تشكل الحرب المتواصلة في ليبيا بين كتائب الزعيم معمر القذافي والثوار، إضافة الى الحراك السياسي الاجتماعي - الأمني في أكثر من بلد عربي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اسباباً رئيسة لارتفاع أسعار النفط العالمية والمواد الأولية والزراعية. وإذا أضيفت الكوارث الطبيعية في اليابان، فإن الاقتصاد العالمي سيفقد 0.2 في المئة من النمو الإجمالي خلال العام الجاري، إذ يتوقع أن يتراجع من 3.4 في المئة إلى 3.2، بعدما حقق نمواً بلغ 4.2 في المئة العام الماضي. وأفاد تقرير لوكالة «كوفاس» الفرنسية لتأمين الصادرات، صدر أول من أمس في باريس، أن الأحداث في المنطقة العربية باتت تؤثر سلباً في بيئة الاقتصاد العالمي، ما دفع الوكالة إلى معاودة تصنيف 10 دول ارتفعت فيها الأخطار المالية السيادية، منها دول في الشرق الأوسط والمغرب العربي، وأخرى في الاتحاد الأوروبي، تشمل البرتغال وقبرص التي تواجه صعوبات في الوفاء بديونها الخارجية. وحصلت ليبيا على أسوأ تصنيف في سلم الأخطار بدرجة «د» المتأخرة بتراجع نسبته -15 في المئة من النشاط الاقتصادي المعتاد، وارتفاع الأخطار التجارية والمعاملات المختلفة، ما يجعلها بلداً غير مقبول في العلاقات الاقتصادية الدولية. وكانت ليبيا قبل الانتفاضة تصدر سنوياً بنحو 50 بليون دولار من النفط والغاز بواقع 1.6مليون برميل يومياً. كذلك تقلص تصنيف سورية إلى رتبة «س»، ما يعني درجة مراقبة سلبية، بعد تزايد حجم المطالب السياسية وتأثيرها على مناخ الأعمال المُتضرر، على رغم محدودية تأثير الاقتصاد السوري في الاقتصاد العالمي. ويعكس التصنيف ارتفاع أخطار المعاملات الاقتصادية والتجارية. وتراجع تصنيف مصر إلى درجة «ب -»، إضافة إلى تونس التي خسرت درجة إلى «أ 4-»، كما دفعت أحداث البحرين إلى خفض تصنيفها من «أ 3» إلى «ألف 4»، وهي الرتبة التي حصلت عليها البرتغال أيضاً. ولم يشمل التصنيف كلاً من المغرب الذي بقي في رتبة «أ 3» بعد إعلان الملك في 9 آذار (مارس) الماضي عن إصلاحات سياسية وحقوقية ودستورية، بينما استقرت الجزائر في رتبة «ب»، وقد تستفيد من ارتفاع أسعار الطاقة، لكن مصير المطالب الاجتماعية والسياسية يبقى غامضاً. وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي لن يتحمل الحراك الاجتماعي والثورات العربية، والكوارث الطبيعية اليابانية، والأزمات الاقتصادية والمالية الأوروبية مجتمعة، ما يهدد مصير عدد من الاقتصادات، منها الاتحاد الأوروبي الذي سيتراجع 0.5 في المئة من 1.8 في المئة إلى 1.3 في المئة بسبب ارتفاع كلفة الإنتاج (الطاقة والمواد الأولية) واستمرار الأزمة المالية في عدد من الدول المحسوبة على اليورو. وبحسب «كوفاس»، فإن الاقتصاد الياباني سيكون أكبر المتضررين خلال العام الجاري بسبب الكوارث الطبيعية، ولن يتجاوز النمو 0.3 في المئة بعدما بلغت التوقعات نمواً نسبته 1.5 في المئة بعد طفرة بلغت العام الماضي 3.9 في المئة، والتي شكلت مؤشراً على بداية خروج الاقتصاد الياباني من أزمة الركود الطويلة. ورأت الوكالة أن أسعار النفط ستبقى مرتفعة بواقع 25 في المئة على الأقل، بسبب تنامي الطلب في الاقتصادات الصاعدة التي ستحقق نمواً يقدر ب5.6 في المئة، مقارنة ب6.9 في المئة العام الماضي.