الارتقاء بالتعاون السعودي - الفرنسي في العُلا لمستويات أعلى    «الجودة» في عصر التقنيات المتقدمة !    سياسات أقطاب «النظام العالمي» تجاه المنطقة.. !    وزير الرياضة يشهد ختام منافسات الجولة النهائية للجياد العربية    انطلاق أولى سباقات ميدان فروسية الجبيل للموسم الحالي    إعلان برنامج انتخابات الاتحادات الرياضية    ألوان الأرصفة ودلالاتها    وطنٌ ينهمر فينا    المرتزق ليس له محل من الإعراب    ختام مزاد الصقور السعودي    الإعلان عن أسماء الفنانين العالميين في «نور الرياض» ومشاركة «18» سعوديًا    حول العالم    أسعار اليوريا العالمية تتباين في أعقاب الركود وتأمين المخزون في أميركا والهند    زيلينسكي يفضل الحلول الدبلوماسية.. ومجموعة السبع تهاجم روسيا    ضبط 20124 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل    "ديوان المظالم" يقيم ورشة عمل لبوابة الجهات الحكومية    إحباط تهريب (32200) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي في جازان    «إنسان».. خمس جوائز وتأهل للعالمية    أمير تبوك يطمئن على صحة الضيوفي    المملكة تقدم مساعدات إنسانية وإغاثية ب133 مليار دولار ل170 دولة    تحقيق يكشف الدهاء الروسي في أوكرانيا    التواصل الحضاري ينظم ملتقى التسامح السنوي    ختام مسابقة القرآن والسنة في غانا    خطيب المسجد الحرام: احذروا أن تقع ألسنتكم في القيل والقال    إمام المسجد النبوي: استبصار أسباب الفلاح يؤدي إلى السعادة    المؤتمر الوزاري لمقاومة مضادات الميكروبات يتعهد بتحقيق أهدافه    الاخضر يدشن تدريباته في جاكرتا لمواجهة اندونيسيا    تدريبات النصر: بيولي يستدعي 12 لاعبًا شابًا    اتحاد القدم يحصل على العضوية الذهبية في ميثاق الاتحاد الآسيوي لكرة القدم للواعدين    توقيع مذكّرة تفاهم بين السعودية وتونس لتشجيع الاستثمار المباشر    74 تشكيليا يؤصلون تراث وحضارة النخلة    أخضر الشاطئية يكسب الصين    ضبط يمني في الدمام سكب الأسيد على آخر وطعنه حتى الموت    تكريم الفائزين بمسابقة حرف    المملكة تتسلم رسمياً استضافة منتدى الأمم المتحدة العالمي للبيانات 2026 في الرياض    الزفير يكشف سرطان الرئة    تطوير الطباعة ثلاثية الأبعاد لعلاج القلب    القهوة سريعة الذوبان تهدد بالسرطان    قوافل إغاثية سعودية جديدة تصل غزة    مسلح بسكين يحتجز عمالاً داخل مطعم في باريس    أمير الباحة يكلف " العضيلة" محافظاً لمحافظة الحجرة    حسن آل الشيخ يعطّر «قيصرية الكتاب» بإنجازاته الوطنيّة    الأحساء وجهة سياحية ب5 مواقع مميزة    «هلال نجران» ينفذ فرضية الإصابات الخطيرة    خطأ في قائمة بولندا يحرم شفيدرسكي من المشاركة أمام البرتغال بدوري الأمم    المواصفات السعودية تنظم غدا المؤتمر الوطني التاسع للجودة    تطبيق الدوام الشتوي للمدارس في المناطق بدءا من الغد    "السوق المالية" و"العقار " توقعان مذكرة تفاهم لتنظيم المساهمات العقارية    «سلمان للإغاثة» يوزّع 175 ألف ربطة خبز في شمال لبنان خلال أسبوع    وظائف للأذكياء فقط في إدارة ترمب !    تركيا.. طبيب «مزيف» يحول سيارة متنقلة ل«بوتوكس وفيلر» !    مركز عتود في الدرب يستعد لاستقبال زوار موسم جازان الشتوي    الأمير محمد بن سلمان.. رؤية شاملة لبناء دولة حديثة    عبدالله بن بندر يبحث الاهتمامات المشتركة مع وزير الدفاع البريطاني    خالد بن سلمان يستقبل وزير الدفاع البريطاني    أمير تبوك يطمئن على صحة مدني العلي    البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راينر هيرمان: ما من شباب أكثر تعطشاً للحرية والإصلاح والتغيير مثل شباب المملكة
نشر في الحياة يوم 05 - 12 - 2017

{ وزير خارجية ألمانيا في حكومة تسيير أعمال سيجمار غابريل قرر حزبه الاشتراكي الديموقراطي بعد الانتخابات الأخيرة في نهاية شهر أيلول (سبتمبر)، أن يكون في المعارضة، ولا يستمر في الائتلاف الحاكم مع المستشارة أنغيلا ميركل، اختار غابريل في هذا التوقيت – أثناء مشاورات الأحزاب الأخرى لبحث إمكان تشكيل ائتلاف حاكم جديد - أن ينتقد سياسات المملكة، فردت المملكة باستدعاء السفير السعودي لدى برلين للتشاور، وهو ما يعتبره راينر هيرمان تصرفاً مبالغاً فيه، ويشير إلى أن غابريل يتحدث أحياناً باندفاع، فيتسبب في أضرار جانبية لا مبرر لها.
في مجال السياسة الخارجية يرى هيرمان أن قيادة العالم العربي أصبحت قدر المملكة، أما في الشأن الداخلي السعودي فيتحدث عن عقد اجتماعي جديد، ينظم العلاقة بين الحاكم والشعب.
ويرى أن المملكة تسير في الاتجاه الصحيح، وإذا تحدث السفير السعودي السابق لدى برلين وزير الإعلام الحالي الدكتور عواد العواد، فإنه يشيد به بشدة، وبقدرته على التواصل مع كل الجهات الألمانية، يرى أن برنامج الابتعاث الخارجي للطلاب السعوديين يعني اعترافاً ضمنياً من المسؤولين السعوديين بضعف النظام التعليمي في المملكة، خصوصاً المرحلة الجامعية، ويشدد على أنه لو تحقق حتى 60 أو 70 في المئة من رؤية 2030 فإن المملكة ستصبح دولة أخرى، ويعتبر أن نشر الخوف من الإسلام في الغرب أمر مبالغ فيه.
كيف ترى الأوضاع في المنطقة العربية حالياً؟
يعاني العالم العربي من أكبر أزمة في تاريخه منذ هجوم المغول، بل ربما حتى قبل ذلك، هناك دول تتفتت، وأنظمة إقليمية تنهار، وتنشأ فراغات، وتخوض دول كبرى حروباً بالوكالة في هذه الفراغات، وتستغل إيران هذه المرحلة من الضعف في العالم العربي، لكي توسع نفوذها.
كيف التوتر الحالي بين إيران والمملكة؟
كان العالم العربي طوال 800 سنة، سني المذهب، ومنذ الثورة الإيرانية عام 1979 نرى تغيرات كثيرة، حذر منها العاهل الأردني الملك عبدالله، عقب انهيار نظام صدام حسين، حين تحدث عن هلال شيعي.
لكن في هذه الأثناء لم يعد مجرد هلال، وانبعث من جديد التصور الإيراني لإمبراطورية تمتد حتى البحر الأبيض المتوسط، فهناك ميليشيات شيعية في سورية، ودعم لأنشطة حزب الله وتزويده بالأسلحة في لبنان، والصاروخ الذي انطلق ليلة الرابع من تشرين الثاني (نوفمبر) من اليمن تجاه العاصمة السعودية الرياض كان على يد ضابط من حزب الله – بحسبما أدلى به وزير الخارجية السعودي عادل الجبير - كان هدف الصاروخ هو المملكة العربية السعودية والتي هي قلب العالم العربي السني، وإذا لم تقف السعودية أمام إيران، من سيفعل ذلك سواها؟
هل تتولى المملكة الآن قيادة العالم العربي؟
نعم، من سواها يقدر على هذه المهمة حالياً؟ مصر منشغلة بنفسها، في ظل التحديات الهائلة التي تواجهها، في كل عام يأتي 800 ألف شخص جديد إلى سوق العمل، قلة منهم تحصل على وظيفة، وأعداد الشباب العاطل عن العمل في ازدياد.
وهناك توقعات للأمم المتحدة بأن يصل عدد السكان في مصر حتى عام 2050 إلى حوالى 153 مليون نسمة، يعيشون فوق مساحة 4 في المئة فقط من البلاد على وادي النيل، ولست بحاجة لتوضيح ما وصل إليه تردي الأوضاع في العراق وسورية، لذلك أصبحت قضية قيادة العالم العربي قدر المملكة.
كيف ترى الحرب في اليمن؟
أوضح هذا القرار أن المملكة اليوم، ليست مثل المملكة في الأمس، حين كانت الأمور تسير ببطء شديد للغاية، من أجل التوصل إلى قرارات بالإجماع، داخل منظومة الحكم، وبين علماء الدين، ولإقناع الشعب، وعندها يكون الوقت المناسب فات.
ما الذي قصدتموه حين كتبتم أخيراً افتتاحية تتحدث عن عقد اجتماعي جديد في المملكة؟
أعتقد أن العقد السابق الذي كان مبرماً بين الأسرة الحاكمة وعلماء الدين، في طريقه إلى التحول إلى عقد اجتماعي بين الحاكم والشعب، لا أتوقع أن يكون هناك برلمان كامل الصلاحيات، قادر على البت في الموازنة والسياسات الأمنية، لكن أن تكون هناك مجالس وآليات تتيح للمواطنين المزيد من الفرص للإدلاء بالرأي، الأمر الذي يمثل توسعاً في مفهوم المواطنة.
بعد القرارات الأخيرة في المملكة لمحاربة الفساد، أشاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بذلك، لكننا لم نسمع أي رد فعل من الحكومة الألمانية، فما السبب؟
ألمانيا منشغلة طوال هذه الفترة بالنقاشات المعقدة حول تشكيل الائتلاف الحكومي الجديد من ثلاثة أحزاب، لذلك لا تتوقع أي شيء حالياً من برلين بهذا الشأن.
هل معنى ذلك أن الأمر لم يثر اهتمام أحد في دوائر صنع القرار الألماني؟
من المؤكد أن هناك نقاشات دارت بين السياسيين الألمان سعياً لفهم ما يجري في المملكة، لكن لا يمكن مقارنة السياسة الألمانية بالسياسة الأميركية، الساسة في برلين لا يمارسون السياسة من خلال تغريدات على تويتر، ونقاشاتهم تستغرق وقتاً أطول من كتابة 140 حرفاً.
لكن وزير الخارجية الألماني سيجمار غابريل انتقد أخيراً سياسات المملكة، فهل يمثل ذلك موقف الحكومة الاتحادية؟
تشعر الحكومة الاتحادية بالقلق إزاء التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط، علماً أن ألمانيا تتبنى تقليدياً موقفاً يقوم على إمكان حل الصراعات عن طريق الحوار، ولهذا السبب قامت ألمانيا أيضاً بدعم الاتفاق النووي مع إيران، من المؤكد أن حديث وزير الخارجية غابريل يكون في بعض الأحيان مندفعاً، ومع ذلك، فإنه لم يتسبب سوى في أضرار جانبية لا لزوم لها، ولكن لا تنس أن ألمانيا تتحمل بالفعل عواقب الحرب في سورية من خلال تدفق اللاجئين، كما أن اندلاع المزيد من الحروب سيضرب أيضاً ألمانيا واستقرارها.
ما أهم التغييرات السعودية التي يراها الرأي العام الألماني؟
من المؤكد أن حصول المرأة السعودية على المزيد من الحريات أثار انتباه الجميع في ألمانيا، من إلغاء الحظر على قيادة السيارات، إلى دخول الملاعب. وأيضاً بالنسبة للاعتقالات التي تمت بشأن الفساد.
هل يفهم المراقبون الألمان دوافع هذه القرارات؟
دعنا نعترف بأن كسب المال في المملكة ظل لفترة طويلة يعاني من المناطق الرمادية، ولا يتم تبعاً لمبادئ القانون ولا الشفافية، وتزامن ذلك مع جهود التحديث التي بدأت بصورة كبيرة في عهد الملك فهد، الذي يعتبر (أبو الحداثة)، وقد تسببت هذه الطفرة والثراء في قيام البعض بتجاوزات قانونية، والآن اتضح أن ذلك الوضع لا يمكن أن يستمر بهذا الشكل، لأن الاقتصاد السعودي لم يكن بالدرجة المطلوبة قائماً على المعرفة ، أو قادراً على المنافسة.
كيف تفهم قرارات ولي العهد بهذا الشأن؟
أدرك ولي العهد السعودي أن مستقبل المملكة وقدرتها على لعب دور قيادي في العالم العربي يحتاج إلى وجود ظهير شعبي يدعم هذا التحول.
حسناً، المملكة تتغير وتسير في الاتجاه الصحيح كما ذكرت، فهل ستتخلى وسائل الإعلام الغربية والمجتمعات الأوروبية عن الصور النمطية التي روجت لها وسائل الإعلام هنا والإصرار على الربط بين مواطنين من المملكة وبأحداث ال11 من سبتمبر؟
عيب الصور النمطية والأحكام المسبقة أنها تظل عالقة لسنوات طويلة في الأذهان، على رغم التغييرات الكثيرة التي من المفترض أن تمحوها، أعرف أن الأمر صعب، لكنه ليس مستحيلاً، والمؤكد أنه إذا شاهدت مثلاً الأفلام والبرامج التلفزيونية الأميركية أو البريطانية، والتي تتناول ألمانيا فإنك ستجد أن أكثر من نصفها يتحدث عن ألمانيا النازية في فترة الحرب العالمية الثانية.
هل تستطيع السفارة في برلين أن تسهم في نقل الصورة الصحيحة والتعريف بالتحولات التي تشهدها المملكة؟
لقد فعل ذلك السفير السعودي السابق الدكتور عواد العواد، الذي كان سفيراً بالمعني الحرفي لهذه الكلمة، وفي أفضل معانيها، لأنه لم يكن قابعاً خلف مكتبه، بل خرج كثيراً وتحدث مع سياسيين، وذهب إلى البرلمان الاتحادي (البوندستاج) وإلى الوزارات، وسافر إلى مختلف الولايات، وتكلم مع قطاع الأعمال، وأقام علاقات مع الجميع.
كيف كانت علاقته بالإعلاميين الألمان؟
كان يقول لنا أريد أن أعرف كيف ترون المملكة، ووجه لنا الدعوة لزيارتها، للتعرف على الأوضاع الحقيقية فيها، وكان يقول دوماً دعونا نتحدث سوياً.
الآن هو وزير الإعلام، وأنت إعلامي فكيف تنظر إلى مهمته الجديدة؟
هو يمثل الموقف الرسمي لحكومة بلاده، وهو فعلياً المتحدث الرسمي باسم الحكومة، وعليه أن يمثل سياسة بلاده، أرى أنه يقوم بعمله بصورة جيدة.
في بعض وسائل الإعلام الألمانية أجد خطابات من السفارة الإسرائيلية تحتج فيها على مقالة ما، فهل لو قامت السفارة السعودية بذلك فستجد الرسالة طريقها إلى النشر؟
لم أتلق رسائل شكوى من السفارة السعودية على مقالات في صحيفتنا، لكن عموماً إذا كان مضمون الرسالة مبرراً من الناحية الموضوعية، فإننا نشرها.
هل تعتقد أن الإدارة الأميركية يمكن أن تدعم حرباً في المنطقة، بهدف إضعاف إيران، والتخلص من الاتفاق النووي الذي يمقته الرئيس دونالد ترامب؟
أرى أن الرئيس الأميركي يريد إشغال إيران بحروب جانبية محدودة، لكنه يريد أن يقتصر الأمر على تحدي النظام في طهران، وليس إلى المواجهة العسكرية، لأن حرباً مثل هذه ستجعل المنطقة كلها تكتوي بنار هائلة، سيصل لهيبها إلى أفريقيا وآسيا وأوروبا.
... وهو الأمر الذي يجعل ترامب لا يقدم على ذلك؟
القضية أن مثل هذا القرار لا يتخذه الرئيس الأميركي بمفرده، وهناك جنرالات في البيت الأبيض يقدمون له المشورة، وهؤلاء يعرفون جيداً ماذا يعني اندلاع حرب، ومتى ينبغي خوض معركة، ومتى لا ينبغي ذلك، ولعل ذلك هو السبب في استخدام ترامب لغة أقل حدة في الآونة الأخيرة تجاه كوريا الشمالية.
اسمح لي أن أتطرق إلى موضوع آخر تماماً، يتعلق ببرنامج الابتعاث الخارجي السعودي، الذي أسهم في دراسة مئات آلاف من الطلاب والطالبات من مختلف أرجاء المملكة في أكبر جامعات العالم، هل تعتقد أن هذا البرنامج أسهم في التقريب بين شباب المملكة وشباب الدول التي درسوا وعاشوا فيها طويلاً؟
دعني أقول بصراحة إن هذا البرنامج يعني بالنسبة لي اعترافاً ضمنياً من المسؤولين السعوديين بضعف النظام التعليمي في المملكة، خصوصاً المرحلة الجامعية، ورأت القيادة السعودية أنها بحاجة إلى شباب مؤهل تأهيلاً عالياً للإسهام في مستقبل بلاده، وليس مجرد خريجين يحملون شهادات جامعية.
لكنه أسهم بالتأكيد في انفتاح جيل بأكمله على العالم من خلال الاحتكاك المباشر والمكثف والطويل مع شعوب دول الابتعاث. أليس كذلك؟
ليس بالضرورة لأن بعض الأشخاص عاشوا في الغرب وأصبحوا متطرفين، علاوة على أن الكثيرين يتصرفون في الخارج، بغير الطريقة التي يتصرفون بها في بلادهم، أي لا تؤثر ثقافة في أخرى، وهذا أمر طبيعي فأنا مثلاً أقود السيارة في ألمانيا تبعاً للقوانين الألمانية، ولكني في تركيا أقودها بحسب القوانين التركية.
هل تعتقد أن الشباب العائد من الدراسة في الخارج سيلعب دوراً مهماً في بلاده في هذه المرحلة؟
الشباب عموماً هم القاعدة التي يستند عليها ولي العهد السعودي في خططه للتحول، وفي استطلاع الرأي للشباب العربي الصادر عن مؤسسة أصداء بيرسون ماستيلر ومقرها دبي، تبين أنه ما من شباب أكثر تعطشاً للحرية والإصلاح والتغيير في أي مكان من العالم العربي مثل شباب المملكة.
إذاً كل الإجراءات التي قام بها ولي العهد تتوافق مع طموحات الشباب، أليس كذلك؟
بالتأكيد، السماح بالترفيه، وإقامة الحفلات والسماح بالعروض المسرحية وعروض لبعض الأفلام، وزيادة الحريات للمرأة، كل ذلك يلبي آمالهم.
أعلن ولي العهد عن رؤية 2030 ثم أعلن أخيراً عن مدينة نيوم، فكيف ينظر قطاع الأعمال إلى ذلك؟ وما رأيك في التشكيك الذي أعربت عنه مجلة دير شبيجل الألمانية حيال ذلك؟
دير شبيجل ليست مجلة اقتصادية، كما أنه من المعلوم أن وضع رؤية يهدف في المقام الأول إلى رفع سقف الطموحات والتوقعات، ولكن مجرد تنفيذ جزء منها يعتبر أمراً جيداً، لو تحقق حتى 60 أو 70 في المئة من رؤية 2030 فإن المملكة ستصبح دولة أخرى، لن يحدث ذلك بين يوم وليلة.
وماذا عن مشروع نيوم؟
هذا يتعلق بما ستفعله الحكومة السعودية، والتغيير سنة الحياة، تذكر كيف كانت عدن يوماً هي أهم الموانئ على المحيط الهندي، ثم اندثرت بتأثير الحكم الاشتراكي في جنوب اليمن، ثم بزغ نجم دبي، التي اختارت الرأسمالية في أكثر صورها راديكالية، والمملكة قادرة على تحقيق قفزات كبيرة، الأمر بيدها.
طالما اتهم الغرب علماء الدين في المملكة بأنهم تسببوا في وقف عجلة الزمن، فهل يمكن أن يعرقلوا خطوات التغيير؟
لا أبداً، أعتقد أنهم سيباركون الإجراءات التي اتخذها ولي العهد، ويصدقون على كل ما يقوله.
اسمح لي أن أتعرض لموضوع مختلف تماماً يتعلق بالمنظمات الإسلامية في ألمانيا، والتي يتهمها الليبراليون المسلمون بأنها متشددة ولا تمثل المسلمين.. ما رأيك في تلك الاتهامات؟
تواجه الحكومة الألمانية الاتحادية وحكومات الولايات هذه المشكلة دوماً، وهي أنها لا تعرف من يمثل المسلمين في ألمانيا، كل منظمة تزعم أنها تمثل القطاع الأكبر منهم، لكنها لا تقدم أي دليل على ذلك، لأن أي مسيحي ينتمي إلى كنيسة، يدفع ضرائب دينية لهذه الكنيسة، لكن المساجد لا تمتلك قوائم بأسماء الأعضاء، الذين يواظبون على الصلاة فيها، ويدفعون الضرائب لها.
حسناً، هل المسلمون في ألمانيا معتدلون أم متشددون؟
أرى أن المسلمين يتأثرون بالمناخ السائد في الدولة التي يعيشون فيها، إذا كانت ديموقراطية، كانت غالبيتهم الكبرى ديموقراطية، وإذا كانت ديكتاتورية فإنهم يكونون أشد ميلاً للعنف، المسلمون أطياف كثيرة، حتى من تتهمهم السلطات بالسلفية، قسم كبير منهم يريد الاقتداء بالسلف ولا علاقة له على الإطلاق بالسلفية الجهادية، لو تركتهم الدولة في شأنهم فإن ذلك سيكون أفضل، إنني أرى أن نشر الخوف من الإسلام، أمر مبالغ فيه.
هل فشلت ألمانيا في التعامل مع الإسلام لأنها لم تجد طرفاً للحوار معه؟
المجتمع الألماني بطبعه محافظ لا يحب التغيير السريع، لم يجد صعوبة في التعامل مع المسلمين من الجيلين الأول والثاني من المهاجرين المسلمين الذين جاءوا بعد الحرب العالمية الثانية، لأنهم كانوا يمارسون شعائر دينهم بعيداً عن أعين الألمان، لكن الإسلام أصبح في السنوات الأخيرة حاضراً ومرئياً أمام الرأي.
ماذا ينبغي على المسلمين فعله لإزالة هذا الخوف؟
إنني أتفهم تماماً المسلمين الذين يقولون إنهم ليسوا مسؤولين عما يقوم به داعش من أعمال إرهابية، ولذلك ليسوا مقتنعين بأن يقدموا اعتذاراً للألمان في كل مرة، ولا أن يتبرأوا من تلك الجرائم. لعل المشكلة تكمن في أن علماء المسلمين تأخروا كثيرا في إدانة داعش، وهو الأمر الذي أثر سلباً في المسلمين ككل، وتحسس بعض الأوروبيين من أن يكون جارهم مسلماً.
استطاعت ألمانيا أن تتعامل مع موجات الإرهاب المختلفة سواء كان جيش الألوية الحمراء أم الإرهاب اليميني، فلماذا يشعر الألمان بأن هذا الإرهاب الذي يقوم به مسلمون ليس له مثيل من قبل؟
بداية لا بد أن أشير إلى أن ضحايا العمليات الإرهابية التي قام بها مسلمون، أقل بكثير من ضحايا الإرهاب اليميني أو اليساري، الفرق الوحيد أن إرهاب جيش الألوية الحمراء كان موجهاً إلى فئة معينة، على عكس الإرهابي الذي يقوم باستئجار سيارة، ثم يقودها بسرعة ليصطدم بأشخاص عاديين يسيرون في منطقة مشاة، ليقتلهم ويجرحهم، ثم يصيح (الله أكبر).
وما ذنب غالبية المسلمين؟
لا ذنب لهم بالتأكيد، لكنهم يتحملون مسؤولية كبيرة في الدفاع عن دينهم وعن بقية المسلمين، وذلك من خلال التعاون مع السلطات الأمنية، للإبلاغ عن أي شخص يحتمل أن يقوم بمثل هذه الأعمال.
ملامح:
- الدكتور راينر هيرمان هو المسؤول عن قضايا الشرق الأوسط في صحيفة «فرانكفورتر ألجيماينه» الألمانية، وهي صحيفة النخبة السياسية والثقافية،
- هو من مواليد عام 1956.
- درس الاقتصاد وعلوم الإسلام، في ألمانيا وفرنسا وسويسرا وسورية.
- حصل على الدبلوم في الاقتصاد.
- حصل على الدكتوراه في علوم الإسلام، وتناول في أطروحته التاريخ السوري الحديث.
- عمل في وظيفة إعلامية بوزارة الاقتصاد الاتحادية.
- كان مراسلاً في الكويت عام 1990، وكان شاهداً على الغزو العراقي هناك.
- انتقل إلى إسطنبول.
- بدأ العمل في صحيفة فرانكفورتر ألجيماينه قبل عقدين من الزمن.
- بقى في تركيا حتى عام 2008، وكان يغطي أحداث العالم العربي أيضاً من هناك.
- في عام 2008 انتقل إلى العاصمة الإماراتية، وبقى في أبو ظبي حتى عام 2012، حيث تعرف على الوجه الحديث للعالم العربي.
- عاد بعدها إلى المقر الرئيس للصحيفة في مدينة فرانكفورت، وينضم إلى مجلس كبار المحررين فيها.
- يكتب عن مختلف الأحداث في العالم العربي، الذي يرتبط فيه بعلاقات وثيقة فيه على جميع المستويات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.