيادة الجيش برئاسة العماد جان قهوجي الذي شددً على أن «المؤسسة العسكرية اليوم هي بألف خير وعلى مقدار الثقة التي محضها إياها الشعب اللبناني، وقيادة الجيش لا تألو جهداً في سبيل الحفاظ على جاهزية الوحدات العسكرية وتطوير استعدادها لمواجهة كل عابث بالأمن أو الحدود أو الاستقرار، ففي الجنوب صمود مستمر عنيد في وجه اعتداءات العدو الإسرائيلي بالتنسيق والتعاون مع قوات الأممالمتحدة الموقتة العاملة في لبنان، وعند الحدود الشرقية والشمالية والغربية عمل دؤوب وسهر دائم لضبطها، أما في الداخل فأحداث طرابلس الأخيرة خير دليل على إصرار الجيش على الحفاظ على الأمن ومكافحة الجرائم المنظمة بمختلف أشكالها». ثم قدم وفد المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي برئاسة اللواء أشرف ريفي التهنئة إلى سليمان. وألقى كلمة أشار فيها إلى «العناوين الكبرى لعمل قوى الأمن خصوصاً على صعيد شبكات التجسس ومكافحة الجريمة إضافة إلى خطوات أمنية أخرى في إطار الحفاظ على أمن المواطن واستقرار البلاد». واستقبل رئيس الجمهورية بعد ذلك وفد المديرية العامة للأمن العام برئاسة اللواء عباس إبراهيم، ثم وفد المديرية العامة لأمن الدولة برئاسة اللواء جورج قرعة، ووفداً من مديرية الجمارك العامة برئاسة شفيق مرعي.