الجزائر - أ ف ب - تطالب عائلات ضحايا «الربيع الأسود» في منطقة القبائل الجزائرية، بالعدالة وتهدد باللجوء إلى الهيئات الدولية لمتابعة المسؤولين عن قمع تظاهرات نيسان (أبريل) 2001 التي أسفرت عن مقتل 126 شخصاً وجرح مئات. ويؤكد خالد قرماح والد الشاب ماسينيسا الذي كان مقتله الفتيل الذي أشعل منطقة القبائل المتمردة بطبعها، أن «الألم يبقى كبيراً لأن المسؤولين عن هذه الاغتيالات لم يقدموا إلى المحاكمة: إنه اللاعقاب». ويضيف محذراً: «أعطينا الوقت الكافي للدولة من أجل محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم. لكن أمام هذا الصمت الذي يدوم منذ عشر سنوات نجد أنفسنا مضطرين إلى اللجوء إلى الهيئات الدولية من أجل إنصاف عائلات الضحايا». وككل سنة في مثل هذا التاريخ، وقف الكثير من السكان للترحم أمام قبر ماسينيسا قرماح في قرية أغوني عروس. وأصيب تلميذ الثانوية في 18 نيسان (أبريل) 2001 بجروح بالغة عندما أطلق عليه دركي النار من رشاش داخل مركز للدرك الوطني في قرية بني دوالة الجبلية. وكان اعتقل بعد مشادة عادية بين شباب من القرية وعناصر من الدرك. وبعد يومين من الحادثة، توفي ماسينيسا في مستشفى في الجزائر العاصمة. وكانت منطقة القبائل آنذاك تتهيأ للاحتفال يوم 20 نيسان (أبريل) بالذكرى الواحدة والعشرين لثورتها من أجل الاعتراف بالهوية البربرية. وإذا بها تثور مرة اخرى بعد جنازة الضحية في ما بات يعرف ب «الربيع الأسود». وفي كل من قرى القبائل، خرج السكان إلى الشارع للمطالبة برحيل قوات الدرك الوطني من المنطقة. وتطورت التظاهرات إلى مواجهات مع قوات الأمن التي استخدمت الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين. وكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة أنهى سنتين من ولايته الرئاسية الأولى آنذاك، مطلقاً الوعود باسترجاع الأمن في بلد خرّبه الإرهاب، لكنه وجد نفسه في مواجهة أزمة كبرى في منطقة القبائل. وكان أول اجراء اتخذه هو إنشاء لجنة للتحقيق برئاسة ابن منطقة القبائل الحقوقي المشهور البروفيسور محند يسعد. وبعد كل هذه السنين، يقول يسعد إن «التقرير الذي أعددته وسلمته الى الرئيس لم يؤخذ في الاعتبار ولا يزال حبيس الأدراج». وأشار إلى أن التقرير أكد أن «العنف المستخدم ضد المدنيين يشبه الحرب باستعمال ذخيرة حربية، وأن معظم القتلى أصيبوا في المناطق الحساسة من الجسم». وأكد يسعد أن تحديد مواضع الاصابات «يجعل من الصعب تفسيرها على أنها ناتجة من طلقات متفرقة. في اعتقادي، فإن عناصر الدرك ليسوا هم من يتحمل المسؤولية، ولكن يتحملها من رفضوا إعطاء الأوامر بوقف إطلاق النار، وأولئك الذين لم ينتقلوا إلى منطقة القبائل لتهدئة الوضع». ويشير محمد مزياني، وهو أحد ناشطي ما كان يعرف سابقاً ب «حركة عروش القبائل» التي قادت التظاهرات، إلى أن «الاغتيالات التي حدثت في المنطقة بقيت بلا عقاب... يجب محاسبة منفذيها». وتمكن السكان في ربيع عام 2002 بعد شهور من التظاهرات اليومية من انتزاع مطلب رحيل معظم عناصر الدرك الوطني من المنطقة، بعد اتهامهم بالفساد والتعسف في استخدام السلطة. لكن قوات الدرك الوطني عادت تدريجاً بعد ارتفاع مستوى الجرائم في منطقة تعرف أساساً بأنها أحد معاقل تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».