التحرك الشعبي في اليمن وسورية لن يسلك الطريق التونسي. الرئيس علي عبدالله صالح رفض المبادرات، وهو استبدل صراع القبائل بالسياسة. وفي سورية يتعامل النظام حتى الآن مع التحركات الشعبية بقبضة أمنية شديدة لا تدع مجالاً للحوار، ويتجاهل تحقيق مطالب الإصلاح، ويتمسك بطول الأمل. الأحداث في البلدين تسير نحو الأسوأ. والدول العربية، بعضها منشغل بوضعه الداخلي والآخر لا يملك سوى النصيحة، أما دول الغرب، فيبدو أنها تتصرف على طريقة: لم نأمر بها ولم تسؤنا. حتى الآن لا أحد يريد أن يسأل. ثمة خجل من الأسئلة، وإن شئت خوف. هل نحن أمام ثورات، أم حروب ستفضي الى الفوضى وتقسيم الدول؟ حجم الغضب من أنظمة استبدت على مدى عقود وأهملت التنمية والحقوق البسيطة للناس، لم يعد يسمح بطرح أسئلة. على الجميع الانخراط في هذه الثورات، وقلع الأنظمة بأي شكل. من دون أي سؤال عن تأثير ما يجري في مصير المنطقة. هل من المفروض على شعب عاش أربعة عقود تحت حكم قمعي وفاسد ومستبد وفاشل، أن يعيش عقوداً مماثلة من القتل والتشريد والدمار من أجل إزالة هذا النظام. هل طرح سؤال من هذا النوع يعد تسويغاً للاستبداد، ومحاولة للدفاع عن الأوضاع القائمة تحت شعارات الاستقرار وحماية الناس والأوطان؟ هل يبرّر الغضب كل هذا الاندفاع غير المحسوب؟ هل نسأل ونفهم أم نمضي في هذه الموجة وننتظر المجهول؟ طرح الأسئلة لا يعني حماية الفساد والاستبداد، لكن تركها من أجل مجاملة الثورة والثوار والغاضبين هو نهج غير ديموقراطي في احسن الأحوال، وتجاهل لنتائج مروعة في اسوئها. لا بد من تحرك على نحو ما. من الصعب التعامل مع ما يجري في بعض الدول العربية باعتباره شأناً داخلياً. لم يبق هناك شأن داخلي. صرنا جميعاً في شارع واحد. لهذا، فإن المبادرة الخليجية في اليمن أحد الأمثلة على التحرك المطلوب. لكن هذا التحرك يجب أن ينطلق اليوم من الجامعة العربية. ومثلما تحلّت الجامعة بالجرأة وتدخلت في شؤون ليبيا ومنحت « الناتو» رخصة لقصف المدن الليبية، عليها أن تتحرك تجاه ما يجري في بقية الدول العربية قبل فوات الفرصة. عليها أن تتدخل في شؤون الأنظمة قبل أن تزول الدول.