احتفل أقباط مصر أمس بعيد القيامة، وسط إجراءات أمنية مكثفة، إذ طوقت قوات الأمن الكنائس الكبرى وصالات السينما وأماكن الاحتفال العامة التي أحيط معظمها بحواجز حديد. وفي حين طالب بطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث ب «دولة مدنية»، شدد المجلس العسكري الحاكم على أنه «لن يتهاون مع محاولات زرع الفتن بين نسيج الأمة»، واعتبر رئيس الحكومة الانتقالية عصام شرف أن أي أحداث طائفية هي «أمور غريبة على الشعب المصري الذي يتمتع بنسيج قوي». ودعا البابا شنودة الثالث في تصريحات أدلى بها للتلفزيون الرسمي، إلى «أن تكون مصر دولة ديموقراطية ومدنية»، معرباً عن أمله «بأن تعود مصر مركزاً للشرق الأوسط كما كانت من قبل، ونأمل في أن يعود الاستقرار إلى البلاد». ولفت إلى أن «ثورة 25 يناير كانت سلمية وتنادي بمبادئ آمن بها الجميع. نأمل بأن تتحقق هذه المبادئ يوماً بعد يوم لتحقيق الإصلاح». وأشار إلى أنه «لم تظهر في الأيام الأولى من الثورة أية احتكاكات بين المسلمين والأقباط، لكن للأسف حدثت في ما بعد، وهو ما شاهدناه جلياً في أحداث أبو قرقاص في المنيا وأحداث قنا، ما يضر بمصلحة البلاد». وكان قداس عيد القيامة الذي ترأسه البابا شنودة، أقيم في المقر البابوي في حي العباسية شرق القاهرة، وسط إجراءات أمنية مكثفة وغابت عنه الرسميات التي كان يتصف بها من قبل احتفال أقباط مصر بعيدهم. وغاب عن الاحتفال للمرة الأولى قيادات ورموز النظام السابق ومندوب رئاسة الجمهورية الذي كان دائماً ما يحل ممثلاً عن الرئيس المخلوع حسني مبارك. وشاركت القوات المسلحة والشرطة في عمليات التأمين، وعززت إجراءات التفتيش على مداخل الكاتدرائية ومنعت السيارات من الوقوف أمام الأبواب التي شهدت ازدحاماً شديداً من آلاف الأقباط الذين حرصوا على الاحتفال بالعيد في الكاتدرائية، فيما تمركز عدد من المدرعات التابعة للجيش في مناطق عدة على أبواب الكاتدرائية، وانتشرت كاميرات المراقبة في أماكن كثيرة داخلها وخارجها. وللمرة الثانية على التوالي، حضر القداس المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية مرشح الرئاسة الدكتور محمد البرادعي، كما حضر الأمين العام للجامعة العربية مرشح الرئاسة عمرو موسى والمرشح لخلافته في الجامعة الدكتور مصطفى الفقي ومرشح الرئاسة حمدين صباحي، إضافة إلى ممثلين عن «ائتلاف شباب الثورة» ونائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل نائباً عن الدكتور عصام شرف. وشارك كذلك عدد من الوزراء في مقدمهم الوزيران القبطيان وزير البيئة ماجد جورج، ووزير السياحة منير فخري عبدالنور، إضافة إلى وزير الاتصالات الدكتور ماجد عثمان، ووزير التنمية المحلية اللواء محسن النعماني وعدد من أعضاء المجلس العسكري منهم مدير إدارة الشؤون المعنوية اللواء إسماعيل عتمان وقائد المنطقة العسكرية المركزية اللواء حسن الرويني وعدد من الشخصيات السياسية والحزبية البارزة. وجلس البرادعي وموسى جنباً إلى جنب في القداس وتبادلا أطراف الحديث. وفي عظته خلال القداس، قال البابا شنودة إنه يصلي من أجل مصر داعياً الله أن يحفظ البلاد من شر الفتن. وزار رئيس الوزراء صباح أمس الكاتدرائية لتهنئة البابا شنودة الثالث بالعيد، ورافقه وزير الداخلية اللواء منصور العيسوي ووزير المال الدكتور سمير رضوان. وأكد شرف «عمق العلاقات الأخوية التي تربط بين المسلمين والمسيحيين في مصر»، مشيراً إلى أن «أية أحداث طائفية هي أمور غريبة على الشعب المصري الذي يتمتع بنسيج قوي ظهر في ميدان التحرير وأفرز تماسكاً قوياً نتج عنه نجاح ثورة 25 يناير». وأضاف أن «مصر تحترم كل طوائفها ولا تقبل بتهميش أي طائفة وتسعى إلى إدماج الجميع للعمل من أجل التنمية»، مشيراً إلى أن «البابا شنودة رحّب بالمشاركة في الجهود المصرية من أجل حماية مياه النيل والتفاوض مع دول الحوض من أجل الحفاظ على حصة مصر من المياه». وفي وقت أكد مدير مستشفى شرم الشيخ الدولي الدكتور محمد فتح الله أن صحة الرئيس السابق حسني مبارك «مستقرة نوعاً ما»، أجرى رئيس مصلحة الطب الشرعي الدكتور السباعي أحمد السباعي كشفاً طبياً على مبارك لتقويم حالته وإمكان نقله إلى مستشفى سجن طرة لقضاء فترة الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيقات معه، من دون أن يعلن نتيجة الكشف. ويتوجه فريق من محققي النيابة العامة غداً إلى سجن مزرعة طرة للنظر في تجديد حبس جمال وعلاء مبارك المحبوسين احتياطياً منذ 13 نيسان (أبريل) الجاري. ويواجه نجلا الرئيس المخلوع اتهامات بالتحريض على قتل المتظاهرين وعدد من قضايا الفساد المالي بينها مشاركتهما الإجبارية لعدد كبير من توكيلات الشركات الأجنبية في مصر، والتدخل في عمليات بيع شركات قطاع الأعمال العام التي بيعت لعدد من رجال الأعمال المصريين والعرب والأجانب بأسعار تقل كثيراً عن قيمتها الحقيقية، «على نحو ألحق أضراراً بالغة بالاقتصاد، وسهل الاستيلاء على المال العام». وكانت النيابة مددت حبس مبارك الأب 15 يوماً إضافية الجمعة الماضي، بعدما استجوبته للمرة الثانية في شأن وقائع قتل المتظاهرين والتعاقد على تصدير الغاز إلى إسرائيل بأسعار متدنية تقل كثيراً عن الأسعار العالمية «بما أضرّ بالمال العام وأهدره». وأرجأ جهاز الكسب غير المشروع التابع لوزارة العدل جلسة الاستماع إلى أقوال زوجتي نجلي الرئيس السابق إلى موعد آخر يحدد قريباً، عوضاً عن الجلسة المحددة غداً «لأسباب أمنية». وكان الجهاز استدعى رسمياً هايدي راسخ زوجة علاء مبارك وخديجة الجمال زوجة جمال مبارك للمثول أمامه للتحقيق معهما في اتهامات بتضخم الثروة. وقال مصدر قضائي إن «إرجاء الموعد جاء في ضوء توصيات من جانب جهات وأجهزة أمنية متعددة للجهاز، خشية حدوث اعتداءات على زوجتي نجلي الرئيس السابق، وهو الأمر الذي قرر معه رئيس الجهاز المستشار عاصم الجوهري إرجاء الجلسة إلى موعد آخر لم يتحدد بعد، لكن سيتم تحديده خلال فترة قريبة». يذكر أن جهاز الكسب غير المشروع يضطلع بالتحقيق في جرائم تضخم الثروات الخاصة بالخاضعين لقانون الكسب غير المشروع من العاملين بالدولة وأعضاء البرلمان والقيادات الحزبية وذويهم، بصورة غير مشروعة في ضوء مقارنتها بموارد الدخل القانونية المشروعة لهم بحكم وظائفهم. في موازاة ذلك، قرر النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود حبس 4 متهمين أعضاء في عصابة دولية لمدة أربعة أيام على ذمة التحقيقات التي تجرى معهم بمعرفة النيابة، في جلب 3 أطنان من المواد المخدرة لترويجها وبيعها داخل مصر، وهي الجريمة التي تصل عقوبتها إلى الإعدام شنقاً في ضوء أحكام القانون. والمتهمون 3 من جزيرة سيشيل وبريطاني. وكانت قوات حرس الحدود والإدارة العامة لمكافحة المخدرات اعتقلتا المتهمين الأربعة بعد استئذان النيابة العامة ظهر الجمعة الماضي، بمجرد دخول المركب «ليبرتي» المقبل من باكستان، إلى المياه الإقليمية المصرية أمام جزيرة الزبرجرد في البحر الأحمر، إذ تبين أن على متنها 3 أطنان من جوهر الحشيش المخدر. وقال النائب العام المساعد المستشار عادل السعيد إن «النيابة تلقت إخطاراً منذ أسبوعين من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يفيد بوجود معلومات عن قيام تشكيل عصابي من دول أجنبية بالخارج يقوم بجلب كمية كبيرة من المواد المخدرة على أحد المراكب من باكستان لإدخالها وترويجها في مصر، فأمر النائب العام رجال الضبط بمسايرة المركب لحين دخوله المياه الإقليمية في مصر، وضبط المخدرات والجناة». وأشار السعيد إلى أن «فريقاً من محققي النيابة العامة انتقل فور تلقي محضر الضبط إلى المركب المضبوط، وعاين شحنة المخدرات وسأل رجال الضبط القضائي من حرس الحدود والإدارة العامة لمكافحة المخدرات عن معلوماتهم واستجواب المتهمين في حضور محاميهم، وأمرت النيابة بندب المعامل الكيماوية لتحليل المضبوطات».