يبدو أن الضغوط التي مورست لإبعاد الجمهور الأميركي الكبير عن مشاهدة مسلسل «آل كينيدي»، حققت بعض النجاح. فالحلقتان الأوليان من المسلسل لم تجذبا اكثر من مليوني مشاهد في الولاياتالمتحدة، في حين انخفض عدد مشاهدي الحلقة الثالثة إلى 800 ألف مشاهد. وساهم امتناع قناة «History» عن عرضه بعدما أعلنت في نهاية العام الماضي أنها ستبثه، قبل أن تتراجع بعد ضغوط كبيرة، ثم رفض قناة «شوتايم» بثه أيضاً، وعرضه على قناة «ReelzChannel « التي تملك شعبية اقل بكثير من القناتين المذكورتين، في تقليل فرص المسلسل في الوصول إلى قاعدة جغرافية واسعة من الجمهور الأميركي. لكنّ السبب الذي يمكن أن يعزى إليه انخفاض عدد المشاهدين للحلقة الثالثة مقارنة بالحلقتين الأولى والثانية، يعود ربما إلى المستوى الفني للمسلسل نفسه، وليس «عدم الدقة التاريخية». وهو الاتهام الأبرز الذي تعرض له المسلسل، ومن شخصيات أميركية معروفة، بعضها عمل مع الرئيس الأميركي جي. أف. كينيدي، مثل تيد سورنسين الذي كتب ابرز الخطب السياسية للرئيس الأميركي الراحل، وودع العالم هو الأخر في العام الماضي، ليكون اعتراضه القوي على المسلسل، والذي لم يعرض وقتها، آخر النشاطات العلنية له. الاعتراض الأهم الآخر، جاء من أفراد من عائلة كينيدي، وكما تنقل الصحف الأميركية، أدت علاقاتهم القوية بالإعلام إلى منع عرض المسلسل في قنوات تلفزيونية عدة. هذه الاعتراضات، وإن صحت الروايات المنقولة، لا يمكن أن ترجع إلى الدقة التاريخية وحدها التي أزعجت مساعدي العائلة ومستشاريها الأحياء الباقين، بل الصورة التي نقلها المسلسل عن رموز العائلة التي تعد الأشهر في التاريخ الأميركي الحديث. من الجد جوزيف، إلى الأبناء الذكور الثلاثة الذين رحلوا جميعهم في حوادث مأسوية، ولم يدخر نساء العائلة، وأبرزهن جاكلين كينيدي التي قدمتها الحلقات الأولى كشابة صغيرة، وقعت في غرام السياسي الشاب وقتها جون كينيدي ليتزوجا في منتصف الخمسينات من القرن العشرين. وإذا كان جون كينيدي هو الابن الأكثر شهرة للعائلة الأميركية الشهيرة، إلا أن الحلقات الأولى من المسلسل تركز كثيراً على الأب جوزيف الذي عاش حياة طويلة حافلة، إذ شهد المجد مع فوز ابنه جون في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 1960، لكن حياته عرفت أيضاً الفواجع الكبيرة مع رحيل أبنائه الثلاثة. المسلسل يقدم الأب كمهووس بالسلطة، يقوم، وبعد أن يفشل في تحقيق حلمه السياسي الخاص، بدفع أبنائه، ضد رغباتهم أحياناً، إلى أتون السياسة الملتهب، وهو لن يكون رحيماً بهم أبداًَ. ظُل الأب لن يخيم على الأبناء فقط، بل سيصل إلى نساء المسلسل، وبخاصة زوجته روث، العميقة التدين، والتي تصارع غضبها من العلاقات النسائية لزوجها وتسلطه وولاءها للعائلة. ويعدّ المسلسل، الذي سيعرض على نطاق واسع في أوروبا الشهر المقبل، ويمكن مشاهدته على الإنترنت حالياً، تراجعاً كبيراً عن المستوى الرفيع الذي وصلت إليه المسلسلات الأميركية في السنوات العشر الأخيرة. فلا شيء في المسلسل الذي توافرت له موازنة ضخمة وصلت إلى 14 مليون دولار، يقترب من التراجيديا المفترضة التي أحاطت بعائلة كينيدي، لأسباب عدة اهمها، السيناريو الذي لم ينجح في ربط الأحداث التاريخية، المعروفة للكثيرين، بدراما تكشف وتقترب من الشخصيات التاريخية وتمنحها الإثارة والآنية التي تميز الدراما الناجحة. الإخفاق أيضاً وصل إلى مجموعة النجوم الذين لعبوا الأدوار الأساسية، مع إخراج متواضع، جعل المسلسل يبدو على رغم تكلفته الباهظة، فقيراً بشكله وتنفيذه.