تفاقمت خلال السنوات القليلة الماضية أزمة الأجور التي يتقاضاها نجوم الدراما من الأجيال الفنية المختلفة، الذين يؤدون أدوار البطولة في مسلسلات تلفزيونية لتعرض خلال شهر رمضان من كل سنة، على رغم المحاولات المتواصلة لخلق مواسم بديلة للدراما الرمضانية التي ما زالت تحتل موقع الصدارة سواء على صعيد الأجور أو الكلفة الإنتاجية أو نسبة الإعلانات والمشاهدة. ففيما تعاني سوق الدراما التلفزيونية ركوداً ويتعثر بيع الأعمال للفضائيات التي تعاني بدورها تراجعاً في نسب المعلنين ونصيب كل فضائية من «كعكة» الإعلانات السنوية، تبدو الأجور التي يتقاضاها النجوم لقاء كل عمل ويصرون عليها خارج إطار الأزمة القائمة إذ إنها ترتفع سنوياً، ويتعامل معها بعض الممثلين من منطق «الغيرة» وضرورة المساواة أو نظرية أن المنتجين يربحون بفضلهم أضعاف ما يتكبدونه من كلفة، سواء في العروض الحصرية أو عند إعادة البيع بعد رمضان وعلى مدار سنوات طويلة، خصوصاً أن حقوق «الملكية الفكرية» وبيع العمل أكثر من مرة لا تصب إلا في «جيب» المنتج، وليس الفنان كما يحدث في سائر دول العالم. وفي الفترة الأخيرة، ازدادت شكاوى ممثلين من الصّفين الثاني والثالث إلى نقابة المهن التمثيلية في مصر ضد منتجين معروفين، لم يحصلوا على أكثر من نصف أجورهم لقاء مشاركاتهم في مسلسلات عرضت في رمضان الماضي أو قبله بحجة أن أولئك المنتجين لم يحصلوا على بقية مستحقاتهم من الشركات المعلِنة. وأكد بعض الشاكين أن نقيب الممثلين وأعضاء مجلس الإدارة لم يتعاملوا مع الشكاوى في شكل جدي. وعلى رغم اجتماع رؤساء مجالس الإدارات والأعضاء المنتدبين لبعض القنوات التلفزيونية قبل أسابيع وتوقيعهم مذكرة تفاهم للاتفاق على أسعار شراء الأعمال الدرامية قبل حلول موسم رمضان المقبل، والاتفاق على خفض الكلفة وتجنب الخسائر والوصول إلى موازنات تتناسب مع حجم سوق صناعة الإعلام، وحرصاً على دعم الصناعة ومواجهة الارتفاع غير المبرر في أسعار المسلسلات والبرامج، وقرارهم عدم شراء أي مسلسل درامي يتعدى ثمنه 70 مليون جنيه مصري، وألا تتعدى قيمة المحتوى المشترى خلال شهر رمضان من مسلسلات وبرامج وغيرها مبلغ 230 مليون جنيه حداً أقصى، لم يقترب هؤلاء «الرؤساء» من أجور النجوم، خصوصاً أنها تخضغ لسياسة «العرض والطلب» القائمة بين النجوم والجهات المنتجة لهذه الأعمال، والدليل أن عادل إمام الذي تقاضى عن مسلسله الأخير «عفاريت عدلي علام» 70 مليون جنيه، عرض عليه لمسلسل رمضاني جديد ومع جهة إنتاج مسلسلاته الخمسة الماضية نفسها أكبر من هذا المبلغ لكنه فضل تقديم جديده عبر شركة الإنتاج التي دشنها نجله المخرج رامي إمام وتتولى إنتاج المسلسل. ويتردد أن محمد رمضان سيتقاضى عن مسلسله الجديد «زين» أجراً يزيد عن 45 مليون جنيه، وأن أجوراً تتراوح بين 25 مليون جنيه و40 مليوناً سيتقاضاها أبطال بعض المسلسلات الجديدة، ومنهم يحيى الفخراني الذي يعود بعد غياب سنتين بمسلسل «بالحجم العائلي»، ويسرا في «بني يوسف»، وغادة عبدالرازق في «ضد مجهول»، وأحمد عز في «أبو عمر المصري»، على أن يتقاضى كل من كريم عبدالعزيز ومحمد هنيدي ومصطفى شعبان ويوسف الشريف وأمير كرارة ونيللي كريم ومنة شلبي وخالد النبوي وهاني سلامة أجوراً تتراوح بين 15 مليوناً و25 مليوناً. واللافت أنه على رغم عدم اقتراب المنتجين نهائياً من أجور النجوم الكبار الذين تسوق المسلسلات دائماً بأسمائهم، على رغم ما يتداول من أخبار عن محاولات لخفضها، فإنهم يجورون كثيراً على بقية الفنانين من أصحاب الأدوار الثانوية والفنيين من فرق الإخراج والديكور والتصوير والملابس والإضاءة والصوت وغيرها، إضافة إلى المحاولات المستمرة والمبتكرة للإكثار من مشاهد التصوير داخل الاستديوات المغلقة والشقق المفروشة تجنباً للكلفة المرتفعة للتصوير الخارجي واستبدال أماكن التصوير في دول أجنبية بمدن داخلية أو من طريق استخدام الخدع والغرافيك وغيرها. وكانت الأزمات المالية أدت إلى توقف مسلسلات منها «الضاهر» لمحمد فؤاد ورغدة وفريال يوسف وإخراج ياسر زايد. وسعى منتج العمل الأصلي تامر عبدالمنعم إلى التعاون مع منتج آخر لإنقاذ العمل. وللسبب ذاته فشلت إلى الآن محاولات استئناف تصوير مسلسل «فوبيا» لخالد الصاوي وآيتن عامر وأحمد صفوت ووليد فواز وناصر سيف، كما فشل بدء تصوير مسلسل «ذئاب في الوادي» على رغم التعاقد مع أبطاله ومنهم منذر رياحنة ومحمد رياض ونرمين الفقي وعفاف شعيب وميس حمدان، والأمر نفسه ينطبق على «نوح» لحسن الرداد وإيمي سمير غانم وروجينا ومريم حسن.