أعربت تركيا عن الأسف والصدمة بسبب موقف وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من اتفاق بين «قوات سورية الديموقراطية» وتنظيم «داعش» يسمح بمغادرة عناصر التنظيم الإرهابي مدينة الرقة قبل سقوطها من دون قتال، معتبرة أن هذه الواقعة تؤكد صحة تحذيراتها واشنطن من مغبة التعاون مع أكراد سورية. وأقرّ «التحالف الدولي» الذي تقوده الولاياتالمتحدة ضد «داعش» في سورية والعراق ب «إمكان» أن يكون عناصر من «داعش» قد تمكنوا من الهرب وسط المدنيين من الرقة قبيل تحريرها من «داعش». وأفادت وزارة الخارجية التركية في بيان، بأن «رؤية البيانات الصادرة عن الناطقين باسم التحالف الدولي ضد داعش وعدم نفي وزارة الدفاع الأميركية الاتفاق المعني، بل على العكس قالوا إنهم يحترمونه، أمر يبعث على الصدمة». وأشارت الوزارة التركية إلى أن انسحاب عناصر «داعش» من الرقة «مزعج بشدة» وتطور «تجدر ملاحظته». وأضافت: «صار الاتفاق المعني مثالاً على أنه إذا دارت المعركة مع تنظيم إرهابي فإن تلك التنظيمات الإرهابية ستتعاون بعضها مع بعض في نهاية المطاف»، وذلك في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية»، عماد «قوات سورية الديموقراطية» التي تعدها أنقرة منظمة إرهابية. وقبيل سقوط الرقة، غادرت المدينة قافلة نقلت نحو 4 آلاف شخص في الرابع عشر من تشرين الأول (أكتوبر) في إطار اتفاق تم التفاوض بشأنه بين المجلس المدني للرقة، وهو إدارة محلية أقامتها «قوات سورية الديموقراطية» المدعومة من «التحالف الدولي» ومسلحي «داعش». وأعلن «التحالف» يومها أنه تلقى ضمانات من «قوات سورية الديموقراطية» بأنها لن تسمح للمسلحين الأجانب من تنظيم «داعش» بمغادرة المدينة في إطار هذا الاتفاق، مشدداً على أنه «مُصّر جداً» على عدم السماح لعناصر التنظيم خاصة من المقاتلين الأجانب بمغادرة الرقة. إلا أن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» نقلت في تحقيق لها اعترافات عدد من السائقين الذين كانوا في عداد القافلة، أفادوا بأنهم نقلوا معهم مئات المسلحين وخصوصاً من الأجانب. وأكدت «بي بي سي» أن العديد منهم قد تمكنوا على الأرجح من الانتقال إلى تركيا والعودة إلى بلدانهم حيث يمكن أن يعدوا لارتكاب اعتداءات. وكشفت «بي بي سي» أن القافلة ضمت أكثر من 40 شاحنة محملة بمقاتلين من «داعش» وأسرهم مع أسلحتهم الثقيلة وذخائرهم. وقالت وزارة الخارجية التركية إن هذا الاتفاق يؤكد صحة تحذيرات أنقرة المتكررة لواشنطن من جدوى تعاونها مع المجموعات الكردية ضد «داعش». وتعرضت تركيا مراراً لاعتداءات دامية تبناها تنظيم «داعش» وكان آخرها الذي استهدف ليلة رأس السنة الماضية ملهى ليلياً في إسطنبول ما أدى إلى مقتل 39 شخصاً. وأقرّ «التحالف الدولي» ضد «داعش» في سورية والعراق، ب «إمكان» أن يكون عناصر من «داعش» قد تمكنوا من الهرب وسط المدنيين من الرقة قبيل تحريرها من «داعش». ورداً على سؤال بشأن هذا الاتفاق، قال الناطق باسم قوات التحالف الكولونيل راين ديلون أمس، إن «من أصل 3500 مدني غادروا الرقة في ذلك اليوم تبين أن اقل من 300 ربما كانوا مقاتلين محتملين في تنظيم داعش». وأضاف أنه «خلال عملية الفحص، تم التعرف إلى أربعة مقاتلين أجانب واعتقلتهم قوات سورية الديموقراطية». وأشار ديلون إلى أن التحالف اتفق مع هذه القوات على التحقق من صور وبصمات كل الرجال في سن القتال لمنع عناصر «داعش» المعروفين من الهرب، لكنه أوضح «لا يمكنني التأكيد بنسبة 100 بالمئة أنه تم التعرف إلى كل جهادي خرج من الرقة». وأضاف «أن احتمال أن يكون بعض هؤلاء المقاتلين... تمكنوا من التسلل كمدنيين أو كمقاتلين محليين أمر وارد». ونوّه ديلون إلى أن طائرات التحالف المسيّرة راقبت القافلة بعد مغادرتها الرقة، لكن القرار اتخذ بعدم ضربها بسبب وجود مدنيين في صفوفها. وفقد «داعش» خلال الأشهر الماضية مساحات واسعة في سورية والعراق كان استولى عليها في العام 2014، أبرزها مدينة الرقة السورية التي خسرها في 17 تشرين الأول (أكتوبر) بعد معركة استمرت شهراً مع «قوات سورية الديموقراطية» ومدينة الموصل العراقية التي أعلن منها زعيمه أبو بكر البغدادي قبل ثلاث سنوات تأسيس دولة «الخلافة».