أعلن صندوق النقد الدولي، أن مخاوفه غير المعلنة من تكرار تجربة «الركود العظيم» الذي ضرب النشاط الاقتصادي عالمياً عام 2008 والنصف الأول من عام 2009، لم تتحقق، معلناً أن الاقتصاد العالمي، على رغم الارتفاعات الكبيرة في أسعار المواد الأولية ومنها النفط والغذاء، «يواصل مسيرة التعافي على نحو يكاد يكون متطابقاً مع التوقعات السابقة». وأوضح المستشارون الاقتصاديون والماليون في الصندوق في مؤتمرات صحافية أمس، أنهم لم يروا موجباً لإجراء أي تعديل على ترجيحاتهم السابقة في شأن آفاق الاقتصاد العالمي، الذي لا يزال نموه المرتقب 4.5 في المئة سنوياً في العامين الجاري والمقبل، مع استمرار التباين الحاد في وتيرة نمو الاقتصادات المتقدمة الذي يُستبعد أن يزيد على 2.5 في المئة في مقابل 6.5 في المئة في الاقتصادات الناشئة والنامية. لكنهم حذروا من أن تجد زيادات أسعار الغذاء والمواد الأولية طريقها إلى مؤشرات التضخم، خصوصاً في الاقتصادات النامية، لضخامة ما تشكله كلفة الغذاء والوقود من عبء على موازنات أسرها. وتوقعوا ارتفاع متوسط التضخم في هذه الاقتصادات بنحو واحد في المئة، ليصل إلى 6.9 في المئة هذا العام، وأيضاً ارتفاع متوسط الاقتصادات المتقدمة بنصف نقطة إلى 2.2 في المئة، على أن يعقب الارتفاع تراجع ملموس في الحالتين العام المقبل. وأكد المستشارون الاقتصاديون والماليون، أن انتعاش الاقتصادات العربية يسير على رغم تباين وتائره، على قدم وساق، ولو كان «يواجه بيئة تتسم بعدم اليقين»، مشددين على أن أكبر الأخطار المهددة لنمو اقتصادات المنطقة تكمن في احتمال أن تكون «الآثار المحلية (لموجة) الاضطرابات السياسية والاجتماعية أسوأ من المتوقع، خصوصاً احتمال اتساع رقعة الاضطرابات لتشمل دولاً عربية أخرى». وفي حين لاحظوا أن «زيادات أسعار الطاقة وقوة الطلب العالمي يدعمان طاقات الإنتاج والتصدير في الدول العربية المصدرة للنفط، حيث تستمر برامج الإنفاق الحكومي في تعزيز حركة الانتعاش الاقتصادي»، رجحوا أن يؤدي ارتفاع كلفة واردات الغذاء والمواد الأولية وعوامل أخرى مهمة، إلى إعاقة الانتعاش في الدول العربية التي شهدت تغيرات سياسية واضطرابات اجتماعية. ففي الدول المصدرة للنفط، توقع المستشارون نمو الناتج الحقيقي (المعادل بالتضخم) في السعودية أكبر الاقتصادات العربية، بنسبة 7.5 في المئة هذا العام، أي ضعف نسبة النمو التي كان الصندوق توقعها في نيسان (أبريل) الماضي. وعزوا السبب الرئيس لتسارع وتيرة النمو إلى استثمارات ضخمة في مشاريع البنية التحتية، لافتين إلى أن فائض الحساب الجاري السعودي مرشح إلى أن يتضاعف ليصل في العام ذاته إلى 20 في المئة من الناتج المحلي.