شدّد ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز على أنه «اليوم بدأت ملاحقة الإرهاب، واليوم نرى هزائمه في كثير من دول العالم، وخصوصاً في الدول الإسلامية، واليوم سنؤكد أننا سنكون نحن من يلحق وراءه حتى يختفي تماماً من وجه الأرض». وكان الأمير محمد بن سلمان يترأس الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، المنعقد في الرياض أمس تحت شعار «متحالفون ضد الإرهاب»، بمشاركة وزراء دفاع دول التحالف ووفود دولية وبعثات رسمية من الدول الداعمة والصديقة. وقد أكد في كلمته: «لن نسمح لما قاموا به من تشويه لهذه العقيدة السمحة، ومن ترويع للأبرياء في الدول الإسلامية وفي كل دول العالم، أن يستمر أكثر من اليوم». وقال: «اليوم تُرسل أكثر من أربعين دولة إسلامية إشارة قوية جداً إلى أنها ستعمل معاً وتنسق في شكل قوي جداً لدعم جهود بعضها بعضاً، سواء الجهود العسكرية أم الجانب المالي أم الجانب الاستخباراتي أم الجانب السياسي، فهذا الشيء سيحصل اليوم، وكل دولة ستقدم ما تستطيع في كل مجال، وفق قدراتها وإمكاناتها». وأضاف: «لا يفوتني اليوم أن نعزي أشقاءنا في مصر، شعباً وقيادة على ما حدث في الأيام الماضية، وهو فعلاً حدث مؤلم للغاية، وكأنما يجعلنا نستذكر في شكل دوري وقوي خطورة هذا الإرهاب المتطرف. جميعنا نعزي إخواننا في مصر ونؤكد أننا سنقف إلى جانب مصر وكل دول العالم لمكافحة الإرهاب والتطرف». وكان ولي العهد صافح فور وصوله إلى مقر الاجتماع وزراء دفاع دول التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب المشاركين في أعمال الاجتماع، ثم التقطت الصور التذكارية لهذه المناسبة. وبعد ذلك شاهد، والمشاركون والحضور، فيلماً عرّف بالتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب، وأهميته في مواجهة الإرهاب. وزير الدفاع الكويتي: إنها ظروف استثنائية وتحدث في الاجتماع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الكويتي الشيخ محمد خالد الحمد الصباح، فقال «إنه ليس بغريب على المملكة، التي شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، وقامت خلال عقود مضت بدور محوري حافل بالعطاء والتضحية في مكافحة التطرف والإرهاب، الدعوة إلى هذا الاجتماع، مشيراً إلى أن العالم والمنطقة في شكل خاص يمران بظروف استثنائية أفرزت أخطاراً وتحديات يعاني البعض من تداعياتها، وسيعاني الجميع من تبعاتها من دون استثناء، إن لم نقف معاً صفاً واحداً». وأضاف «تتطلب منا هذه الظروف أن نقف بحزم لمنع استغلالها من قبل الجماعات والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة، بما في ذلك المليشيات المسلحة، لوقف نشر أفكارها الهدامة وممارساتها الإجرامية من قتل وتشريد وترويع». وأوضح «أن تبرير تلك التنظيمات والجماعات بأن أعمالها مستوحاة من تعاليم الدين الإسلامي هو أمر بعيد كل البعد عن مبادئ وقيم الشريعة الإنسانية»، مشدداً على أن التحالف اليوم أصبح مؤشراً جوهرياً للمجتمع الدولي، ورسالة بأن الإرهاب والتطرف ظاهرة لا يكاد يخلو منها مجتمع من المجتمعات المعاصرة، وأنها لا ترتبط بدين أو قوم، وأن أكثر من يعاني منها هو المجتمع الإسلامي». وأشار إلى حرص بلاده على المشاركة ضمن الصفوف الأمامية لهذا التحالف، انطلاقاً من موقفها الثابت تجاه الإرهاب والتطرف، ورفضها استغلال الإرهاب الذي اتسعت رقعته جغرافياً على المستويين الإقليمي والدولي. وأوضح أن ما تعرض له مسجد الروضة في مصر من استهداف للمصلين والآمنين يعد دليلاً على أن الإرهاب لا يمت إلى الإسلام بصلة. وأضاف «إذ تعلن الكويت استنكارها الشديد لهذه الحال، تتقدم بخالص العزاء لأهالي الضحايا، مؤكدة وقوفها إلى جانب مصر بكل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها، داعياً الجميع إلى التآخي والتكاتف من أجل بناء تحالف قوي على كل الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية والإعلامية، للوقوف في وجه كل من يحاول المساس بديننا الحنيف، والعمل جاهدين على تحصين أوطاننا، وحماية مجتمعنا من التطرف والفتن والنزاع». وزير الدفاع التركي: دعوة إلى الوحدة الإسلامية وأعرب وزير الدفاع التركي نورالدين جانكلي عن أمله بأن يعزز الاجتماع الأمن والشفافية والمسؤولية في الدول الإسلامية ومجتمع العالم بأسره، مبيناً في كلمته أن بلاده مستعدة لدعم التحالف بكل الصور في سياق التنسيق المشترك. وقال إن التنظيمات الإرهابية تهاجم الأبرياء باسم الإسلام، مستنكراً العمل الإرهابي الذي حدث في مصر، وأن من قاموا بهذا العمل لا يمكن أن يمثلوا الإسلام، بل يقومون باستغلال هذه الفرص بإحداث اضطراب في بعض المجتمعات الإسلامية. وأشار إلى أهمية الوحدة بين الدول الإسلامية، لأنها السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله مكافحة التنظيمات الإرهابية، لافتاً إلى أهمية الحاجة إلى التغلب على المشكلات التي تواجه الدول الإسلامية، من أجل الحيلولة دون اغتنام هذه التنظيمات الإرهابية لها، والتي تحاول أن تستغل الثورات والفجوة في مجتمعاتنا لتحقيق مآربها في ظل هذه الأزمة. وأوضح أنه من الخطأ أن نكافح الإرهاب فقط على مستوى «داعش»، بل هناك تنظيمات إرهابية مثل حزب العمال الكردستاني وغيره، «ولذا فإننا لا يمكن أن نشير إلى هذه المجموعات بمعزل عن الأخرى»، مؤكداً أن بلاده ظلت تعمل باستمرار لمكافحة أعمال «داعش» في داخل البلاد، وفي هذه الأزمة وخارجها، وبخاصة في ظل «درع الفرات». وزير شؤون الدفاع في البحرين: يد إيران في الظلام أما وزير شؤون الدفاع في مملكة البحرين الفريق ركن يوسف أحمد الجلاهمة فقد شكر في كلمته المملكة العربية السعودية على مبادراتها بقيادة التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب، ودفعها إلى العمل المشترك للتصدي لأخطار الإرهاب التي أصبحت تهدد دولنا وشعوبنا. وقال «إن ما تمر به منطقتنا من ظروف استثنائية كان وراءها دول تبنت الإرهاب، ودعمت منظماته، حتى شكلت منعطفاً خطراً يهدد أمننا واستقرارنا، وتأتي في مقدمها إيران التي مدت يدها في الظلام لتُصعد بتدخلاتها ما يشكل تهديداً واضحاً لدول وشعوب المنطقة، فاستهدفت بمنظوماتها وصواريخها بلاد الحرمين الشريفين، وكذلك احتلالها الجزر الإماراتية المتنافي مع قيمنا الإسلامية والأعراف الدولية، كما سعت إلى تأسيس منظماتها الإرهابية كالحرس الثوري وحزب الله والحوثيين». وأضاف «لم تكن مملكة البحرين بعيدةً عن تلك التدخلات الإرهابية، إذ تعرضت لسلسلة من الأحداث الإرهابية كلفتها 26 شهيداً وأكثر من ثلاثة آلاف جريح من رجال الأمن ومن المواطنين، كان آخرها تفجير أنبوب النفط، ما يستدعي منا جميعاً الوقوف صفاً واحداً في وجه الإرهاب»، مؤكداً استنكار مملكة البحرين كل التدخلات والاعتداءات الإرهابية، ودعم الجهود كافة لمحاربة الإرهاب وجماعاته. وحدد التحالف في أول اجتماعاته الاستراتيجية العامة والآليات المنظمة لعملياته ونشاطاته في «الحرب على الإرهاب»، ضمن أربعة مجالات هي الفكر والإعلام والتمويل والعمل العسكري. وأكد بيان ختامي أن الدول الأعضاء ستعزز التنسيق في ما بينها في هذه المجالات. بينما أشار مسؤولون في التحالف إلى أن هذه الدول ستجري تمارين عسكرية مشتركة وتتبادل الخبرات العسكرية في ما بينها وتقدم أيضاً مساندة عسكرية لبعضها البعض. وقال الأمين العام للتحالف الفريق عبد الإله الصالح إن إحدى الدول قد تقترح مبادرة للقيام بعمل عسكري أو أمني مشترك، ويحق للدول الأخرى أن تقبل المشاركة أو أن تمتنع عن ذلك. ويتولى القائد السابق للقوات الباكستانية الجنرال المتقاعد راحيل شريف قيادة الجناح العسكري للتحالف الذي سيقوم بإدارة نشاطاته وتنسيقها انطلاقاً من مركز في الرياض. وأكد شريف في الاجتماع الافتتاحي أن «المجال العسكري يهدف إلى تنسيق وتأمين الموارد، وتيسير عمليات تبادل المعلومات العسكرية بصورة آمنة، وتشجيع الدول الأعضاء على بناء القدرات العسكرية لمحاربة الإرهاب».