حققت التونسية المولودة في جنوبفرنسا حفصية حرزي شهرتها عام 2007 بعد مشاركتها في فيلم «الحب والسمك» للمخرج عبد اللطيف كشيش، ونالت عن دورها الملفت فيه جائزة «سيزار» كما نالت جائزة ثانية في مهرجان البندقية. بعد نجاحها، توالت العروض على حرزي، التي رفضت أدواراً عدّة لعدم رغبتها «في تدعيم صورة الفتاة المغتربة التي تعاني من ألف مشكلة ومشكلة في الغرب، وتجد نفسها مضطرة إلى ممارسة الدعارة أو تعاطي المخدرات» كما تقول. وترى أن الذكاء وعدم قبول أي عرض مغري يأتي، والتمعن في قراءة السيناريوهات قبل الموافقة عليها، والصبر، من مقومات الممثل الناجح. وهكذا لم تظهر حرزي إلا في نصف الأفلام المطروحة عليها أساساً بما أن العدد الأكبر من الأدوار العربية في السينما الفرنسية يدور حول ما ذكرته الفنانة تحديداً. ومن حسن حظها أن السينمائيين العرب بدأوا في الاهتمام بها وعرضوا عليها أدواراً لا علاقة لها بحكاية الفتاة العربية المغتربة، مثل العراقي عباس فاضل الذي منحها دور بطولة في فيلمه «فجر العالم»، وسعاد البوهاتي المغربية المقيمة في فرنسا التي أسندت إلى حرزي دور فتاة عربية الجذور مولودة في فرنسا ومضطرة في ما بعد إلى الإقامة في المغرب مع عائلتها، وذلك في فيلمها «فرنسية». كما اختارها الممثل والمخرج الفرنسي المعروف فرانسيس هوستير لتشارك العملاق جان بول بلموندو بطولة فيلم «رجل وكلبه» الذي يميز عودته إلى الشاشة بعد غياب دام سنوات طويلة أثر إصابته بجلطة في الدماغ، ومن ثم توليه إخراج مسرحية مأخوذة من الأدب الفرنسي الكلاسيكي هي «فاني وماريوس وسيزار» للراحل مارسيل بانيول. وفي العمل تؤدي حرزي دور فتاة فرنسية من مرسيليا التي كبرت فيها وتجيد لكنتها المميزة. وتشكل «فاني وماريوس وسيزار» أول تجربة مسرحية لحرزي بعدما تابعت دروساً في كونسرفاتوار الفنون المسرحية في باريس. ترغب حرزي في مهنة «حقيقية» تسمح لها بكسب لقمتها إذا ما توقفت عن التمثيل يوماً ما، فهي على دراية تامة أن التمثيل وظيفة آنية. لكن وقوفها فوق الخشبة أثار فيها رغبة الاستمرار في الميدان المسرحي، وتنوي بذل قصارى جهدها للعثور على فرص أخرى مماثلة، من دون التنازل عن السينما، إذ أنها أدركت مدى التكامل بين السينما والمسرح. وفي مهرجان «كان» السينمائي الأخير، بدت حفصية حرزي جذابة وأنيقة تنافس أحلى نجمات باريس وهوليوود، وباتت من أبرز النجمات الواعدات، خصوصا بعدما أثبتت قدرتها على اللعب بمظهرها مثلما فعلت حينما وافقت على زيادة وزنها 15 كيلوغراماً للعب دور في فيلم «الحب والسمك» ، وهو ما فعله سابقاً روبرت دي نيرو في دور الملاكم جيك لاموتا في فيلم «الثور الهائج».