بدأت أسعار النفط الشهر الماضي، تفقد كل المكاسب التي حققتها خلال تموز (يوليو)، بعد أنباء اقتصادية من الولاياتالمتحدة وأوروبا أثارت مخاوف المستثمرين في العالم، إذ خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» التصنيف الائتماني للولايات المتحدة في بداية آب (أغسطس) الماضي على رغم الجهود التي كان يبذلها الكونغرس لحل مشكلة ارتفاع سقف الدّين. وأوضح تقرير «بيت الاستثمار العالمي» (جلوبل) أن البنك المركزي الأوروبي قرّر دخول سوق السندات في محاولة لمساعدة الدول الأوروبية المثقلة بالديون، في حين رفضت محكمة ألمانية كل الدعاوى القضائية المرفوعة لوقف مشاركة ألمانيا في مساعدة دول منطقة اليورو خلال الشهر الجاري، ما قد يمثل نقطة بداية لتدفّق الأنباء الإيجابية. وأظهر معدل نمو قطاع التصنيع في الصين تحسناً طفيفاً الشهر الماضي، بعدما شهد في تموز الماضي أدنى انخفاض خلال 28 شهراً، على رغم انكماش الفائض التجاري إلى 17.8 بليون دولار. وأشار التقرير إلى توقعات بنمو الطلب العالمي على النفط 1.2 في المئة على أساس سنوي إلى 88 مليون برميل يومياً في المتوسط خلال السنة. ويُتوقع أن تستحوذ كل من الصين والدول الآسيوية الأخرى، ودول الشرق الأوسط، على حصة كبيرة من الطلب. كما يُتوقع أن تشكل زيادة طلب الصين على النفط نحو نصف معدّل نمو الطلب خلال السنة، على رغم أن التقلبات التي شهدتها أسواق النفط أخيراً جعلت من الصعب تقويم معدل نمو الطلب المستقبلي، وسيتحتّم على الاقتصاد الأميركي مواجهة العامل المسيطر على تحرّك أسعار النفط خلال العام المقبل. وبحسب «منظمة الدول المصدرة للنفط» (أوبك)، انخفض الطلب الأميركي على النفط 1.3 في المئة على أساس سنوي خلال حزيران (يونيو) الماضي، في حين استقرت معدلات البطالة في الولاياتالمتحدة عند 9.1 في المئة خلال آب، إذ لم يشهد الاقتصاد أي زيادة في عدد الوظائف مقارنة بالشهر السابق حين زادت 117 ألف وظيفة. وارتفع المخزون الأميركي 0.3 مليون برميل على أساس شهري إلى 1.088 مليون برميل مع نهاية آب، وكان أقل ب 4.2 في المئة عن المستويات المسجّلة في آب 2010. وكان الوقود المقطّر والوقود المحلي خلال آب الماضي، المخزونين الوحيدين اللذين حققا نمواً مقارنة بمستوياتهما في تموز الماضي، في حين كان مخزون البنزين الأكثر انخفاضاً، إذ هبط ثلاثة في المئة على أساس شهري إلى 209 ملايين برميل، كما تراجع مخزون النفط الخام، الذي يشكل العنصر الأكبر في المخزون النفطي التجاري، للشهر الثالث على التوالي، 0.5 في المئة، ليبلغ 353 مليون برميل. أسعار النفط ولفت التقرير إلى أن أسعار النفط شهدت مزيداً من الانخفاض خلال آب، كما نزلت أسعار كل الأنواع الممتازة من النفط الخام مقارنة بأسعار تموز. وكانت أسعار نفط غرب تكساس الوسيط، وهو النفط المرجعي لبحر الشمال، الأكثر انخفاضاً بمعدل 11.2 في المئة على أساس شهري، أو 10.84 دولار، تلاه نفط «إست ثومس» والنفط الخام المكسيكي ونفط «تي جي» الخفيف، وأخيراً النفط الفنزويلي، الذي انخفض سعر كل منهم سبعة في المئة. وتراجع النفط الخام الكويتي الموجه للتصدير 4.4 في المئة، أو 4.82 دولار، خلال الفترة ذاتها. «برنت» و «غرب تكساس» وأوضح التقرير أن فارق السعر ازداد بين نفط غرب تكساس الوسيط ونفط «برنت»، إذ ارتفع من 19.75 دولار في تموز الماضي إلى 24.16 دولار في آب. وتم تداول نفط غرب تكساس الوسيط بسعر أقل من سعر نفط «برنت» خلال السنة، ليحذو حذو التداولات التي جرت طوال معظم العام الماضي. وبلغ متوسط فارق السعر بينهما 6.86 دولار خلال كانون الثاني (يناير) الماضي، لكنه ارتفع منذ ذلك الحين إلى 13.91 دولار و17.83 دولار خلال أيار( مايو) وحزيران على التوالي. ونما الإنتاج النفطي في الولاياتالمتحدة وكندا خلال العامين الماضيين، وكان الطلب على النفط يتزايد تدريجاً في حين شهدت الإمدادات النفطية ارتفاعاً شديداً. ولم تملك المصافي النفطية الطاقة اللازمة لتكرير هذه الكمية الكبيرة من النفط، ما اضطرها إلى تخزينه بدلاً من تكريره، لتتكبد تكاليف أكثر، ما أجبر المنتجين على بيع منتجاتهم النفطية في الأسواق الفورية بأسعار منخفضة. وتراجع الإنتاج النفطي في بحر الشمال، الذي يعتبر مصدراً لنفط «برنت»، إذ فرضت الاضطرابات السياسية التي شهدتها ليبيا ضغوطاً عليه أدت إلى ارتفاع أسعاره. وبلغ فارق سعره 27 دولاراً للبرميل في 9 الجاري، وازداد لاحقاً إلى 28.77 دولار للبرميل في 16 منه. وسجّل فارق السعر ما بين «برنت» ونفط دبي انخفاضاً طفيفاً، ليتراجع من 6.90 دولار في تموز إلى 5.50 دولار في آب. وكان الفارق بين سعري نفط غرب تكساس الوسيط ونفط دبي 12.9 دولار في تموز، إلا أنه ازداد إلى 18.7 دولار. وزاد سعر نفط خام دبي 23.8 في المئة منذ بداية السنة وحتى 16 من الشهر الجاري، في حين تراجعت أسعار نفط غرب تكساس الوسيط 3.9 في المئة. الطلب العالمي وأوضح التقرير أن تقديرات الطلب العالمي على النفط خُفضّت إلى 87.99 مليون برميل يومياً خلال السنة، بزيادة اقتصرت على 1.06 مليون برميل يومياً، أو 1.2 في المئة على أساس سنوي، ويُتوقع أن يستحوذ كل من الصين والدول الآسيوية الأخرى، إلى جانب دول الشرق الأوسط، على حصة كبيرة من الطلب العالمي. كما خفّضت «أوبك» معدل نمو الطلب على النفط 0.2 مليون برميل يومياً. إلى ذلك انخفض المؤشر الصناعي لمعهد إدارة الموارد الأميركي «آي أس أم» 0.3 نقطة الشهر الماضي إلى 50.6 نقطة، وتمثّل أي قراءة أعلى من 50 نقطة نمواً، ليحقق قطاع التصنيع الأميركي نمواً للشهر الخامس والعشرين على التوالي، لكن بوتيرة أبطأ من الوتيرة المسجلة في الشهر السابق. وتوقعت «أوبك تراجع الطلب العالمي على النفط من دول أوروبا الغربية 0.8 في المئة على أساس سنوي خلال السنة، بعد تراجعه 1.4 في المئة العام الماضي. ويشير أحدث تقديرات المنظمة إلى أن استهلاك دول أوروبا النفطي في تموز الماضي، تراجع 0.23 مليون برميل يومياً.