يشكل ارتفاع الطلب على النفط والغاز في اليابان نقطة تحول إيجابية على اقتصاديات دول الخليج بعد التسونامي الذي ألحق أضراراً جسيمة ببعض محطات الطاقة النووية في اليابان التي كانت تحد من استهلاك الطاقة النفطية. وتشير التوقعات إلى استفادة دول الخليج المصدرة للنفط جراء الزيادة في الطلب الفعلي على هذه السلعة، لصالح صادراتها ، حيث تظهر التقارير أن كل ارتفاع بنسبة 1 بالمائة في الطلب الياباني على النفط، يعكس إيرادات مالية على الصادرات النفطية الخليجية بنحو مليار دولار سنوياً، أي ما يمثل 0.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة. وبالنظر إلى ما كان عليه الاعتماد المتزايد لليابان على الطاقة النووية في مجال استهلاك الطاقة، فإن التراجع المحتمل في الطاقة النووية سيفتح المجال أمام الاعتماد على مصادر بديلة للطاقة، ومنها النفط والغاز، وفي المدى المتوسط قد يزيد ذلك الطلب على النفط والغاز ويضغط على الأسعار للارتفاع. كيف ستنعكس هذه الإيرادات الإضافية على المسيرة التنموية للدول المعنية وكيف ستستفيد منها في تحصين بنيتها التحتية من مشاريع تعليم وصحة وسكن وتعزيز رفاهية المواطن، وهل ستكفي هذه الإيرادات الإضافية لتمويل المشاريع التنموية من دون تغيير جذري في وضع الميزانية؟. وتشير معادلات السوق إلى أن الارتفاع في أسعار النفط بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية سيمنح الحكومات الخليجية قوة إنفاق إضافية، من غير أن تلجأ إلى صناديقها السيادية. حيث تؤكد التقديرات على أن ارتفاعا بمقدار دولار واحد في أسعار النفط يضيف نحو 4.5 مليار دولار في السنة إلى الإيرادات الحكومية الخليجية. وإذا بلغ سعر برميل النفط 100 دولار في العام 2011، فإن ذلك سيرفع الإيرادات الحكومية بأكثر من 100 مليار دولار مقارنة بالسنة الماضية، أي بما يشكل 28 بالمائة من المصروفات المقررة في ميزانية العام 2011. وتتراوح التوقعات الحكومية لأسعار النفط للعام 2011 ما بين 55 دولارا و80 دولارا للبرميل. وإذا ما افترضنا وصول سعر النفط إلى 100 دولار سعرا للبرميل، فإن ذلك قد يعني إيرادات حكومية إضافية (فوق الميزانية) تقدر ب 194 مليار دولار هذا العام، أي ما يعادل 17 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي، وأكثر من نصف المصروفات الإجمالية المقررة في الميزانيات المجمعة لهذا العام. ويبقى السؤال الروتيني مطروحا، كيف ستنعكس هذه الايرادات الاضافية على المسيرة التنموية للدول المعنية وكيف ستستفيد منها في تحصين بنيتها التحتية من مشاريع تعليم وصحة وسكن وتعزيز رفاهية المواطن، وهل ستكفي هذه الإيرادات الإضافية لتمويل المشاريع التنموية من دون تغيير جذري في وضع الميزانية، أو من دون أن ترغم الحكومات على الاستعانة بصناديقها السيادية؟