بنغازي - رويترز - روى ليبيون أصيبوا في الفوضى العارمة التي تجتاح مدينة مصراتة كيف أدى ما وصفوه بالقصف العشوائي لقوات العقيد معمر القذافي إلى جعل الحياة هناك لا تطاق. وقبيل نزولهم من عبارة نقلتهم إلى بنغازي في رحلة استغرقت 17 ساعة، توقع جرحى ليبيون أن تباد ثالث أكبر مدن ليبية تماماً إذا لم تتدخل القوى الغربية لإنهاء حكم القذافي. وبدا جزء من السفينة كجناح في مستشفى حين صعد إليه أطباء من بنغازي، معقل المعارضة المسلحة في شرق البلاد، وقاموا بفحص مبدئي للجرحى لتقويم حالاتهم. وجلس أشخاص بدا أنهم زائغو البصر على مقاعد ملفوفين بضمادات في وقت طاف أحد المقاومين حاملاً جزءاً من قذيفة مدفعية قتلت اثنين من أصدقائه. وقال الرجل واسمه علاء الأطرش: «كنت قد غادرت للتو منزلنا عندما أصابت هذه القذيفة المبنى. رأيت اثنين من الأصدقاء يموتون. القذافي يطلق النار في كل مكان». ويعتزم الأطرش الذي أكمل لتوه العشرين من عمره العودة إلى مصراتة قريباً على رغم الوضع الصعب هناك. وقال إن هذه المأساة جعلته أكثر تصميماً عن ذي قبل على رؤية القذافي يرحل. وأضاف: «لدينا أسلحة قليلة جداً. أحيانا أعبئ زجاجة بالبنزين وأشعلها ثم ألقيها عبر خط المواجهة على رجال القذافي». لكن من المتوقع على ما يبدو أن تترك إراقة الدماء تلك آخرين مصدومين لبعض الوقت. ويتدلى من القذيفة التي كان الأطرش يحملها في يده، سلك من النوع الذي ربما أطلق شظايا في وجه محمد مفتاح، وهو طفل يبلغ من العمر تسع سنوات جلس يومئ بهدوء بيده ليجعل أباه يعرف أنه عطشان لأن الكلام مؤلم جداً بالنسبة إليه. وقال والد الطفل: «كان يلعب في فناء منزلنا. إنه مجرد طفل». ووقف جاره الذي كان يجلس خلفه وقبل رأس الطفل لمواساته وقد بدا الألم على وجهه لأنه هو أيضاً أصيب في ساقه بما وصفه برصاصة قناص من قوات القذافي. وتنفي الحكومة الليبية الاتهامات بخرق حقوق الإنسان في مصراتة واستخدام أسلحة محظورة دولياً. وتقول إنها تقاتل متشددي «القاعدة» وليس أشخاصاً يطالبون بمزيد من الحرية. وكان نحو 20 ليبياً على ظهر العبارة التي حملت أيضاً أكثر من 900 مهاجر غاني كانوا يعيشون في ليبيا التي شهدت أعنف الثورات التي تجتاح العالم العربي. وقال الركاب على ظهر العبارة اليونانية «ايونيان سبيريت» التي استأجرتها «المنظمة الدولية للهجرة» إن الشيء الأساسي في مصراتة المحاصرة منذ سبعة أسابيع هو أنه لا يوجد أحد آمن ولا يوجد ما يشير إلى أن قوات القذافي ستخفف قصفها. وحتى الصلاة من أجل إيجاد مخرج من هذا الخطر يمكن أن تكون محفوفة بالخطر. ويقول محمد غاضب، وهو تاجر خزف وضعت ذراعه في ضمادة: القذائف يمكن أن تسقط في أي مكان. كنا في مسجد نسأل الله الغوث وإنقاذنا. وبمجرد خروجنا من المسجد أصابتنا الشظية». وقال أشخاص إن نقص الطعام ليس مشكلة كبيرة، لكن المجازفة بالخروج من أجل جلبه أمر محفوف بالخطر بسبب القناصة. وبالنسبة إلى مصري كان يعمل في مصراتة، فإن التمكن من الفرار من إراقة الدماء هناك أثار ارتياحاً في بادئ الأمر ثم مزيد من الصدمة بعد ذلك. وبطريقة ما خلال الهروب فصل عن أولاده الأربعة الذين تتراوح أعمارهم بين سبعة أشهر وسبع سنوات وانتهى بهم الأمر في عبارة أخرى. وقال الرجل إن «مصراتة تقصف وكل ما يمكنكم تخيله يحدث في مصراتة... الآن بعد أن غادرت، ليست لدى فكرة عن مكان أولادي».