أثبت دول في المنطقة خلال الفترة الماضية، تمكنها من إيجاد ظروف مناسبة لتطوير قدراتها الاستثمارية على المستوى الداخلي، وتعزيز الأصول ولفت الانتباه الى النشاطات المالية والاقتصادية والتنظيمية القائمة، بهدف توسيع فرص الاستثمار وتنويعها لتلبية حاجات أكبر شريحة من المجتمع المحلي والإقليمي وأهدافها، فضلاً عن أن أدوات الاستثمار تطورت في المرحلة الحالية باتجاه جذب الاستثمارات الخارجية والتي تتطلب غالباً مناخات وظروفاً أكثر كفاءة وتنظيماً. وأكد تقرير أسبوعي لشركة «المزايا القابضة» أن «دول المنطقة ركزت أخيراً على كل ما يتعلق بجذب الاستثمارات وتحسين قيمة السيولة المتداولة، نتيجة انخفاضها وتراجع عائدات بيع النفط، إضافة إلى أن الجهود ما زالت متواصلة من قبل جميع الأطراف لتحقيق هذه الأهداف لتجاوز العقبات والتحديات القائمة، وتحقيق التنويع المطلوب والتوزيع العادل للمصادر والفرص». وأضاف التقرير «على رغم تشابه الخطط والمشاريع والأهداف في اقتصادات دول المنطقة والمحيط، إلا أنها قد تكون قادرة على النجاح والنمو في الظروف المشابهة إذا توافرت عوامل النجاح، وفي مقدمها توافر مصادر الطلب المحلي واقتناص الفرص بين فترة مالية وأخرى، وبين تطور مالي واقتصادي خلال الفترة المقبلة، إذ شكلت الاستثمارات الفردية النواة الأساسية في تطوير فكرة الاستثمار عبر الحدود لدول المنطقة، واستطاعت الأسواق العقارية الإماراتية على سبيل المثال جذب سيولة الأفراد في شكل خاص في البدايات من الدول الخليجية المجاورة كافة». ولفت إلى أن «المسارات الاستثمارية الحالية شكلت أهمية كبيرة في توسيع قاعدة الاستثمار في القطاعات الاقتصادية كافة، والتي تتواصل على رغم التحديات والأخطار التي تحيط بها، إضافة إلى أن الارتفاع المسجل في حدة المنافسة بين أسواق الاستثمار المحلي والخارجي، تضاعف خلال السنوات الأخيرة للضغط على حجم السيولة الاستثمارية المتوافرة على المستوى المحلي لمصلحة فرص الاستثمار الخارجية، والتي تتمتع بأسعار جيدة وعائدات مستقرة ومرتفعة في أحيان كثيرة، ما كان له أثر في الانحسار المسجل لقيمة السيولة الاستثمارية في الوقت الحالي». وأشار إلى أن «البيانات المتداولة تعكس مدى اتساع قيم الاستثمارات التي ضخها المستثمرون الأفراد والمؤسسات من المملكة العربية السعودية في فرص الاستثمار التي أوجدتها اقتصادات الدول المجاورة، والتي تتجاوز 78 بليون دولار، إذ تركزت على الفرص الاستثمارية الواعدة التي أوجدتها السوق العقارية الإماراتية، وعملت على رفع وتيرة الاستثمار والسيولة في هذه السوق، ليتفوق المستثمرون السعوديون على بقية المستثمرين من دول مجلس التعاون». ولفتت «المزايا» إلى القرارات الأخيرة التي تم اعتمادها والقاضية بإعفاء رجال الأعمال السعوديين من الرسوم ومعاملتهم معاملة المواطن الإماراتي، ما سيعمل على رفع قيم الاستثمارات من السعودية باتجاه فرص الاستثمار التي يؤمنها الحراك المالي والاقتصادي الإماراتي، وفي شكل خاص القطاع العقاري والصناعي والسياحي، فيما يتوقع أن تشهد قطاعات النقل البري والخدمات اللوجستية المزيد من التدفقات النقدية، وذلك كنتيجة طبيعية للتطور الحاصل في مفهوم الاستثمار وقوانينه، التي تعتبر غير معقدة وتشجع الكثير من المستثمرين الخليجيين والعالم على الاستثمار فيها. في المقابل، تتصل التطورات الأخيرة التي يشهدها الاقتصاد السعودي بتأثيرات إيجابية أو سلبية في حركة التدفقات المالية والاستثمارية على مستوى المنطقة ككل من دون استثناء، إذ تشير التوقعات الى أنها ستحمل تأثيرات سلبية على المدى القصير والمتوسط وإيجابية على المدى الطويل، كما تتزايد التساؤلات عن مستقبل ومصير الاستثمارات السعودية في الاقتصاد المصري والتي تقدر ب 60 بليون دولار، وتتوزع بين الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص، فيما باتت الاستثمارات المتوقعة وتلك التي تم الاتفاق عليها بين القطاع الخاص ورجال الأعمال السعوديين والمصريين في حالة شك نظراً الى صعوبة تقدير النتائج النهائية لحملة مكافحة الفساد التي تنفذها المملكة العربية السعودية. وكما هو معلوم، فإن الاقتصاد المصري لا يزال في حاجة إلى مزيد من الاستثمارات الخارجية في القطاعات والنشاطات كافة، كونه يمر بمرحلة إعادة تفعيل الخطط والبرامج الاستثمارية لمواجهة الضغوط المالية والاقتصادية الحادة. وأوضحت «المزايا» أن «الظروف والمستجدات المتسارعة من شأنها أن تفتح المجال أمام مزيد من التدفقات النقدية نحو الاستثمارات الخارجية على المستوى الإقليمي والعالمي، فيما يتوقع أن تتراجع قدرة عدد من اقتصادات دول المنطقة على جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية أو الحفاظ على الاستثمارات الحالية إذا تواصلت ظروف عدم المواءمة بين أهداف المستثمرين وتطلعاتهم مع معدلات نمو ومؤشرات الاستقرار المالي والاقتصادي والسياسي على مستوى المنطقة ككل». وأكدت «المزايا» أن «الفترة السابقة شهدت مرحلة التأسيس لجذب الاستثمارات الخارجية والحفاظ عليها، لتتصدر دولة الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول الأعلى على المستوى العربي في تدفقات الاستثمار الأجنبي عند قيمة إجمالية وصلت إلى 9 بلايين دولار نهاية العام الماضي، تلتها مصر ب8 بلايين دولار، فيما جاءت المملكة العربية السعودية ثالثة على القائمة بقيمة 7.5 بليون دولار. وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول العربية ككل 31 بليون دولار في نهاية عام 2016 مقارنة ب 24.6 بليون في نهاية 2015.