سجلت اليابان في 2011 أول عجز تجاري سنوي منذ 31 عاما لأسباب بينها الزلزال الذي أدى إلى حدوث تسونامي في مارس الماضي، وانعكاسات قوة الين على الصادرات في عام 2011، وارتفاع أسعار الوقود الذي أدى إلى زيادة كلفة الواردات. وأعلنت وزارة المالية اليابانية أمس أن أول عجز تجاري تسجله اليابان منذ عام 1980 بلغ نحو 2.49 تريليون ين (32 مليار دولار). وارتفع حجم الواردات بنسبة 12% مقارنة مع 2010، بحسب الوزارة التي قالت إن ذلك الارتفاع كان خصوصا في واردات النفط والغاز الطبيعي المسال، فيما انخفضت الصادرات بنسبة 2.7% وخاصة في السيارات وعدد آخر من السلع. فبعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، تمكنت اليابان من أن تصبح بلدا تجاريا يتمتع بفائض كبير بفضل صادراتها من السيارات والإلكترونيات وغيرها من الصادرات ذات المزايا التنافسية. إلا أن واردات هذا البلد الفقير في الموارد، من مصادر الطاقة ارتفعت في أعقاب أزمة مفاعل فوكوشيما النووي حيث تم إغلاق محطات كهربائية تعمل بالطاقة الذرية وبدأ استخدام المحطات العاملة بالوقود الأحفوري للتعويض عن النقص. كما أدى الزلزال والتسونامي إلى عرقلة عمليات الإنتاج والتصنيع في اليابان، فيما أدت أزمة ديون منطقة اليورو إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، ودفعت بالمتعاملين في السوق المالية إلى اللجوء إلى العملة اليابانية الآمنة، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها وبالتالي انخفاض دخل اليابان من الواردات. وفي الإجمال، ارتفعت كلفة واردات اليابان من النفط الخام بنسبة 21.3 %، كما ارتفعت وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 37.5 %، ومن منتجات النفط بنسبة 39.5 %، فيما انخفضت صادرات اليابان من السيارات بنسبة 14.2%. وتضاعف العجز التجاري مع الصين، أكبر شريك تجاري لليابان، أكثر من خمس مرات مقارنة مع عام 2010. وسجلت البلاد فائضا في التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، إلا أن ذلك الفائض كان أقل بنسبة 31.3% مقارنة مع عام 2010. وسجلت اليابان عجزا بقيمة 10.8 تريليونات ين في الشرق الأوسط وحده، والذي يزودها بمعظم احتياجاتها من النفط، وعجزا بمقدار 3.1 تريليونات ين مع منطقة أوقيانيا التي تعد مصدرها لاستيراد كميات كبيرة من المواد الطبيعية الخام، خاصة من أستراليا. وكانت اليابان سجلت عجزا تجاريا آخر مرة في عام 1980 أثناء معاناة ذلك البلد من ثاني أزمة نفطية، حيث تجاوزت الواردات قيمة الصادرات بنحو 2.6 تريليون ين، وهو الرقم الذي لا يزال قياسيا. وقال ساتوشي أوساناي الخبير الاقتصادي في مؤسسة دايوا للأبحاث "هذا أسوأ عام للتجارة اليابانية منذ عام 1980. وأسباب ذلك انخفاض الصادرات وارتفاع الواردات بسبب الاحتياجات العالية للطاقة البديلة". وأضاف أن "التجارة كانت سيئة في الاتجاهين"، مشيرا إلى أن انخفاض الصادرات كان أسوأ في الأزمة المالية في عام 2008 التي تبعت انهيار بنك ليمان براذرز الأميركي، عندما سجلت اليابان عجزا تجاريا خلال ذلك العام المالي. ومن غير المرجح أن ينخفض الطلب الياباني على النفط وغيره من أنواع الوقود في المستقبل القريب، وقال أوساناي إن أسعار الطاقة لا تزال مرتفعة "مما يؤدي إلى تأثير سلبي كبير". وتسهم قوة سعر صرف الين الذي سجل أرقاما قياسية متكررة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مقابل الدولار في عام 2001 ولا يزال قريبا من ذروته، في خفض تكاليف الاستيراد، إلا أن تأثيره السلبي على الصادرات أكبر. وقال دايجو اوكي الاقتصادي في مؤسسة يو بي اس المالية إن اليابان ستسجل عجزا متكررا في التجارة. وأوضح أنه مع تقدم سن سكان اليابان فإن قدرتها على الإنتاج ستقل مما سيؤثر على قوتها التصديرية. وتوقع أن تسجل اليابان عجزا تجاريا متكررا على المدى الطويل، غير أن سكرتير الحكومة أوسامو فوجيمورا، كبير المتحدثين باسم الحكومة، أشار إلى أن ميزان مدفوعات اليابان الذي يشتمل على الخدمات وغيرها من التعاملات المالية لا يزال يسجل فائضا.