كشف آخر استطلاع للرأي أُجري في تونس، تراجعَ شعبية حركة «النهضة» بنسبة 31 في المئة، مقابل 55 في المئة غير راضين عن الأداء الحكومي في شكل عام. يأتي ذلك في وقت تواجه البلاد استحقاقاً مصيرياً لتحديد مستقبلها السياسي ما بعد الثورة، في 23 تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، موعد انتهاء الشرعية الدستورية للمجلس الوطني الانتقالي. وارتفعت حدة التوتر بين حركة «النضهة»، التي تطالب بتمديد المهلة الزمنية ليتسنى للمجلس البتُّ في بعض القضايا الأساسية، مثل الدستور وتنظيم الانتخابات المقبلة، وبين المعارضة، التي تحمّل الحركة المسؤوليةَ كاملةً عن التقصير وعدم الإيفاء بالوعود، وتتهمها بالرغبة في كسب الوقت لإجراء تعديلات وزارية تصب في مصلحتها الانتخابية. وإذ درجت في الآونة الأخيرة بتونس عادةُ نفي نتائج أي استطلاعات للرأي أو نزع الصدقية عن الجهة التي تعدّها، أقرّ زعيم حركة «النهضة» راشد الغنوشي في لقاء مع «الحياة» بتراجع شعبية الحركة، وقال: «إنها السلطة. معروف أن السلطة عامل تهرئة، وهناك فرق بين مَن يبشِّر بالمُثُل ومن يمارسها. هناك فرق بين مَنْ يُطْلب منه إلقاء خطاب فيه تنكيت ومَنْ هو مطلوب منه ان يوفر الشغل للناس وأن يوفر الغذاء والأمن والدواء»، في غمز واضح للباجي قائد السبسي، زعيم تجمع «نداء تونس»، الذي أُعلن الأسبوعَ الماضي ويُعتبر بمثابة منافس قوي للنهضة. وكان السبسي (تنشر «الحياة» حواراً معه بعد غد الثلثاء)، المعروفةُ عنه نزعته الى السخرية والتهكم، استغل مؤتمر إعلان حزبه الجديد ليسخر من وزير الخارجية رؤوف عبد السلام (صهر الغنوشي) بعدما ارتكب خطأ بقوله إن عاصمة تركيا هي إسطنبول، كما تسري أيضاً نكات حول التبرير الذي قدّمه وزير الداخلية ل «فشل الخطة الأمنية» في منع أحداث السفارة الأميركية، وهو أن نشر قوات الأمن كان من جهة واحدة فقط، لأنه «توقعهم ان يصلوا من الأمام فجاؤوا من الخلف». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الغنوشي قوله إن «السلفيين خطر ليس على النهضة فحسب، وإنما على الحريات في تونس»، داعياً إلى «تشديد القبضة» عليهم، وهو ما أثار جدلاً واسعاً، إلى أن عاد الغنوشي ونفى ذلك، مشيراً الى تحريف أقواله ووضعها في غير سياقاتها، ما اعتُبِر أيضاً خطاباً أراد به الغنوشي إرضاء الجميع. وعما إذا كسب «نداء تونس» الأصوات التي خسرتها «النهضة» في الاستطلاع ذاته، قال الغنوشي: «الأوضاع ليست مستقرة، هناك من يقول ان «نداء تونس» حصل على 20 في المئة. كيف لحزب نشأ منذ أسابيع أن يحصل على 20 في المئة؟ معنى ذلك أنه يوجد «فلول»، أن هناك قوة كانت خامدة أو كامنة خرجت لمّا وجدت الفرصة. إذا صح ذلك فهذا يعني إن هذا الحزب ليس جديداً، وأنه هو وريث التجمع (التجمع الدستوري الديموقراطي، الحزب الحاكم حتى سقوط بن علي)، ونحن نعتقد بأن الشعب واعٍ، وقد لا تعجبه النهضة، وقد ينقم عليها، ولكن ليس من باب الكره وانما من منطلق انه كان يتمنى أو يتصوّر أنه كان يمكن ان نفعل افضل من هذا. ولكن في يوم الامتحان، الشعب سيختار الصحيح، سيختار من جرّبهم وصدّقهم، أما التجمع، فهو يعرفهم ولن يُخدع بهم مرة ثانية». اضغط هنا لقراءة المقابلة كاملة