بفضل ما يزيد على بليون مشترك، تحوّل موقع «فايسبوك» ظاهرة عالميّة تسمح بالتواصل المستمر والمباشر مع الأصدقاء والعائلة. وتشير بحوث حول طريقة التعرّف الاجتماعي الذي تقدّمه مواقع التواصل الاجتماعي، وتأثير الشبكات الاجتماعيّة في الإحساس بحسن الحال الشخصيّة، إلى أن الأفراد الذين لا تتضمن صفحاتهم الاجتماعية إلا قلّة من الأشخاص، يتولّد لديهم إحساس بأنهم أقل أهميّة من غيرهم. وتطرّق بحث موسّع صدر أخيراً في مجلة «ساينس» العلميّة الشهيرة عن التأثير الاجتماعي Social Influence، إلى تأثير التواصل عبر «فايسبوك» في الشعور بالانتماء الاجتماعي. ولاحظ البحث أن الإحساس بالانتماء يترك آثاراً عميقة على آفاق الحياة، وكذلك الحال بالنسبة إلى الشعور بالوحدة والحاجة لتقدير الذات. وأجرى باحثون بقيادة الدكتورة ستيفاني توبين، من كلية علم النفس في جامعة «كوينزلاند»، دراستين تسلطان الضوء على «الاستتار» أو المشاركة غير الفاعلة عبر موقع «فايسبوك»، وكذلك على نبذ الآخرين، وذلك في سبيل تحليل ما يشعر به المشاركون عندما يجرى «تجاهلهم» عمداً على شبكات التواصل الرقمي. وتطلّعت الدراسة الأولى إلى مجموعة نشرت أخباراً بكثافة على موقع «فايسبوك». وخلال الدراسة، كان نصف المجموعة أشخاصاً كثيفي النشاط على الشبكات، فيما شمل النصف الآخر أشخاصاً يكتفون بمراقبة تعليقات أصدقائهم. وكشفت الدراسة أن عدم نشر الأخبار طوال يومين ينطوي على تأثير سلبي في الشعور الشخصي بأنه في حال جيّدة. وفي الدراسة الثانية، استخدمت مجموعة حسابات مجهولة تعود إلى أشخاص مهمّين، ضمن فسحة خاضعة للرقابة، وطُلِب من المشاركين فيها نشر أخبار بأنفسهم، إضافة إلى التعليق على ما ينشره الآخرون. وأجريت مقابلات شخصية مع المجموعتين لسؤالهم عن مشاعر الانتماء لديهم، ومعنى حياتهم، وتقديرهم لذواتهم، والشعور بالسيطرة في أعقاب هذا التمرين. وراودت المشاركين الناشطين وغير الناشطين على حدّ سواء مشاعر بالعزلة، وراودهم إحساس بأنّهم «غير مرئيين»، بل إنهم أقل شأناً كأفراد. وكذلك شعر المستخدمون الذين جرى تجاهلهم بأنّ تقديرهم لذواتهم يتراجع، وكذلك الحال بالنسبة إلى شعورهم بالسيطرة على أوضاعهم. واستنتج الباحثون أن المشاركة النشطة عبر «فايسبوك» هي مفتاح لتوليد حسّ بالانتماء في أوساط مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي.