يبدو أن المشكلات والأحزان والصراعات المتواصلة من الأمور المكتوبة على نادي الوحدة، هذا النادي المكي العريق الذي ما إن يلبث محبوه أن يروا بصيص ضوء في نهاية النفق العميق أو بارقة فرح تلوح في الأفق حتى يستفيقوا على صدمات تبدد الأحلام الوردية والأماني الوهمية. فعندما بدأ يستشعر محبو النادي المكي بقرب ملامسة كأس ذهبية أخيراً بعد أربعة عقود من الغياب صدموا بخمسة الهلال التي جاءت بعد انشغال الجهازين الفني والإداري بالتصريحات الاستعراضية على حساب التجهيز الفني للفريق. وبعد أن فرح النادي ببارقة أمل تشير إلى الهروب من الهبوط لدوري «الأولى» بعد الفوز على نجران بالخمسة حتى بدأت بوادر خلاف وانشقاق في مجلس أعضاء الشرف بنادي الوحدة الذي من المفترض أن يكون مصدراً للدعم والنجاح لا للشقاق والفشل. وقد جاءت البداية بعد أن صرّح زياد فارسي الذي انتخب بالتزكية نائباً لرئيس أعضاء الشرف بأن العمل في المجلس الشرفي ليس صحياً ولا يبشّر بخير أبداً ولا يراعي مصالح الوحدة المستقبلية، وهو بذلك يقصد بالطبع الرئيس المكلف أجواد الفاسي الذي كان من المفترض أن يكونا متفاهمين معاً خصوصاً في هذه الأوقات العصيبة التي يصارع فيها الوحدة رياح الهبوط العاتية، وأكد فارسي وهو شاب خلوق لم نعتد منه مثل هذه التصريحات الانفعالية أنه يرغب في ترشيح نفسه لمنصب الرئيس في الانتخابات المقبلة منافساً لأجواد الفاسي الرئيس الحالي الذي بذل على رغم مشاغله وتقدم سنه جهوداً لا بأس بها في الأشهر القليلة الماضية بعد تكليفه من الرئاسة العامة لرعاية الشباب بعد وفاة الرئيس السابق محمد عبده يماني. وبعدها عاد الفارسي في تصريح آخر يقول إنه قرر الاستقالة النهائية من مجلس أعضاء الشرف وإنه لن يرشح نفسه رئيساً وسيبقى داعماً فقط لإدارة الوحدة الحالية بعيداً عن المجلس الذي عبّر عن عدم رضاه عنه وعن طريقة عمله. ومع احترامنا لرغبات وآراء الفارسي وعدم رضاه عن أداء المجلس الشرفي فهو مطّلع على خبايا وأسرار ربما لا يعلمها إلا قلة من المطلعين على بواطن العمل الشرفي من الداخل، ولكن مهما يكن على جميع محبي النادي المكي أن يتكاتفوا في هذه الفترة العصيبة والحساسة في تاريخ النادي الذي يصارع حالياً على الهبوط الذي إن تحقق، لا قدر الله، سيكون كارثة على الفريق الأحمر الذي لن يقبل كثير من نجومه اللعب في دوري «الظل»، وسيبحثوا عن أندية أخرى ليلعبوا لها تحت أضواء الكاميرات ومايكروفونات المذيعين. أما الصراع على منصب رئيس أعضاء الشرف فهو آخر ما كان يتمناه محبو النادي المكي، إذ يعلم الجميع مقدار المعاناة التي تكبدها النادي جراء الصراع المرير على كرسي رئيس النادي الذي حسمه جمال تونسي بخبرته الانتخابية في منتصف الموسم الحالي، وهو ما أثر في مستويات الفريق التي كانت بدأت تتصاعد تدريجياً مع المدرب الفرنسي السابق الذي قال عنه حاتم خيمي إنه لا يصلح إلا في تجميع الكور من خارج الملعب، ليأتي بعده المدرب المصري مختار مختار ويبدأ المشوار من الأول في منتصف الموسم، الأمر الذي أربك الفريق المليء بمواهب شابة من الظلم أن تلعب في الدرجة الأولى. والمشكلة أن بعض أعضاء الشرف في الأندية السعودية لا يتفهّمون دور عضو الشرف الحقيقي الذي هو في الأصل داعم ومحب لناديه وعليه، من المفترض أن يكون ظهوره منصبَّاً على تقديم الدعم المادي والفني واللوجستي للنادي ليؤدي القائمون عليه مهماتهم وتظهر فرق النادي المختلفة في أفضل صورة ممكنة، ولا يجب أن يتحول النادي إلى ميدان للتنافس والتسابق نحو الأضواء والظهور على حساب الدعم الحقيقي للنادي. وهناك أمثلة مضيئة لأعضاء شرف حقيقيين في أندية مثل الهلال والاتحاد والنصر يدعمون بقوة من دون أي ظهور في وسيلة إعلامية، وهم بذلك يؤكدون المعنى الحقيقي لعضو الشرف الداعم والفاعل والمحب لناديه. وتواترت بكل أسف أنباء عن وجود توجّه لتأجيل انتخابات مجلس أعضاء شرف نادي الوحدة المزمع إقامته يوم 17 أيار (مايو) المقبل، وذلك بسبب الخلافات المستترة بين الأعضاء التي بدأت تظهر أخيراً بكل أسف، وهناك أنباء تشير إلى وجود توجّه لدى عدد من المهتمين بالنادي المكي إلى إلغاء مجلس الشرف الحالي واستبداله بمجلس تنفيذي مصغر يترأسه أمين العاصمة المقدسة الدكتور أسامة البار، يساعد الإدارة الحالية في تسيير الأمور بالنادي بعيداً عن أعضاء الشرف، الذين يخشى من تصاعد صراعاتهم في المرحلة المقبلة. ولا ندري إلى متى سيبقى محبو النادي المكي يغنون موال الأحزان؟ ولا ندري إلى متى يردد الجمهور الوحداوي: آه يا وحدة ايش سويتي!؟ طفيتي شمعة بيتي. بدون تشفير الصراع الدائم يولّد الفشل المستدام. [email protected]