شهدت مدينة الزرقاء ليل الجمعة - السبت مصادمات بين أنصار التيار السلفي الجهادي ومجموعات من المواطنين ورجال الأمن بعد أن حاول السلفيون العودة إلى مكان صدامهم مع قوات الأمن على دوار الجيش الذي يعتبر شريان الحياة في المدينة بهدف السيطرة عليه، إلا أنهم واجهوا مواطنين ورجال أمن يسدون طريقهم. وشنت قوات الأمن اعتقالات واسعة في صفوف أنصار التيار، الأمر الذي أدى إلى هروب مجموعات منهم إلى مخيم الزرقاء، ما أثار سكان المخيم الذين رشقوهم بالحجارة واشتبكوا معهم في أزقة المخيم، واضطروهم إلى الانسحاب. وأثارت الصور التي بثتها القنوات الفضائية ووسائل الإعلام، الرعب لدى المواطنين، ما حرك قوات الأمن لتهدئة الرأي العام برفع وتيرة الاعتقالات. وقال مسؤول امني ل «الحياة» إن «حملات أمنية واسعة تمت مساء الجمعة في الزرقاء والرصيفة أسفرت عن اعتقال 120 شخصاً، أُخلي سبيل 50 منهم لعدم ثبوت مشاركتهم في الاعتصام، فيما قالت مصادر أمنية إن تحقيقاً بدأ مع 70 معتقلاً تمهيداً لإحالتهم على القضاء. لكن القوى السياسية والنقابات ومؤسسات المجتمع بقيت صامته من دون تعليق، رغم رفضها مبدأ استعمال السلاح في المسيرات، فيما دانت الحكومة الحادث، وظهر رئيس الوزراء معروف البخيت في الزرقاء يزور مصابي الأمن العام، معلناً: «لن نسمح مرة أخرى بحمل السيوف في الاعتصامات». وتعهد وقف «كل محاولات التضليل والتقاليد الخارجة عن تقاليدنا»، معتبراً «هؤلاء فئة ضالة من السلفيين التكفيريين». وتبرأ زعيم التيار السلفي التقليدي الشيخ علي الحلبي من أحداث الزرقاء، وقال في بيان اصدره امس: «الدعوة السلفية دعوة أمن وأمان وإيمان، وهي أبعد ما تكون عن هذا العنف ومثل هذه الأفاعيل، بل إن من أبجديات منهجها رد ذلك ورفضه ونقضه». وأضاف ل «الحياة»: «لا علاقة للسلفيين بما حدث. هذا الفعل الشنيع لا يمت للسلفية بصلة». يذكر أن قوة التيار التقليدي وعدده في الشارع يفوقان التيار الجهادي الذي يعد أنصاره بنحو 800 شخص. وفي حصيلة نهائية لعدد المصابين، اكد مصدر رسمي إصابة 92 شخصاً، منهم 19 أصيبوا بكسور وطعنات خارجية، ولم يتبق في المستشفيات امس سوى 9 أشخاص، غالبيتهم من رجال الأمن. ويعتقد الدكتور محمد أبو رمان، وهو خبير في الحركات الإسلامية، أن السلفية الجهادية لا تشكل خطورة في المجتمع الأردني لأنها «لا تمتلك حواضن اجتماعية» رغم نجاحها في كسر الحصار الإعلامي أخيراً. لكنه أضاف: «لقد عادوا إلى المربع الأول وخسروا حضورهم في الشارع». وتوقع ألا يكون رد فعلهم كبيراً لأن «غالبيتهم تحت الرقابة الأمنية»، مرجحاً أن يؤدي الحادث إلى «تعزيز المطالب الإصلاحية في البلاد». واستنكر مجلس النواب الحادث، واعتبره «عملاً إجرامياً ليس له غرض سوى إشاعة الفتنة والنيل من امن الأردن». وكانت قوات الأمن هاجمت فجر امس مناطق حي معصوم وحي رمزي في مدينة الزرقاء ونفذت حملة اعتقالات واسعة لأنصار التيار السلفي، فيما اكد محافظ الزرقاء سامح المجالي ل «الحياة» أن المدينة شهدت بعض التحركات التي قام بها أهالي المصابين، وقال: «الاعتقالات تمت لأشخاص مطلوبين». وأكد احد الناطقين من التيار السلفي اعتقال 22 من أنصار التيار في الزرقاء، أبرزهم سعد الحنيطي، وعبد شحادة الطحاوي زعيم التيار السلفي في الأردن، وعامر الضمور وعبد الرحمن النقيب، مشيراً إلى اعتقال الطحاوي لحظة خروجه من مكتب قناة «الجزيرة» في عمان مساء الجمعة. وكان مدير الأمن حسين المجالي عقد مؤتمراً صحافياً ليل الجمعة - السبت حذَر فيه من أن «الأمن سيتعامل بطريقة خشنة مع كل من يستحق». واتهم المعتصمين السلفيين بأن لديهم «نيَة مبيتة لتوريط الأمن وجره إلى موقعة دامية».