يرى الفلسطينيون في قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة اليها خطوة خطيرة، لكنهم يعتبرون الخطوة التالية أكثر خطورة، وهي محاولة فرض ما يسميه «صفقة القرن» عليهم. وقال مسؤول فلسطيني رفيع المستوى ل «الحياة»: «قرار ترامب خطير ومقلق جداً، لكن القلق الأكبر هو من الخطوة التالية، وهي محاولة فرض حل سياسي يستثني القدس، ومعها نصف مساحة الضفة الغربية، وإقامة دويلة فلسطينية في قطاع غزة وأجزاء من الضفة». وأضاف: «معلوماتنا أن الإدارة الأميركية تعد خطة لحل سياسي يقوم على ضم القدس وأجزاء واسعة من الضفة الغربية لإسرائيل، وإقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة ونحو نصف الضفة الغربية فقط، وهو ما يسمونه صفقة القرن». وأضاف: «يبدو أن خيار المواجهة قادم لأننا إذا لم نلجأ اليه الآن، فإنه سيفرض علينا غداً». ومضى يقول: «المؤكد أننا سنرفض مثل هذا الحل، لكن المؤكد أيضاً أنهم سيحاولون فرضه علينا بالقوة». واشتعلت الأراضي الفلسطينية، أمس، بالمواجهات والمسيرات الاحتجاجية تنديداً بقرار الرئيس الأميركي، في وقت بدأ الرئيس محمود عباس سلسلة تحركات ديبلوماسية لمواجهة القرار وتداعياته. وشهدت الضفة الغربية إضراباً شاملاً، وأغلقت المدارس أبوابها، وأجريت مسيرات غضب ومواجهات في مختلف المدن الرئيسة، أصيب فيها عشرات. والتقى الرئيس محمود عباس بالملك الأردني عبدالله الثاني في عمان وتباحث معه في شأن القرار. وقال المستشار السياسي للرئيس عباس، نبيل شعث، إن الرئيس يجري اتصالات مع مختلف قادة مختلف الدول بهدف مواجهة الخطوة الأميركية غير المسبوقة. وأوضح أن القيادة الفلسطينية بدأت تحضيرات لعقد اجتماع للبرلمان المصغر لمنظمة التحرير (المجلس المركزي)، لإقرار خطة التحرك الفلسطينية للمرحلة المقبلة. وقال مسؤولون فلسطينيون إن اقتراحات عديدة تُدرَس الآن تمهيداً لمناقشتها في المجلس المركزي واتخاذ قرار في شأنها، منها الشروع في مواجهة سياسية مفتوحة مع الإدارة الأميركية وإسرائيل. وتتضمن المواجهة المقترحة قطع الاتصالات مع الإدارة الأميركية، ولاستغناء عنها كوسيط سياسي، والبحث عن بديل لها، كما تتضمن سحب الاعتراف بإسرائيل، وإلغاء اتفاق اوسلو. وأعلن رئيس دائرة شؤون المفاوضات الدكتور صائب عريقات انه شخصياً بات يرى ان إسرائيل ومعها إدارة ترامب قضتا على حل الدولتين، وان على الفلسطينيين البحث عن بدائل، في مقدمها المطالبة بحقوق متساوية مع الإسرائيليين، وهو ما يعرف بحل الدولة الواحدة. وقال عريقات في مقابلة مع إذاعة «صوت فلسطين» ان هذا رأيه الشخصي، لكنه يراه الخيار الوحيد المتاح بعد القضاء على حل الدولتين. لكن خبراء ومحللين يرون ان السلطة الفلسطينية مترددة في الدخول في مواجهة سياسية مفتوحة مع إسرائيل واميركا، بسبب ضعفها وضعف وانشغال الدول العربية في الحروب الأهلية الجارية في المنطقة، وتداعيات ما بعد الربيع العربي، ومواجهة ايران ومساعيها في العديد من دول المنطقة. وقال الدكتور باسم الزبيدي أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت: «الولاياتالمتحدة فقدت صدقيتها ومكانتها كوسيط، ومن حق الشعب الفلسطيني ان يبحث عن بديل وان يتبنى استراتيجيات جديدة». وأضاف: «لكنْ، هناك شكوك حول قدرة السلطة الفلسطينية على القيام بذلك لأن خطوات من هذا النوع تتطلب جرأة واستعداداً لدفع الثمن».