تونس - ا ف ب - خلال 23 عاماً من حكم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي لم يسمح للشعب بالتعبير عن رأيه والاستطلاعات السياسية كانت غائبة. ومنذ ثورة 14 كانون الثاني/يناير تزدهر هذه التحقيقات قبل انتخابات 24 تموز/يوليو. وبعد ثلاثة اشهر على فرار بن علي، دخلت معاهد الاستطلاعات مجال الرأي السياسي بعدما كانت هاتان الكلمتان تشكلان مصدر متاعب مؤكدة اذا ترافقتا. وهناك الكثير من القضايا التي يمكن ان تشغل هذه المعاهد. فبعد حوالى نصف قرن من حكم الحزب الواحد في عهد الحبيب بورقيبة اولا ثم بن علي، وحل التجمع الدستوري الديموقراطي الذي كان يهيمن على السلطة، انتقلت تونس فجأة من نظام الحزب الواحد الى التعددية بحوالى خمسين تنظيما من اليمين واليسار والتيار الاسلامي والقومي العربي والمغاربي. وقال المدير العام لمكتب لدراسات "اي دي كلير" علي بن يحيى "لا نعرف ان نعد دراسات سوى في التسويق وطبقنا ما نعرفه على السياسة". من جهته، قال حسن زرقوني رئيس مركز "سيغما كونسي" الذي اجرى مطلع شباط/فبراير الماضي اول استطلاع سياسي للرأي في تاريخ تونس "نخرج من خمسين عاما من التلاعب بالارقام. واضاف "هناك عمل تربوي يجب القيام به لاستخدام استطلاعات الرأي بدراية". وشمل الاستطلاع 1250 شخصا تجاوزت اعمارهم 18 عاما عبر الهاتف في المناطق ال24 في البلاد. وكانت الردود مثيرة للدهشة. فردا على سؤال "اي الاحزاب تعرف؟" كان 46,4 بالمئة من الذين شملهم الاستطلاع عاجزين عن ذكر اي حزب بينما سمى 27 بالمئة فقط التجمع الدستوري الديموقراطي الذي كان يضم في اوج نشاطه اكثر من مليوني عضو من اصل عشرة ملايين نسمة في تونس. ونشر "سيغما كونسي" استطلاعا ثانيا للرأي في العاشر من نيسان/ابريل بالتعاون مع جامعات المنار في تونس ولوفان في بلجيكا وبلاد الباسك في اسبانيا. وهو يجري حاليا استطلاعا ثالثا. ونظرا لعدم وجود تاريخ لاستطلاعات الرأي، فانها لا تسمح بالمقارنة. ويفضل "اي دي كلير" السؤال المباشر على الاتصال الهاتفي. وقال علي بن يحيى ان "الصفة التمثيلية والمصداقية فير مضمونتين الا ميدانيا". وكلفت هذه الاستطلاعات بين تسعة آلاف دينار (4500 يورو) و14 الف دينار (سبعة آلاف يورو) لحساب المركزين اذ انهما لا يزالان يلتزمان الحذر حيال وسائل الاعلام ويفضلان انتظار ان تهب رياح التغيير على الصحافة في تونس. وقال علي بن يحيى "انتظر ان يتحسن الوضع وان تنضج الصحافة (...) سنرى خلال ستة اشهر او سنة، ستكون وسائل الاعلام قد تطورت بالتأكيد". ويلتزم المستطلعون الحذر حيال الاحزاب السياسية ايضا لتجنب اتهامهم بالانحياز لهذا الحزب او ذاك قبل ثلاثة اشهر من انتخاب الجمعية التأسيسية. وقال العربي شويخة الذي يدرس الصحافة في تونس ان استطلاعات الرأي واحدة من حلقات الديموقراطية بالتأكيد. لكنه يلتزم الحذر ويقول ان "تونس تعيش انتقالا ديموقراطيا: استطلاعات الرأي والاحزاب السياسية والجمعيات تتشكل كلها لكنها ليست ناضجة". وهناك ايضا عنصر المال. فاستطلاعات الرأي كلفتها كبيرة ولا تملك الحكومة او الاحزاب وسائل لتغطيتها. وما زالت "ديموقراطية الكلمة" في بدايتها لكن استطلاعات الرأي الاولى اشارت الى ان التونسيين يريدون الامان والعمل.