اعتبر اقتصاديان سعوديان أن ارتفاع أسعار السلع في السعودية يعود إلى الزيادة الحاصلة في الأسواق العالمية، مشيرين إلى أن الأوامر الملكية الأخيرة لن يكون لها تأثير كبير في معدلات التضخم في المملكة، خصوصاً إذا صاحبتها زيادة في المعروض من السلع، من خلال رفع معدل الاستيراد.وتوقعا في حديثهما إلى «الحياة»، أن يكون معدل التضخم في السعودية منخفضاً العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، بسبب دعم الحكومة لعدد من السلع الرئيسية، وهو ما سينعكس على الأسعار، في حين انتقد أحد الاقتصاديين أسلوب الاحتكار لبعض السلع، الذي يؤدي إلى غياب المنافسة في السوق ورفع الأسعار من دون أسباب حقيقية. وطالب أحد الاقتصاديين بنشر الثقافة الاستهلاكية بين المستهلكين، وذلك من خلال مقارنة السلع وشراء الأرخص منها، إذ توجد بدائل للسلع وبالمكوّنات نفسها. وكانت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أعلنت أول من أمس، تراجع معدل التضخم خلال آذار (مارس) الماضي إلى 4.7 في المئة من 4.9 في المئة خلال شباط (فبراير). وقال الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة، إن «التضخم مرتفع عالمياً، وبالنسبة إلى السعودية فإن التضخم منخفض العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، ويعود ذلك إلى بعض القرارات التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ودعم الدولة لعدد من السلع الرئيسية، ما أسهم في خفض نسبة التضخم». وعزا أسباب ارتفاع التضخم عموماً إلى زيادة أسعار السلع عالمياً، وهي مشكلة تواجهها جميع دول العالم وليست السعودية فقط: «ارتفعت أسعار المواد الخام ومنها النفط، وهو يدخل في جميع أنواع الصناعات، ما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع، كما أن زيادة أسعار السلع الزراعية تعود إلى موجات برد شديدة أدت إلى إتلاف بعض المحاصيل الزراعية، ما قلّص من حجم الإنتاج، وبالتالي ارتفعت أسعار السلع الزراعية». وأضاف باعجاجة: «كما أن الثقافة الاستهلاكية لها دور كبير في التأثير على التضخم، إذ إن هناك الكثير من السلع التي قد يكون لها بديل مثل منتجات الحليب، ويستطيع المستهلك شراء بدائل وبأسعار مختلفة»، متسائلاً: «لماذا لا نتوجّه للمنتج رخيص السعر، ومن هنا تجب توعية المستهلك بالمنتجات المحلية وبأنها تحمل مكوّنات المنتج المستورد، والفرق بين الاثنين». وحول الحلول المطروحة للحد من ارتفاع معدل التضخم، قال: «من المهم البدء في توعية المجتمع ببدائل السلع التي تكون أسعارها منخفضة، إذ إن نشر الثقافة الاستهلاكية يسهم كثيراً في خفض التضخم، فالمنتجات المحلية تحمل جودة المستوردة، ونستطيع أن نوفّر من خلالها لرخص سعرها». غير أن الاقتصادي الدكتور وديع كابلي أكد أنه ليس هناك ما يسمى بالثقافة الاستهلاكية، وقال: «الثقافة الاستهلاكية غير موجودة في الاقتصاد، قد تكون موجودة لدى بعض الأشخاص الذين يتضررون من الارتفاع المستمر في الأسعار الناتج من احتكار بعض القطاعات، وارتفاع التضخم في السعودية يعود إلى وجود احتكارات لسلع رئيسية». وطالب كابلي بتفكيك الاحتكارات وزيادة المنافسة، حتى لا ينتهز التجار ورجال الأعمال الفرصة في حال زيادة الرواتب أو الطلب على السلع فيقومون برفع الأسعار، مشيراً إلى أن من المجالات التي توجد فيها احتكارات: «تجارة الرز والسكر، إذ يوجد عدد معيّن من مستوردي الرز والسكر، إضافة إلى سلع رئيسية أخرى، وقطاع السيارات». وتابع: «تنجم عن الاحتكارات اتفاقات بين التجار، لزيادة الأسعار أو تثبيتها، وهذا يحدث في كثير من الدول، ولكن هناك جهات رقابية، ويتم فرض عقوبات على المحتكرين في حال وجود دلائل على الاحتكار أو عقد اتفاقات بين التجار لخفض المعروض بهدف زيادة الأسعار». وأشار إلى أن معدل التضخم في السعودية قارب 5 في المئة، وهذه النسبة تعتبر مرتفعة، مشيراً إلى أن ارتفاع التضخم يعود إلى زيادة أسعار الأراضي والسكن، وذلك لأن السكن يمثل 30 في المئة من موازنة الأسرة، ولذلك يعتبر هذان العنصران سبباً رئيسياً لارتفاع التضخم». ورأى أن «الأوامر الملكية الأخيرة ستؤدي إلى زيادة الإنفاق، ولكن ليس بالضرورة أن يكون لها تأثير سلبي في حال صاحبتها زيادة في العرض، خصوصاً أن معظم السلع مستوردة من الخارج، إذ إننا نستطيع شراء سلع بالكميات والأسعار نفسها من الخارج، فمورّد السكر لن يزيد سعره في الأسواق العالمية بسبب قرارات ملكية أو صرف رواتب أو غيرها، فالزيادة هنا تكون محلية وليست عالمية، «وذلك ناتج من حالات احتكار، فإذا لم يكن هناك احتكار ووجدت المنافسة لما كان التجار يقدمون على رفع الأسعار». وطالب كابلي برفع عدد المراقبين في وزارة التجارة إلى 50 ألف مراقب، إذ إن تعيين 500 مراقب للرقابة والتفتيش على المحال التجارية لا يكفي هذا البلد: «هذا العدد لن يفي بالغرض».