أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو لا تملك أدلة على تواطؤ الولاياتالمتحدة مع تنظيم «داعش» في سورية، لكن تصرفات واشنطن تعيق عمليات مكافحة الإرهاب هناك. وذكر لافروف أمس في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأرجنتيني خورخي فوري في موسكو، أنه لا يمكن الحديث عن أي تواطؤ بين الأميركيين و «داعش» لأن الطرف الروسي يستند إلى الحقائق حصراً. وتابع قائلاً، في معرض تعليقه على أنباء عن انسحاب مسلحي «داعش» من الرقة المحاصرة حينذاك بمساعدة قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة، إن ذلك كانت له تداعيات سلبية على الوضع الميداني في سورية، وقد طالب الطرف الروسي واشنطن بتقديم توضيحات في هذا الشأن. وزاد: «بطبيعة الحال، أعاق ذلك تحركات الجيش السروي بدعم من قوات الجو الروسية في القضاء على فلول مسلحي داعش، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الوقت لتحقيق الأهداف المطروحة». وأعرب لافروف عن استغراب موسكو من تصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بأن وجود واشنطن العسكري في سورية يستند إلى دعم الأممالمتحدة، واصفاً تلك التصريحات بأنها باطلة تماماً. وتابع: «سألنا الخارجية الأميركية فوراً في شأن ماهية القرارات المذكورة، وحصلنا على جواب مبهم، ويبدو أن من أجابنا كان يفهم تماماً بطلان التصريحات بوجود أي أسس قانونية لوجود القوات المسلحة الأميركية في سورية». وانتقد لافروف بشدة مسودة القرار الأميركي بخصوص تمديد مهمة آلية التحقيق المشتركة بين الأممالمتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية حول استخدام الكيماوي في سورية. وذكر وزير الخارجية الروسي أن موسكو تتبع منهجاً بناء يفهم أهمية الحفاظ على فرصة للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية في سورية، مشيراً في الوقت ذاته إلى ضرورة إدخال تعديلات في آليات التحقيق، قائلاً أن هذا ما ينص عليه مشروع القرار الروسي الموزع بين أعضاء مجلس الأمن. وأوضح لافروف أن مشروع القرار الروسي يهدف إلى ضمان حيادية التحقيق، بما يتوافق مع معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية. وأشار إلى عدم وجود أي شك لدى موسكو في مهنية خبراء يعملون ضمن آلية التحقيق ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، لكنه استطرد أن «تقريرهم الأخير لم يكن مستقلاً وحيادياً، بل كان مسيساً». وأردف لافروف أن رفض مجلس الأمن لمسودة القرار الروسي في هذا الشأن يعني أن الغرب يسعى إلى الحفاظ على آلية التحقيق كأداة للتلاعب. وزاد: «إذا رفضت الولاياتالمتحدة وحلفاؤها في مجلس الأمن الدولي مشروع قرارنا، فإن ذلك سيعني أنهم لا يسعون إلى كشف الحقيقة والأطراف المسؤولة عن استخدام السلاح الكيماوي، بل إلى الحفاظ على آلية تلاعب الرأي العام والأعضاء الآخرين في مجلس الأمن». إلى ذلك، قالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن موسكو تأمل بأن تتمسك واشنطن بالاتفاقات الموجودة في البيان المشترك للرئيسين الروسي والأميركي حول سورية. وأفادت في الموجز الصحافي أمس: «نأمل بأن يتمسك الجانب الأميركي في شكل صارم بالاتفاقات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتي وردت في البيان المشترك للرئيسين الروسي والأميركي بعد لقائهما على هامش قمة آبيك في دانانغ في ال11 من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري». كما عبّرت زاخاروفا عن دهشتها من تصريحات البنتاغون بأن القوات الأميركية متواجدة في سورية بموافقة من الأممالمتحدة. وأضافت: «استمعنا بدهشة لتصريحات وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس للصحافيين الأميركيين... بأن القوات المسلحة الأميركية متواجدة في سورية بموافقة من الأممالمتحدة». وتابعت أن موسكو تريد أن تعرف عن «أي موافقة من الأممالمتحدة بالضبط يدور الحديث ومن ومتى أعطتها؟». وقالت: «أريد أن أذكر بأن مجلس الأمن هيئة وحيدة وفق ميثاق الأممالمتحدة يحق له اتخاذ قرار حول استخدام القوة. لكن هذه الهيئة لم تعط الولاياتالمتحدة أي موافقة بخصوص سورية، لا سيما أن الوحدات الأميركية متواجدة هناك خلافاً لموقف الحكومة الشرعية للبلاد وتعمل هناك وكأنها محتل». وذكرت زاخاروفا أن تصرفات الطرف الأميركي في سورية تترك انطباعاً بأن الولاياتالمتحدة تسعى إلى الاحتفاظ بجزء من الأراضي للمدة التي ترغب فيها، مضيفة أن الغرض من ذلك على الأرجح، هو فرض التسوية السورية عن طريق القوة. وقالت: «نحن قلقون جداً من محاولات الأميركيين الاستقرار في بيت رجل آخر، بخاصة أنهم لا يجلبون إليه الهدوء والسلام».