أثبتت دراسات متعددة، أن الرجال يعانون أيضاً من سن اليأس، على رغم عدم الوصول إلى الدقة العلمية الكافية لإثبات ذلك عملياً. ويقود ذلك إلى أن الرجل يمر أحياناً بظروف خلال مرحلة عمرية معينة يشعر خلالها بنوع من اليأس، يترتب عليه غالباً العودة إلى الشباب ثانية. وتستند الاختصاصية النفسية هيفاء العمودي إلى دراسات خاصة قام بها معهد الطب النفسي في انكلترا، تبين أن بين 60 و70 في المئة من مرتادي العيادات النفسية نساء، وأن أكثر الأمراض النفسية الملتصقة بالنساء هي: الإفراط في الأكل، والاكتئاب. وتقول العمودي إن الاستناد إلى دراسات أجنبية يعود الى النقص في البحوث النفسية في الدول العربية في شكل عام. التشبه بمن هم أصغر سنّاً، لا يؤثر في صاحبه فقط، وإنما كذلك في أسرته ومجتمعة الذي يحيط به، بمعنى أنه يطرأ على الإنسان تحول جذري في مرحلة تسمى ب «أزمة منتصف العمر»، ينعكس على تصرفاته وأفعاله في شكل ملحوظ. وتوضح العمودي: «إذا لم يتمكن من اجتيازها تتحول إلى أزمة نفسية واجتماعية تؤثر سلباً عليه وعلى المحيطين به». وتلفت إلى أن حدة أعراض الأزمة تتصاعد عند الشعور بفقدان الخصوبة، فالمرأة مثلاً في مرحلة انقطاع الطمث تمر بمراحل توتر عصبي واضطرابات نفسية مستمرة، لذا تحتاج دائماً إلى مساندة الزوج، فتبحث عما يجذب اهتمامه. ولا يقتصر «التصابي» على النساء فقط، فهي ظاهرة موجودة عند الرجال ايضاً، وتتمثل أعراضها بمحاولة العودة إلى حياة الشباب من خلال الاهتمام بالذات والزواج من فتيات في عمر العشرين، فيما تتجلى عند المرأة في إعادة الاهتمام بجمالها ومظهرها. وتبدأ أزمة منتصف العمر وفق الأطباء النفسيين بعد سن الأربعين عند الرجل، وتؤكد العمودي: «على رغم تمتع الرجل بثبات إفراز الهورمونات في مرحلة متقدمة في السن، إلا أنه يمر بمرحلة تشبه سن اليأس لدى السيدات، وهي فترة ممتدة من الأربعين وحتى الخمسين». ويعتبر الاختصاصي الاجتماعي وليد المطيري أنه ليس من الصحيح وصف هذه المرحلة ب «النزوة»، ويقول: «لا يمكن التعميم بأن التصابي نزوة، فهو ينتج من البيئة التي يعيش فيها الإنسان، ويعزوها غالباً إلى وجود خلل في العلاقة الزوجية، وإحساس الطرفين بأنهما لم يحققا ما كانا يحلمان به، ما يجعلهما رافضين للواقع الذي يعيشانه، فيتجهان إلى قص الشعر وصبغه، والإقبال على الملابس الشبابية التي لا تتماشى مع عمرهما، أو عمليات التجميل، أو استخدام البوتوكس». لكن أم محمد (49 عاماً) وهي أم لستة أولاد، ترى أن «البحث عن الجمال لا يعني التصابي»، وتشير إلى أنه «حرية شخصية، خصوصاً أن الرجال باتوا يبحثون عن الجمال وبخاصة ذلك الذي يظهر على القنوات الفضائية». وتضيف: «لو قارنّا بين الجيل الماضي والحالي لوجدنا أن الرجال في السابق كانوا يبحثون عن زوجة تستطيع أن تدير أمور منزلها، وتقوم بجميع متطلبات الزواج وما كانوا يكتفون بالجمال، أما اليوم فنلاحظ أن الزوج أصبح يبحث عن المواصفات التي تتمثل بالجمال، خصوصاً عندما يصل الرجل إلى سن متقدمة، فبعضهم لا يستطيع التأقلم مع سنّه ويبحث عمّا يشعره بأنه لا يزال شاباً». وتتابع: «الزوجة لا تستطيع أن تقوم بما يقوم به الزوج، لذلك تتجه إلى التجمل - وأنا أتحفظ عن مصطلح التصابي - من أجل حفظ منزلها وأسرتها». وتروي نورة كيف أنفقت والدتها 60 ألف ريال (16 ألف دولار) على جراحات التجميل، بسبب «كلام والدي عن جمال النساء اللواتي يخرجن عبر القنوات الفضائية، ما أثار غيرتها». ويروي سلطان كيف أن والده الذي تجاوز الخمسين، عاد من إحدى سفراته بأنف جديد ومن دون ترهلات أو تجاعيد، «اكتشفنا أنه أجرى عمليه تجميل في أنفه وشد المناطق المترهلة في جسده، ما جعل والدتي تنتقده بسبب سنّه، قبل أن تكتشف أنه تزوج بأخرى، وتطلب الطلاق منه».