أثار احتمال اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل معارضة من مسؤولين أميركيين وأوروبيين وأجانب وعرب، بمن فيهم فلسطينيون، يخشون أن يشعل ذلك أعمال عنف. ومن شأن مثل هذا القرار، الذي يقول مسؤولون أميركيون إنه لم يتم اتخاذه بشكل نهائي بعد، أن ينتهك عقوداً من السياسة الأميركية القائمة على عدم اتخاذ موقف بشأن مصير القدس على أساس أنها قضية ينبغي أن يتفاوض عليها الإسرائيليون والفلسطينيون ويتخذون قراراً بشأنها. أردوغان: خط أحمر وأعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس، أن تركيا قد تصل إلى حد قطع العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل إذا اعترفت الولاياتالمتحدة رسمياً بالقدس عاصمة لها في خطوة وصفها بأنها «خط أحمر» بالنسبة إلى المسلمين. وقال أردوغان في اجتماع برلماني لحزبه الحاكم «العدالة والتنمية»: «أحزنتني التقارير عن أن الولاياتالمتحدة تستعد للاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل». وأضاف مخاطباً الرئيس الأميركي: «أيها السيد ترامب، القدس خط أحمر بالنسبة إلى المسلمين. إن اتخاذ قرار يدعم إسرائيل في حين ما زالت جروح المجتمع الفلسطيني تنزف، يمثل انتهاكاً للقانون الدولي». وتابع: «قد يصل الأمر إلى حد قطع العلاقات التركية مع إسرائيل. وأنا أحذر الولاياتالمتحدة ألا تتخذ هذه الخطوة التي ستعمق المشكلات في المنطقة». ورفضت إسرائيل تهديدات الرئيس التركي. ونقلت الإذاعة العبرية عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن «القدس هي عاصمة الشعب اليهودي منذ 3000 سنة وعاصمة إسرائيل منذ 70 عاماً، سواء اعترف أردوغان بذلك، أو لم يعترف». وقال زعيم المستوطنين الوزير نفتالي بينيت إنه لمن دواعي الأسف أن «اردوغان لا يفوّت في السنوات الأخيرة أي فرصة لمهاجمة إسرائيل. وعلى تل أبيب أن تدفع نحو تحقيق أهدافها بما فيها الاعتراف الدولي بالقدس الموحدة عاصمة لها». وأضاف: «دائماً سنجد من ينتقد، لكن في نهاية الأمر تهمنا القدس الموحدة أكثر من حب أردوغان لنا». كما عقب وزير النقل وشؤون المخابرات يسرائيل كاتس على تصريح الرئيس التركي بالقول إن إسرائيل لا تتلقى تعليمات وتهديدات من رئيس تركيا، وإن «إسرائيل دولة لها سيادتها والقدس عاصمتها. وليست هناك خطوة أكثر عدلاً من الاعتراف الآن بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقد ولت أيام السلطان والإمبراطورية العثمانية». وفي بغداد حذر رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي من تبعات نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان بعدما تحدث مع ترامب عبر الهاتف، إن «الرئيس الفرنسي عبر عن قلقه من إمكان أن تعترف الولاياتالمتحدة بشكل أحادي بالقدس عاصمة لإسرائيل». الخارجية الأميركية تعارض وتوقع مسؤولون أميركيون كبار أن يصدر ترامب أمراً موقتاً بتأجيل نقل السفارة. ورجح مسؤول أميركي أن يرفق ترامب مع التوقيع أمراً لمساعديه ببدء تخطيط جاد لنقل السفارة في نهاية المطاف على رغم أنه لم يتضح ما إذا كان سيضع جدولاً زمنياً محدداً. وقال مسؤولان أميركيان آخران اشترطا عدم الكشف عن اسميهما، إن أنباء خطة الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أثارت معارضة من مكتب شؤون الشرق الأدنى في وزارة الخارجية الأميركية المعني بالتعاملات مع المنطقة. وقال مسؤول: «كبار المسؤولين في المكتب وعدد من السفراء من المنطقة عبروا عن قلقهم الشديد من فعل هذا». وأحالت وزارة الخارجية الأسئلة في هذا الشأن إلى البيت الأبيض. ولم يرد البيت الأبيض بعد على طلبات للتعليق بخصوص مخاوف المسؤولين الأميركيين والأجانب من احتمال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وقال مسؤول أميركي رابع إن تقديرات الاستخبارات الأميركية بخصوص اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لإسرائيل هي أنها ستطلق ردود فعل غاضبة ضد إسرائيل، وربما أيضاً ضد المصالح الأميركية في الشرق الأوسط. وقال مسؤول أميركي خامس إن مخاوف الزعماء الفلسطينيين والعرب بشأن تأييد مزاعم إسرائيل بخصوص القدس توضع في الاعتبار، لكن لم يتم اتخاذ قرارات نهائية. وكانت لدى دانييل بنجامين المسؤول الأميركي السابق في مكافحة الإرهاب والذي يعمل حالياً في جامعة دارتموث، رسالة بسيطة، إذ قال: «هذا لعب بالنار». واشنطن ليست وسيطاً نزيهاً إلى ذلك، حذر نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس للشؤون الدولية، من أن اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة لإسرائيل يعني إنهاء جهود السلام الأميركية التي أعلن عنها ترامب. وقال إن «ذلك يدمر تماماً أي فرصة لأن يلعب (ترامب) دوراً كوسيط نزيه» في عملية السلام. وأضاف شعث أن هذا الإعلان لن يؤدي للتوصل إلى «صفقة القرن»، في إشارة إلى العبارة التي استخدمها ترامب عندما تعهد بالعمل للتوصل إلى اتفاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وحذر شعث: «لن نقبل بالولاياتالمتحدة وسيطاً ولن نقبل بترامب وسيطاً. هذا ينهي دور الأميركيين في هذه العملية». وأضاف: «لم نطلب أي شيء خارج حل الدولتين» مشيراً إلى أن «ترامب وإدارته يقومون بخرق ذلك». من جهة أخرى، قال كبير ممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن أول حسام زملط من أمس، إن اعتراف الولاياتالمتحدة رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل سيكون «قبلة الموت» لحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأضاف: «سيكون هذا فعلياً قبلة الموت لحل الدولتين لأن القدس هي محور حل الدولتين». وتابع: «إذا اتخذت خطوة كهذه، فسوف تكون لها عواقب كارثية». وتشمل القضايا الأساسية في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني الحدود ومستقبل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية ومصير اللاجئين الفلسطينيين ووضع القدس. ويسعى الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة في الضفة الغربيةالمحتلة وقطاع غزة عاصمتها القدسالشرقية.