أعلنت هندوراس حظر تجوّل وجمّدت حقوقاً دستورية، لتمكين أجهزة الأمن من احتواء تظاهرات واحتجاجات أوقعت قتيلاً، لخلاف في شأن انتخابات الرئاسة، بعد إعلان المرشحَين فوزهما، فيما لم تُعلَن النتائج على رغم مرور 6 أيام على الاقتراع. وأعلنت المحكمة العليا للانتخابات أن النتائج النهائية ستُعلن مساء الجمعة، لكن شكوى المعارضة من الفرز عرقلت ذلك. وقال رئيس المحكمة ديفيد ماتاموروس أنه بمجرد الانتهاء من كل عمليات الفرز، قد تبدأ اللجنة الانتخابية مرحلة «خاصة» لإعادة تعداد محاضر تثير خلافاً، في حضور ممثلين عن الأحزاب السياسية. وأضاف: «لن نعلن بعد ذلك عن نتائج جديدة حتى الانتهاء من عملية التحقق». والموعد النهائي الوحيد الذي يُفترض أن تلتزم به المحكمة هو بعد مضي شهر على الانتخابات التي نُظمت في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وكانت النتائج تميل لمصلحة مرشح المعارضة اليساري سلفادور نصرالله بخمس نقاط، مع فرز أكثر من نصف الأصوات. ثم تأرجحت لمصلحة الرئيس المنتهية ولايته خوان أورلاندو هرنانديز، بعد تجميد الفرز الاثنين واستئنافه لاحقاً، اثر تعرّض النظام المعلوماتي للمحكمة لانقطاع دام 5 ساعات، ما أدى إلى احتجاجات نظمتها المعارضة. وأعلنت المحكمة أنها ستفرز يدوياً نحو 1031 صندوق اقتراع، أو نحو 6 في المئة من الأصوات تشوبها مخالفات. وكان هرنانديز يتقدّم بأقل من 50 ألف صوت، أي نحو 1.5 نقطة مئوية، مع انتهاء عملية الفرز المنتظمة (42.92 في المئة مقابل 41.42 في المئة). لكن التحالف اليساري لنصرالله دعا إلى إعادة فرز الأصوات في 3 من 18 إقليماً في البلاد، رافضاً الاعتراف بالفرز الخاص للمحكمة، إلى حين الموافقة على مطالبه بمراجعة أوسع للأصوات. وقال مدير حملة التحالف مارلون أوتشوا: «إذا فاز خوان هرنانديز فإننا مستعدون لتقبّل ذلك. لكننا نعلم أن هذه ليست هي الحال وأن سلفادور فاز بالانتخابات، ولذلك يرفضون مطالب الشفافية»، في إشارة إلى أنصار الرئيس الذي أتاحت له المحكمة العليا السعي إلى ولاية ثانية، على رغم حظر دستوري. وأكد المرشح الليبرالي لويس زيلايا فوز نصرالله وهنأه، علماً أنه حلّ ثالثاً بنيله 14.75 في المئة من الأصوات، فيما نبّه المحلل فيكتور ميزا إلى أن «تلطخ عملية الانتخاب بتزوير واضح وتعزيز استبداد الرئيس هرنانديز، سيؤديان إلى تشويه سمعة هذه العملية». وبعد احتجاجات نظمها أنصار المعارضة، بدعوة من نصرالله، أعلن ناطق باسم الحكومة أن هرنانديز صادق على مرسوم يحظّر التجوّل لعشرة أيام في البلاد، بدأت الجمعة، بين السادسة مساءً والسادسة صباحاً. وأفاد المرسوم بأن كل السلطات المحلية تخضع لسلطتَي الجيش والشرطة، المخولتين بفتح الطرق والجسور ودخول المباني العامة. وأعلن مسؤول حكومي بارز «تجميد ضمانات الدستور، لكي تتمكن القوات المسلحة والشرطة الوطنية من احتواء العنف الذي اجتاح البلاد». لكن هذه التدابير لا تشمل أعضاء المحكمة العليا للانتخابات ومراقبي الانتخابات، المحليين والدوليين، وممثلي الأحزاب السياسية والصحافيين المعتمدين لتغطية الانتخابات. كما لا تشمل العاملين في قطاعات النقل والصحة والأمن والعدل، إضافة إلى الديبلوماسيين أو المبعوثين الدوليين. وقبل إعلان حظر التجوّل، دعا الزعيم المعارض خوان باراونا إلى احتجاجات في كل حي «في الليل والنهار، لأنه السبيل الوحيد للتراجع عن سرقة رئاسة البلاد». وكان آلاف من مؤيّدي نصرالله شلوا حركة السير في هندوراس الجمعة، إذ عرقلوا الطرق المؤدية إلى العاصمة تيغوسيغالبا، وأحرقوا حواجز لرجال الأمن، كما رشقوا شرطيين بحجارة، فردّ هؤلاء مستخدمين غازاً مسيلاً للدموع. وأعلنت مصادر الشرطة مقتل رجل بالرصاص، مشيرة إلى توقيف أكثر من 100 شخص بسبب نهب. وجُرح حوالى 12 من الجيش والشرطة خلال الاحتجاجات، فيما أفاد مستشفى في العاصمة بجرح 10 متظاهرين. وهرع سكان إلى محطات وقود ومحال أغذية، خشية عدم تمكنهم من الخروج من منازلهم بسبب الاضطرابات، لكن متاجر كثيرة أغلقت أبوابها، فيما جُمدت رحلات جوية دولية في المطار. وأظهرت تسجيلات مصورة اصطفاف مواطنين في طوابير لشراء حاجات، في وقت كان لصوص يسرقون أجهزة تلفزيون وغسالات من مراكز تجارية. لكن نصرالله اتهم «دخلاء» تابعين للحكومة بالنهب والعنف، لتبرير فرض حظر التجول. وكتب على موقع «فايسبوك»: «مرتكبو التخريب ليسوا من تحالف المعارضة، إنهم من الحكومة. هذه عمليات (تنفذها) الحكومة لنشر ذعر وإشاعة فوضى وجعل (المواطنين) يعتقدون بأن التحالف يسبّب دماراً».