دمشق، عمان، باريس، برلين - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - أعلن ناشطون حقوقيون وشهود أن دبابات الجيش السوري تحاصر مدينة بانياس الساحلية، شمال غربي دمشق، حيث ووري الثرى أربعة أشخاص قتلوا أول من أمس برصاص قوات الأمن، فيما فرقت قوات الأمن أمس تجمعاً تضامنيا لطلاب في دمشق مع «شهداء» مدينتي بانياس ودرعا. وتواصلت الانتقادات الدولية لاستخدام العنف لتفريق المتظاهرين، ودعت فرنسا وبريطانيا وألمانيا السلطات السورية الى احترام حق التظاهر السلمي والتوقف عن اللجوء للعنف. وعن الأوضاع الأمنية في بانياس، قال أنس الشهري، أحد قادة حركة الاحتجاج، لوكالة فرانس برس أمس: «الجيش يحاصر المدينة بثلاثين دبابة». وأضاف: «شبيحة النظام يتمركزون في منطقة القوز ويطلقون النار على الأحياء السكنية»، مشيراً الى أنهم «يطلقون النار أيضاً على الجيش لجره الى حرب مع الشعب». ولفت الى أن «بعض عناصر الجيش قتل فيما جرح آخرون». وتابع الشهري: «لقد قامت السلطات بعدة اعتقالات في الليل كما قطع التيار الكهربائي عن المدينة». كما قال أحد الشهود لرويترز: «حاولنا الوصول الى بانياس من المخرج الرئيسي المتفرع من الطريق السريع الساحلي لكن الشرطة السرية أغلقت الطريق وتغير اتجاه السيارات. كما أغلقت الطرق الجانبية». وكان ناشط حقوقي رفض كشف هويته قال في اتصال من بانياس مع فرانس برس إن «الجيش يطلق النار في شكل متقطع لاستفزاز الناس وحثهم على الرد، إلا أن أحداً منهم لم يرد بإطلاق النار»، مشيراً الى أن «نداءات أطلقت من منابر الجوامع تناشد الجيش التوقف عن إطلاق النار». وقال الناشط إن «ثلاثة جنود حاولوا الانضمام الى المحتجين بعد أن رفضوا إطلاق النار، إلا أن المسؤولين عنهم أطلقوا النار عليهم مما تسبب بإصابتهم». ووجه إمام جامع الرحمن الشيخ أنس عيروط نداء استغاثة باسم سكان بانياس طالب فيه ب «بالتدخل السريع لقوات الجيش ليقوموا بإيقاف هذه العصابات المتمثلة بأشخاص معروفين يمكن القبض عليهم وتمشيط مناطقهم في القوز وضهر محيرز والقصور». وقال إن «أهالي بانياس لا ينتمون الى أي جهة خارجية أو أي شخصية معارضة كأمثال عبد الحليم خدام (نائب الرئيس السابق) ورفعت الأسد (عم الرئيس) إنما هم شعب أعزل يطالب بمطالب محقة ويقابل من أبناء تلك العصابات ومن يتبعهم بالرصاص والقناصات المحيطة بالمدينة القديمة بانياس البلد». وقال رئيس الرابطة السورية لحقوق الإنسان عبد الكريم ريحاوي لفرانس برس إنه تم في ساعة مبكرة من صباح أمس «دفن القتلى الأربعة الذين قضوا في أحداث» بانياس، وجميعهم من المدنيين وهم «سامر محمود لولو، محمد طالب الضائع، نزيه حجازي وعماد سليمان». وأشار الى «أن الوضع هادئ ومستقر» حالياً، لافتا الى أن «الأهالي يتعاونون في شكل إيجابي مع الجيش الذي انتشر على مفارق المدينة». وفي دمشق، فرقت قوات الأمن أمس عشرات الطلاب تجمعوا أمام كلية العلوم في جامعة دمشق للتضامن مع من قضوا في تظاهرات درعا وبانياس. وقال ريحاوي لفرانس برس: «إن قوات الأمن تدخلت وفرقت مجموعة من الطلاب تجمعت للتضامن مع شهداء بانياس ودرعا في كلية العلوم»، مشيراً الى «ورود أنباء عن اعتقالات قامت بها أجهزة الأمن إلا أنه لم يتسن التأكد من العدد». كما أكد ريحاوي توقيف «اثنين من أبرز مساعدي خدام هما محمد علاء بياسي وأحمد موسى»، مرجحاً أن «يكون التوقيف تم على خلفية اتهامهما بإدارة الاحتجاجات في بانياس» التي يتحدر منها خدام. ودانت عشر منظمات حقوقية سورية أمس بشدة أحداث العنف الدموية التي وقعت في بانياس، مشددة على أن حماية المواطنين هي من مسؤولية الدولة. وقالت المنظمات في بيان مشترك: «ندين ونستنكر بشدة العنف بكافة صوره وأشكاله وبغض النظر عن مصدره ومبرراته مؤكدين بأن حماية حياة المواطنين هي من مسؤولية الدولة». وطالبت «بالوقف الفوري لهذا العنف الدامي» وبتشكيل لجنة تحقيق قضائية مستقلة. وشهدت بانياس أول من أمس يوماً دامياً بعد أن أطلق رجال الأمن النار على محتجين ما أدى الى مقتل أربعة أشخاص على الأقل وجرح 22 آخرين، كما تعرضت وحدة تابعة للجيش لكمين مسلح على طريق قرب بانياس ما أدى الى مقتل تسعة عسكريين بينهم ضابطان وإصابة عدة جنود بجروح. وتواصلت ردود الأفعال الغاضبة لاستخدام الأمن القوة لتفريق المتظاهرين، ففي باريس، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن باريس «تدين» أعمال العنف الدامية في سورية وتدعو دمشق الى «الكف فوراً عن استخدام القوة ضد المتظاهرين»، مشددة على أن «الإصلاح والقمع أمران متعارضان». وقالت كريستين فاج مساعدة المتحدث باسم الخارجية للصحافيين إن فرنسا تدعو دمشق الى «البدء من دون تأخير بتنفيذ برنامج إصلاحات يستجيب لتطلعات الشعب». كما أعلنت أن «فرنسا تطالب بالإفراج عن جميع سجناء الرأي خصوصاً الأشخاص المسجونين بسبب مشاركتهم في التظاهرات»، منتقدة «استمرار الاعتقالات وترهيب الصحافيين، وهي أيضاً (ممارسات) غير مقبولة». وفيما دعا وزير الخارجية البريطاني الحكومة السورية لاحترام حق التظاهر وحرية التعبير، نددت الحكومة الألمانية بدورها بأعمال العنف، ووصفتها بأنها «مثيرة للسخط والقلق». وقال الناطق باسم الحكومة ستيفن شيبرت خلال مؤتمر صحافي إن المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تدعو السلطات السورية «والرئيس الأسد شخصياً الى الدفاع عن حق التعبير السلمي والتظاهر السلمي»، موضحاً أن برلين تنتظر «تجسيم» الوعود بالإصلاحات السياسية في سورية.