بعد ثلاثة أشهر على مفاوضات شاقة بين الحزب المسيحي الديموقراطي والحزب الاشتراكي الديموقراطي في ألمانيا، ينتخب البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) اليوم الزعيمة المسيحية أنغيلا مركل للمرة الثالثة على التوالي، مستشارة لحكومة «التحالف الكبير» بين الائتلاف المسيحي والحزب الاشتراكي. وبما أن الحكومة الجديدة تستند إلى تأييد ثلاثة أرباع نواب الأمة، يتوقع أن تنال ثقة كاسحة في البرلمان، قبل أن يصدر رئيس الدولة يواخيم غاوك مراسيم تشكيل الحكومة العتيدة. ويسبق ذلك توقيع مركل ورئيس الحزب الاشتراكي زيغمار غابرييل ورئيس الحزب المسيحي البافاري هورست زيهوفر، برنامج الحكومة الذي يقع في 195 صفحة، في احتفال ضخم. ردود الفعل من أرباب العمل والنقابات العمالية كانت إيجابية إجمالاً، خصوصاً أن الأحزاب الثلاثة المتحالفة نفذت تعهدها تشكيل الحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة. ولن تتمكن المعارضة البرلمانية المؤلفة من حزبي اليسار والخضر الصغيرين، من عرقلة عمل الحكومة، لا في البرلمان ولا في مجلس الولايات. وتتشكل الحكومة الجديدة من 14 حقيبة وزارية ينال الائتلاف المسيحي ثماني منها، وست للحزب الاشتراكي. وعلى رغم إعراب المستشارة الألمانية وحليفها زيهوفر عن ارتياحهما الكامل لتوزيع الحقائب وما اتُفق عليه في البرنامج المشترك، إلا أن مراقبين أجمعوا على أن الاشتراكيين حققوا مكاسب ضخمة فاقت التمثيل الشعبي الذي حظوا به في الانتخابات، اذ نالوا 25 في المئة من الاصوات، في مقابل 41 في المئة للائتلاف. ورأى هؤلاء أن غابرييل «أثبت حنكة كبيرة» في المفاوضات وتمكّن من انتزاع مطالب عدة لمصلحة الفئات الشعبية والعمال. ولم يكن أمام مركل سوى الموافقة، بسبب عدم قدرتها على تشكيل حكومة مستقرة مع حزب آخر، أو الدعوة إلى انتخابات جديدة، مع ما للأمر من محاذير. وسيكون غابرييل الرجل الثاني في الحكومة، إذ سيتولى منصب نائب المستشارة إلى جانب وزارة مهمة تشمل الاقتصاد ومشروع التحول من الطاقة النووية إلى طاقات بديلة والذي يواجه مصاعب جمة في تنفيذه. وسيبقى فولفغانغ شويبله وزيراً للمال، فيما سيعود الاشتراكي فرانك فالتر شتاينماير إلى وزارة الخارجية. وللمرة الأولى في تاريخ المانيا، ستتسلم وزيرة العمل اورزولا فون دير لاين وزارة الدفاع، فيما سينتقل وزير الدفاع توماس دومزيير إلى وزارة الداخلية مجدداً. وثمة من يعتقد بأن أحدهما سيكون خلف مركل، اذا انسحبت من الحياة السياسية عام 2017 كما أعلنت.