لم تحل عطلة عيد الفصح دون تواصل السجال اللبناني الداخلي بين فريقي 14 و 8 آذار حول المسؤولية عن التعديات على الأملاك العامة وفي شأن التعثر في تأليف الحكومة والاتهامات الموجهة إلى تيار «المستقبل» بالتدخل في التطورات السورية. ولفت في هذا السياق كلام لوزير الدولة السابق يوسف تقلا تعليقاً على كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أول من أمس عن صلاحيات الرئيس والعقد أمام تأليف الحكومة وعن أن الدستور لم يتحدث عن الحصص، وقال تقلا إن سليمان «وضع الأمور في نصابها الصحيح باعتبار انه لم يغمز من قناة منتقديه، أو من الذين يسوقون الحملات تجاهه بل تحدث حول ما أعطاه الدستور من صلاحيات ومن منطلق أنه رئيس البلاد وتوافقي بامتياز، فجاء كلامه واضحاً وحاسماً ودستورياً». وأوضح تقلا انه في الأساس توقع التأخير في تأليف الحكومة العتيدة لجملة اعتبارات محلية وإقليمية، وأضاف: «إن الصراع بين الأفرقاء السياسيين إنما هو على الحصص والحقائب الدسمة، فذلك فتح شهيتهم لنيل أكبر عدد من المقاعد الوزارية من دون أن يأخذ هؤلاء في الاعتبار مصلحة المواطن والوطن وإنه لأمر مؤسف أن يتحول لبنان الى جنة للفساد والمفسدين وللمساجلات والخلافات وتوزيع المغانم والحصص، وهذا الصراع السياسي مستمر بأوجه عدة، وبعدة شغل محلية وإقليمية ولبنان يدفع الثمن الباهظ من دون أن يستفيد استثمارياً وسياحياً جراء ما حصل من تحولات إقليمية وعربية نظراً الى موقعه المتقدم ولتوافر كل الإمكانيات لدى أبنائه على المستويات العلمية في شتى الميادين». وختم قائلاً: «إننا نسمع جعجعة ولا نرى طحيناً، فكل يتحدث عن التأليف واللمسات الأخيرة وحل هذه العقدة وتلك، إنما الأمور أكبر من ذلك بكثير فلا ننسى ما يجري حولنا وتحديداً على المستوى الإقليمي من تحولات ومتغيرات، فذلك بات له ارتباط وثيق بمسألة ولادة الحكومة أو عدمها»، متوقعاً أن تطول الولادة «كون المخاض عسيراً والمطالب حدث ولا حرج». ودعا وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال محمد رحال «حزب الله» وحلفاءه الى «الابتعاد عن الخطاب التخويني والتهديدي بحق السواد الأعظم من اللبنانيين»، وقال: «تبرع قوى 8 آذار بتوجيه الاتهامات المغرضة لتيار المستقبل في شأن الواقع السوري مخز». وأضاف: «إن مثل هذه السياسة الكيدية والفوقية لا توصل الى أي أفق يؤسس عليه في معالجة الملفات الخلافية، لا بل إنها توسع الهوة بين اللبنانيين وتتيح مساحة أوسع للعابثين بأمن الوطن واستقراره». وشدد على «ضرورة الابتعاد من التلويح أو التلميح باستخدام القوة أو الفوضى المنظمة خدمة لمشاريع خارجية، لأن اللبنانيين ملوا مثل هذا الأسلوب تنظيراً وممارسة، فالسواد الأعظم من شعبنا يتوق الى الأمن والاستقرار وقيامة الدولة لأن لا بديل لنا منها فهي الضمانة في كل أوان». ورأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، خلال احتفال تأبيني في بلدة القنطرة «أن الدولة المترهلة في لبنان التي تقوم على المحسوبيات وتفشي الفساد وتجاوز القانون، والإثراء غير المشروع والرشى وعدم محاسبة المسؤولين، هي التي ولدت بيئة تشجع المواطنين على تجاوز القوانين وعدم احترام سلطة الدولة وأجهزتها، إذ إن المواطن العادي يشعر بأن هناك صيفاً وشتاء تحت سقف واحد». التعدي على المشاعات ورأى «أن أزمة التعدي على المشاعات والأملاك العامة كشفت عن وجود مشكلة كبيرة وهي أن الدولة وأجهزتها فقدت صدقيتها وباتت هيبتها في الحضيض، وأمست عاجزة عن ممارسة دورها لأنها ضالعة في الفساد، وهي أول من يتجاوز القوانين»، معتبراً «أنه إذا كان هناك فئة من الناس قد بلغ وضعها المعيشي حداً لا يطاق وسدت في وجهها السبل، فإن هناك أيضاً فئة من الانتهازيين الذين استغلوا مشكلة المشاعات لأسباب تجارية رخيصة، وفئة أخرى استغلتها لأسباب سياسية رخيصة». لكنه أكد أن التعدي على المشاعات والأملاك العامة مرفوض ومدان، دينياً وأخلاقياً وقانونياً، ويهدد النظام العام وله آثار كارثية، وكل تبرير، مهما تكن طبيعته، مرفوض ومردود ولا يمكن الموافقة عليه». ودعا في المقابل إلى «احترام القوانين» والسلطات المعنية والقوى الأمنية والأجهزة القضائية إلى «التحرك لمنع التعديات وإزالتها واسترداد المشاعات التي وضعت المافيات يدها عليها، وذلك لمعالجة آثار الظاهرة». وفي مناسبة أخرى دعا النائب في «حزب الله» حسن فضل الله إلى فتح ملف أجهزة وجهات متورطة في مخالفات قانونية. وأشار إلى «هجمة تريد أن تحرف مسارات الشعوب في هذه المنطقة التي رفعت لواء الممانعة والتحدي، وأن تقدم للكيان الإسرائيلي خدمات جديدة من خلال استهداف خيار المقاومة والممانعة في لبنان والمنطقة». معوقات اخيرة امام التشكيل وفي ما يتعلق بالتحديات الداخلية، أكد فضل الله «أن هناك جهداً كبيراً يبذل في الداخل من أجل معالجة المعوقات الأخيرة أمام ولادة الحكومة والتي باتت معروفة وتتمثل في تجاوز حقيبة الداخلية». وتحدث عن «محاولات مكشوفة من أجل زرع ألغام وأفخاخ قبل أن تولد الحكومة من أجل القول أن الأكثرية الجديدة غير قادرة على مواجهة التحديات ليتم تحميلها مسؤولية الفوضى المبرمجة التي حاكتها بعض الجهات». ورأى المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب عن حركة «أمل» علي حسن خليل أنه «يجب أن تتقدم الوحدة الوطنية على ما عداها في لحظات التأزم السياسي، والوحدة الوطنية وحدها هي التي تحصن الوطن في مواجهة المشروع الإسرائيلي وحماية الوطن وسلمه الأهلي لا تتأمن في مثل الانقسام السائد حالياً، ولا تتأمن في مثل أجواء التجاذب القائمة، ولا من خلال استهداف المقاومة والوحدة الوطنية». وتطرق الى تشكيل الجبهة الوطنية العريضة التي طرحها الرئيس نبيه بري وقال: «المقصود من هذه الجبهة إلغاء كل الحواجز بين القوى السياسية كافة وكسر الاصطفافات التي كانت تقسم اللبنانيين، إن الأكثرية الجديدة تشكل وحدة سياسية ونريد لهذه الأكثرية أن تتسع لقوى سياسية». واعتبر خليل أنه «لم يعد جائزاً التأخير في إنجاز التشكيلة الحكومية»، ودعا إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني أولى مهماتها إعادة صوغ خطاب وطني جامع بين اللبنانيين مرتكز الى الثوابت الوطنية وإنتاج حوار وطني داخل الحكومة». وفي موضوع التعدي على الأملاك العامة، أكد الالتزام بالنظام العام، مشيراً إلى أن «هناك في الداخل من يريد أن يصور أن أهلنا هم مجموعات خارجة على النظام العام»، لافتاً إلى أن الفلتان لا يحل مشكلة الفقر والعوز والحل هو الانخراط في صوغ مشروع اقتصادي تحت سقف الدولة، معتبراً أن الحكومة السابقة هي التي عطلت الدولة على مختلف المستويات لا سيما في الإدارة. وهاجم الرئيس سعد الحريري قائلاً: «نسمع من خلال أبواقهم وبطريقة مباشرة وغير مباشرة التهجم على قياداتنا وعلى المؤسسات السياسية. أنت يا رئيس حكومة تصريف الأعمال تتحمل مسؤولية التهجم على القيادات وعلى المؤسسات السياسية، أنت الذي خرقت أدوار المؤسسات عندما اعتقدت أنك قادر على السيطرة على الدولة، انت المسؤول عن تلك الأصوات التي تشكك بالقيادات وبالمؤسسات السياسية، لكن يبدو واضحاً أن البعض ينقصه حتى الآن الكثير من الوعي السياسي والقانوني».