غنى الهزار على الغصون فهاجني... وأعاد لي الذكرى فحرك ساكني»، عرف الموال الحجازي «المجس» منذ القرن العاشر الهجري، ووجد طريقه إلى الأفراح المكية خلال العصور الماضية، واشتهر وذاع صيته من أحياء الشبيكة والنقا وأجياد وربع الرسام والسليمانية التي عرفت بإجادة أبنائها لهذا الفن العتيق، وتغلغل هذا الموروث الشعبي بكامل عنفوانه داخل الجسد المكي حتى بات ملازماً لأفراحه ولياليه السعيدة. وتطورت أشكال نظم الموال وطرق أدائه، فتغنى به المغنون في جميع المقامات وبطرائق مختلفة، ولم يكتف بالشعر الحديث بل كثيراً ما استخدم الحاذقون من المغنين الشعر القديم كمواويل. ويؤكد أحد المهتمين بفن المجسات في مكة المؤدي عبدالله غندور أن الموال الحجازي أو ما يعرف ب «المجس» يغنى من بيتين أو أربعة أبيات أو سبعة وربما أكثر، ويبدأ من مقام معين ثم يتمشى في مقام آخر، ليعود إلى المقام نفسه ثانية بحسب إمكانات صوت المؤدي وتمكنه من التعامل مع المقامات بيسر ومرونة، ويقول: «سواء كان المراد جس المنشد أو المغني لطبقة صوته فإن العادة جرت على افتتاح الموال من طبقة القرار ثم يرتفع تدريجياً إلى طبقة أعلى بحسب قدرة كل مغن، أو العكس كان يبدأ من طبقة الجواب ثم ينخفض تدريجياً للقرار». وبالعودة إلى المصطلح الأساسي لكلمة «مجس» فالغالب أن إطلاق هذا المسمى يتفوق على كلمة موال في الحجاز، وخصوصاً في المناطق الغربية في المملكة (مكةالمكرمة والمدينة المنورةوجدة). أما تاريخ إطلاق هذا اللقب فيقول المؤدي سليمان عطاوي: «الجساس أو الجسيس هو المنشد الذي كان يؤدي في السابق أناشيد الزيارة للمدينة المنورة، كما أنه يطلق على المؤدي الذي ينشد في المولد النبوي، أو منشد الأعراس التي تسمى عقود القران التي يمدح فيها الجسيس العروسين والدعاء لهما في ليلة عقد القران أو ليلة الزواج، وهذا هو المعنى المتعارف عليه لكلمة «جساس وجسيس». وعلى رغم تعدد المؤدين لهذا الفن فإن عبدالرحمن مؤذن يعد من أشهر من صدح بالموال أو المجس في مكةالمكرمة خلال الحقبة الماضية، إضافة إلى حسن جاوه ومحمود لبني وغيرهم، أما العصر الحاضر فهو يعج بالعديد من الجسيسين، والمؤدي خلال الأفراح والمناسبات السعيدة، ولعل من أبرزهم الجسيس الأول في المملكة الفنان محمد أمان.