كشفت بيانات رسمية في السعودية، أمس، عن ارتفاع في مستوى التضخم بنسبة 5.4 في المئة خلال شباط (فبراير) 2012، مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي، وبنسبة 0.1 في المئة مقارنة بشهر كانون الثاني (يناير) الماضي، فيما أرجع اقتصاديان ارتفاع التضخم إلى زيادة التوتر بشأن الملف النووي الإيراني والعقوبات المفروضة على إيران، وهو ما سيسهم في ارتفاع أسعار النفط الذي سيؤثر في أسعار السلع. وأكد الاقتصاديان في حديثهما إلى «الحياة» أن التضخم المستورد يؤثر في التضخم المحلي، ولكن هناك أسباباً أخرى تتعلق بثقافة الاستهلاك لدى السعوديين التي تسهم كذلك في رفع معدلات التضخم بين الحين والآخر. وقال الخبير الاقتصادي الدكتور محمد شمس: «من أهم أسباب ارتفاع التضخم محلياً ارتفاع تكاليف المعيشة، خصوصاً في عاملين مهمين هما الإيجارات والسلع الاستهلاكية التي تسجل ارتفاعات في أسعارها المحلية، لاسيما أن 95 في المئة من دخول السعوديين توزع على هذه الجوانب الاستهلاكية». وأضاف شمس أن عدم انخفاض أسعار السلع محلياً على رغم انخفاضها عالمياً يعود إلى احتكار بعض التجار هذه السلع، وقال: «من المعروف في السوق السعودية أن السلع التي ترتفع لتأثيرات عالمية لا تعود لمستوياتها المنخفضة بعد زوال المؤثر، وهذا يعود إلى وجود بعض المحتكرين للسلع الذين يتحكمون في أسعارها محلياً». واستدرك بالقول: «كما أن طرق استهلاك السعوديين تتطلب الوعي والتغيير، إذ إن لدينا عادات استهلاكية خاطئة، ولا بد من تغيير عادات التباهي، وحسن التدبير والصرف المعقول». وأشار إلى أن الشعب السعودي من أكثر الشعوب استهلاكاً: «السعوديون يستهلكون ما يقارب 95 في المئة من دخولهم الشهرية، وهو ما يؤكد أن لدينا إسرافاً وعدم اتباع سياسة الادخار، وهذا يسهم بشكل كبير في رفع نسب التضخم محلياً». ونوّه شمس إلى أن أحد أسباب رفع نسب التضخم كان عامل الإيجارات «المسكن»، مشيراً إلى أن قيمة الإيجارات في السعودية ارتفعت في الآونة الأخيرة نتيجة لوجود نحو سبعة ملايين أجنبي في سوق العمل السعودية، والكثير منهم يحصل على رواتب مرتفعة ومميزات منها بدل السكن، وهذا أضر بالآخرين الذين لا يمتلكون مثل هذه المزايا». وتابع: «السوق السعودية تعتمد على العرض والطلب، وكما هو متعارف عليه فإن ارتفاع معدلات الطلب يزيد الأسعار، خصوصاً في ظل انخفاض العرض من السلع والخدمات، وهذا أسهم بشكل كبير في استمرار نمو معدل التضخم». ورأى شمس أن حل مشكلة التضخم الداخلية يكون بمراقبة الأسواق ومنع رفع أسعار السلع والخدمات من دون أسباب واضحة، إضافة إلى توعية السعوديين بعدم الإسراف خصوصاً في المواد الاستهلاكية. من جهته، أكد رئيس مركز «إرث» للدراسات الاقتصادية الدكتور خالد الحارثي، أن التضخم في السعودية يعود لأسباب عدة، من أبرزها التضخم المستورد من الخارج الذي يتزامن مع ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وقال: «السعودية تعتمد في اقتصادها على تصدير النفط وتستورد كل شيء بما في ذلك المنتج النهائي للنفط، وهذا يؤكد أن لدينا تضخماً مستورداً نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالمياً».