مُنيت جهود الأممالمتحدة الهادفة إلى تحقيق اختراق في مفاوضات جنيف للسلام في سورية المقررة اليوم، بنكسة تراجع مع إعلان الحكومة السورية تأجيل إرسال وفدها المفاوض احتجاجاً على لغة البيان الختامي لاجتماعات المعارضة السورية في الرياض. وكان المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا وقوى دولية أعربوا عن تفاؤل حذر بعد توافق منصات المعارضة على التوجه إلى جنيف بوفد موحد، غير أن تلك الآمال تراجعت أمس مع إعلان دمشق تحفظاتها على بيان المعارضة. وأفادت مصادر ديبلوماسية بأن دمشق «كانت مستاءة بعد قراءة مجهرية لبيان اجتماع الرياض والتفسير الملتبس لقرار مجلس الأمن 2254 تجاه تمثيل كل أطياف المعارضة. وتحدثت المصادر عما سمته «العودة إلى المربع الأول في المفاوضات»، بعد فرض شروط مسبقة، مثل عبارة «سقف المفاوضات رحيل الرئيس بشار الأسد عند بدء المرحلة الانتقالية» (للمزيد). وعشية توجه وفد المعارضة إلى جنيف، التقى وزير الخارجية السعودي عادل الجبير مع رئيس «الهيئة العليا للمفاوضات» ورئيس وفد المعارضة إلى جنيف نصر الحريري. وأفادت وكالة الأنباء السعودية بأنه «تم خلال اللقاء البحث في المستجدات على الساحة السورية، وسبل تحقيق تطلعات الشعب السوري». ويتألف وفد المعارضة إلى جنيف من 8 أعضاء من «الائتلاف السوري» و7 من الفصائل و8 من المستقلين و5 من «هيئة التنسيق» و4 من «منصة موسكو» و4 من «منصة القاهرة». وأعلن دي ميستورا أن الحكومة السورية «لم تؤكد بعد مشاركتها» في الجولة الجديدة المقررة اليوم، قائلاً إنها وجهت رسالة إلى الأممالمتحدة تبلغها فيها بأن وفدها لن يحضر الإثنين إلى جنيف، وسط تقارير عن أن دمشق قد ترسل وفداً لمدة يوم واحد فقط لتوضيح موقف الحكومة السورية. وقالت مصادر ديبلوماسية إن «المواقف التي تطلقها الحكومة السورية عشية موعد المفاوضات قد تؤدي إلى إرجاء بداية الجولة التفاوضية ليوم أو اثنين، كما أن على المفاوض الدولي دي ميستورا ألا يتوقع التمكن من عقد مفاوضات مباشرة بسهولة». وقال دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة مع مجلس الأمن الدولي، إن «الحكومة السورية لم تؤكد بعد مشاركتها». وأضاف: «لقد وجهوا إلينا رسالة مساء أمس تقول إنهم لن يصلوا الإثنين إلى جنيف»، مؤكداً أن الأممالمتحدة لن تقبل «أي شرط مسبق» للمشاركة، سواء من الحكومة السورية أو المعارضة. وتابع: «إذا حضر الطرفان إلى جنيف سنتمكن من إجراء محادثات معمقة». وعلى رغم عدم تأكيد دمشق مشاركتها، بدا دي ميستورا متيقناً من أن جولة المفاوضات ستنطلق بالفعل بمشاركة الحكومة السورية ووفد المعارضة الموحد، وأبلغ مجلس الأمن بأن جولة المفاوضات «يجب أن تدخل في صلب العملية الانتقالية، لا سيما الدستور والانتخابات بما يتوافق مع قرار مجلس الأمن 2254». ورحب دي ميستورا بتشكيل وفد موحد للمعارضة، وأكد دعمه جهود السعودية لتوحيد الوفد المفاوض. وقال إن هدف المفاوضات بناء على قرار مجلس الأمن، هو «انتخابات حرة ونزيهة تحت رعاية الأمم ومجلس الأمن بما يتوافق مع أسس النزاهة ويشمل من هم خارج سورية». من جانب آخر، أعلن دي ميستورا أن اجتماعاً للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي سيعقد اليوم في جنيف بمبادرة من فرنسا، موضحاً أنه سيشارك في «هذا الاجتماع التحضيري». ويندرج هذا الاجتماع في إطار رغبة القوى الكبرى التحرك بنشاط في المسار الديبلوماسي لمواجهة الديبلوماسية الروسية- الإيرانية- التركية النشطة في الملف السوري. إلى ذلك، أعلنت مصادر ديبلوماسية روسية أمس، تأجيل مؤتمر الحوار الوطني السوري في مدينة سوتشي الروسية إلى شباط (فبراير) المقبل. ونقلت وكالة «نوفوستي» عن مصدر ديبلوماسي مطلع قوله: «في الوقت الحالي يتم التحضير للمؤتمر. ولن يعقد قبل كانون الثاني (يناير). وعلى الأرجح في شباط». وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن مؤتمر الحوار الوطني السوري يُراد منه أن يساهم في الإصلاح الدستوري في سورية والتحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ودعا مركز حميميم للمصالحة في سورية، جميع أطراف النزاع إلى التقيد ب «نظام هدنة» في منطقة «خفض التوتر» في الغوطة الشرقية اليوم وغداً، خلال انعقاد جنيف. وقال رئيس المركز الفريق سيرغي كورالينكو: «من أجل تجنب أي انتهاكات لوقف الأعمال العدائية، يدعو المركز جميع أطراف النزاع إلى إجراء نظام هدنة في 28 و29 تشرين الثاني في المنطقة رقم 3 بالغوطة الشرقية». إلى ذلك، أعلن الرئيس المشترك لهيئة العلاقات الخارجية (وزير الخارجية في المناطق الكردية) عبد الكريم عمر، أن واشنطن ستجري «تعديلاً» بخصوص تسليم الأسلحة إلى «قوات سورية الديموقراطية»، إلا أنه أكد أن لا تغييرات طرأت على سياسة واشنطن تجاه هذه القوات. وأوضح عمر ل «فرانس برس» في مقر الوزارة في مدينة القامشلي: «طبعاً سيكون هناك تعديل بخصوص تقديم الأسلحة إلى قوات سورية الديموقراطية بعد القضاء على داعش»، لكن «ليس هناك أي تبدلات في سياسة الولاياتالمتحدة الأميركية بخصوص التنسيق بينها وبين قوات سورية الديموقراطية وفي الجانب السياسي في الإدارة الذاتية، أو مع قيادات في فيديرالية شمال سورية».