اطلق المبعوث الاميركي الخاص الى الشرق الاوسط جورج ميتشل في اسرائيل امس جملة تصريحات استساغتها الآذان الاسرائيلية واعتبرتها مسعى أميركياً الى التهدئة بين الجانبين، اذ اكد ان العلاقات ستظل وثيقة بين البلدين الحليفين والصديقين، داعيا الى اقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل اليهودية. لكنه في الوقت نفسه، دعا الى استئناف سريع لمفاوضات السلام مع السلطة الفلسطينية، كما حض على انهائها مبكرا. وتفادى كبار المسؤولين في اسرائيل، لدى استقبالهم ميتشل امس توجيه انتقادات علنية لواشنطن كما يفعلون قي اجتماعاتهم المغلقة حيث يعبرون عن قلقهم من الرياح الجديدة من واشنطن على خلفية مطلبي الأخيرة وقف النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقبول حل الدولتين. لكنهم هربوا إلى أمام في محاولة القفز عن الاستيطان بالترويج إلى تسوية إقليمية وعدم حصر النقاش في الملف الفلسطيني. وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع الإسرائيلية إن وزير الدفاع ايهود باراك طرح على مسمع ضيفه مطالب إسرائيل الأمنية، وبحث معه في الخطوات الممكنة لدعم الاقتصاد الفلسطيني، كما بحثا مسألة البؤر الاستيطانية العشوائية والبناء في الكتل الاستيطانية الكبرى. وأضاف ان باراك وميتشل تباحثا أيضاً في مجمل الأوضاع الإقليمية والسياسية والأمنية، على خلفية دعوة الرئيس باراك اوباما في خطابه في القاهرة الأسبوع الماضي إلى تسوية إقليمية «وانعكاسات هذه الدعوة على المسارين الفلسطيني والسوري». وزاد أنهما تباحثا أيضاً في نتائج الانتخابات في لبنان. من جانبه، قال ميتشل إن واشنطن تريد «خلق الظروف الملائمة لاستئناف عاجل وختام مبكر لمفاوضات السلام»، مضيفا ان محادثات جدية تجري مع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لتحقيق هذا الهدف. ميتشل: إسرائيل اليهودية وفي لقائه الرئيس شمعون بيريز، قال ميتشل إن «التزام الولاياتالمتحدة أمن إسرائيل ليس موضع نقاش»، معتبراً ان «عدم التوافق ليس بين خصوم، فالولاياتالمتحدة وإسرائيل حليفتان وصديقتان، وهكذا ستبقيان». وأضاف: «نقوم بعمل صعب من أجل التوصل إلى سلام شامل في الشرق الأوسط يشمل إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل اليهودية وتعيشان بسلام وأمان». ودعا الإسرائيليين والفلسطينيين إلى تنفيذ التزاماتهم في «خريطة الطريق» ودعم ذلك بخطوات وجهود ملموسة. من جهته، قال بيريز إن ثمة فرصة تاريخية قد لا تتكرر لتحقيق السلام في المنطقة. وتطرق إلى الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقال إن ثمة قبولاً في إسرائيل بوجوب تفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية، «بينما في مسألة البناء في المستوطنات الكبرى لسد حاجات النمو الطبيعي يجب مواصلة الحوار»، مضيفاً أن التمحور في قضية واحدة (الاستيطان) من مجمل القضايا المستوجب حلها «لا يخدم العملية السياسية الأوسع المفترض أن تحدد جدول الأعمال بين إسرائيل وجاراتها». اتصال «ايجابي وبناء» بين نتانياهو واوباما وجاء وصول ميتشل إلى إسرائيل غداة اتصال هاتفي أجراه رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو مع الرئيس الأميركي استغرق 20 دقيقة. وأكد بيان صادر عن البيت الأبيض وآخر عن مكتب نتانياهو أن الاتصال الهاتفي جاء بنّاء وإيجابياً. وأضاف بيان مكتب نتانياهو أن «المحادثة شملت عددا كبيرا من القضايا»، وأن الأخير أطلع الرئيس الأميركي على نيته إلقاء خطاب سياسي الأسبوع المقبل يحدد فيه الخطوط العريضة لسياسة حكومته من اجل السلام والامن. وتابع أن اوباما ونتانياهو «اتفقا على مواصلة الاتصالات»، وأن الرئيس الأميركي أبلغه أنه ينتظر خطابه باهتمام. تهدئة... وقلق ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن وراء الاتصال الهاتفي رغبة أميركية بتشجيع رئيس الحكومة الإسرائيلية على إبداء مرونة في خطابه ليحمل لهجة ايجابية. ونقلت عن قريبين من نتانياهو قولهم إن خطابه سيكون «مؤسساً ومفاجئاً»، وسيثبت أن العلاقات بين البلدين تقوم على التنسيق وأنها متينة. وتابعوا أن الأميركيين «أدركوا متأخرين أنهم ذهبوا بعيداً وأنهم في نهاية المطاف سيتيقنون من أن نتانياهو هو شريكهم ويجدر بهم معانقته لا إسقاطه». لكن صحيفة «هآرتس» نقلت في عنوانها الرئيس أمس عن أوساط نتانياهو أن الأخير يعتقد بأن الرئيس الأميركي، وبناء لخطابه في القاهرة، يسعى للمواجهة مع إسرائيل. وأضافت أن نتانياهو يخشى أن يضمّن الرئيس الأميركي خطته السلمية المتوقع أن يعلنها مطلع الشهر المقبل، مواقف ليست مريحة لإسرائيل، مثل دعوتها للانسحاب لحدود الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 «لاعتقاده بأن خلافات علنية مع إسرائيل تخدم الولاياتالمتحدة في مسعاها الى التقارب من العالم العربي». وتوجه أوساط نتانياهو أصابع اتهام إلى رئيس طاقم البيت الأبيض رام عمانوئيل والمستشار السياسي للرئيس الأميركي ديفيد إكسلرود كمن يقفان وراء الخلافات العلنية بين واشنطن وتل أبيب. من جهتها، نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» اليمينية عن مصادرها في مكتب رئيس الحكومة ان إسرائيل منزعجة من نية واشنطن تحديد جدول زمني لإنهاء المفاوضات مع الفلسطينيين. وتوقعت أن يكون ميتشل أوضح للمسؤولين الإسرائيليين ان واشنطن تريد تقدماً سريعاً على الأرض لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين يتمثل في تجميد البناء في المستوطنات والاعتراف بمبدأ الدولتين وتقديم تسهيلات في حركة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وأضافت أن انتصار «الجناح المعتدل» في لبنان الذي تراه واشنطن إنجازاً لسياستها، قد يستدعي ضغوطا أميركية على إسرائيل للانسحاب من شمال قرية الغجر وربما من مزارع شبعا. وزادت أن الحكومة الإسرائيلية قد تبحث قريباً سحب الجيش الإسرائيلي من الغجر قبل أن تطالبها الولاياتالمتحدة بذلك علناً فيظهر انسحابها خنوعا للضغوط. ليبرمان: الأمن ثم الاقتصاد ثم التفاوض وحرص ليبرمان على توجيه رسالة ايجابية للإدارة ألأميركية بقوله في اجتماع لجنة الخارجية والأمن البرلمانية أمس إن إسرائيل ترحب ب «المقاربة الإقليمية» للرئيس الأميركي و«محاولته التوصل إلى اتفاق ليس بين إسرائيل والفلسطينيين وحسب، إنما إلى تسوية إقليمية تشارك فيها كل القوى البناءة في المنطقة التي تعي أهمية التعاون المشترك». لكنه استدرك قائلاً إنه يؤمن بأنه لا يمكن فرض سلام، «وثمة محاولات لقلب الأمور رأساً على عقب. يجب أولاً بناء الأسس للسلام، مثلما يتم أولاً بناء أساسات البيت لا من السقف»، والترتيب الصحيح برأيه هو «الأمن ثم الاقتصاد المستقر وبعد ذلك العملية السياسية»، مضيفاً أن كل محاولة لقلب هذا الترتيب ستفشل مثلما فشلت سابقاتها. وتابع ان ما يعني الفلسطينيين الآن هو الاقتصاد، «وإزاء نسبة فقر تصل إلى 40 في المئة في قطاع غزة لا يمكن بناء جيرة حسنة، لذا يجب أولاً تحقيق الاستقرار». وعلى ذكر المستوطنات، أكد تقرير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس مجددا أن البناء في المستوطنات في عهد الحكومة السابقة برئاسة ايهود اولمرت شهد ازدهاراً لم يحصل في عهد الحكومات السابقة، وأنه خلال سنوات حكم اولمرت الثلاث زاد عدد المستوطنين في الضفة الغربية (عدا القدس) ب50 ألفاً، أي 20 في المئة. إلى ذلك، أشار التقرير إلى أنه منذ تسلم الحكومة الحالية مهماتها قبل عشرة أسابيع، لم تصدر أي عطاء لبناء شقق سكنية جديدة، لكن بناء آلاف الوحدات السكنية يتواصل.