عاد الزي التقليدي اليمني إلى واجهة الاهتمام العام من خلال تصميمات تمزج بين الأصالة والحياة العصرية، ما رفع من نسبة التوقعات بأن يؤدي سريان نظام الإقاليم إلى توسيع الإهتمام بالأزياء التقليدية بوصفها تعبيرات عن هويات ثقافية جهوية. وتؤكد رئيسة مؤسسة «بيتنا» للتراث والتنمية، الباحثة أمّة الرزّاق جحاف عودة الاهتمام بالأزياء التقليدية قياساً بالعقد الثامن من القرن العشرين الذي مثّل فترة تراجع ما أدّى حينها إلى اندثار بعض أنواع الزي اليمني. وتظهر في المناسبات الاجتماعية والحفلات الثقافية يمنيات يرتدين أزياء تقليدية، أو تستلهم الزي التقليدي الذي عكس على مدى قرون التراتبية الطبقية والتعدد الثقافي والجهوي في المجتمع اليمني. وتقول هند النصيري (23 سنة): أرتدي الزي التقليدي لأستعيد من خلاله حياة قديمة فاتتني، وتوضح: «لا أتقيد بلباس منطقة معينة، وأستلهم أزيائي من قطع متعدّدة تعكس مناطق مختلفة، وأكتفي أحياناً بقطعة زي قديم أرتديها مع قطعة حديثة كسروال الجينز»، لافتة الى أهمية التمتع بمهارة كيفية إضافة لمسة عصرية على الزي القديم ما يزيد في جاذبيته. وتعمل مصمّمات يمنيات على استلهام الزي التقليدي في تصميمات حديثة، وسبق لمصممة الأزياء اليمنية مها الخليدي أن قدمت عروض أزياء في اليمن والخارج، في إطار مزج متجانس بين الأصالة والحياة المعاصرة. وتنظّم عروض الأزياء عادة في أماكن مغلقة في ظل تدابير أمنية خشية من هجمات المتشددين الاسلاميين. ويتوقّع البعض أن يؤدي سريان تقسيم البلاد إلى أقاليم إلى إنتعاش عروض الأزياء، وخصوصاً في الأقاليم التي تشهد مدنها بعض الانفتاح. وتتّسم الأزياء التقليدية اليمنية بالغزارة والتنوع على المستوى الجغرافي والاجتماعي. وأصدرت مؤسسة «بيتنا» للتراث كتاباً يوثّق لنحو 160 نوعاً من الأزياء التقليدية. وكانت جمعية «نتانيا»، وهي جمعية غير حكومية تضم يهوديات من أصول يمنية ويقمن في الأراضي الفلسطينية المحتلة دعت في وقت سابق السلطات الاسرائيلية إلى حماية الزي اليمني والحفاظ عليه. وتقول الباحثة في التراث الشعبي أروى عثمان أن ظهور جمعيات نسوية تعمل في تدريب الخياطة والتطريز ساهم في أحياء الاهتمام بالأزياء التقليدية، منتقدة غياب الاهتمام الرسمي. وتذكر أن مقترحاً قُدِّم في ستينات القرن الماضي، لإقرار زي شعبي يمثّل اليمن في المحافل الدولية، وفشل بسبب إصرار كل طرف أن يكون زي منطقته هو الزي الرسمي. وكانت مشاركة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، في قمة الدول الثماني عام 2004 مرتدياً الزي الشعبي التقليدي، قوبلت بانتقادات عدة، ووُجِّهت له اتهامات بالانحياز المناطقي بارتداء لباس لا يمثل جميع اليمنيين. وتُلزم السلطات التعليمية تلاميذ وتلميذات المدارس، بارتداء زي موحد إلاّ أنه يخلو تماماً من أي مقاربة للزي اليمني. ويتّسم الزي اليمني التقليدي بالطبقية والجهوية، وتتباين الأزياء تِبعاً للمرتبة الاجتماعية والمنطقة، ويُعرف شمال اليمن بزي الحكّام والقضاة، وهو عبارة عن ثوب أبيض وعمامة وجنبية (خنجر يمني) تأخذ شكلاً مائلاً مقارنة بجنبية القبيلي ذات الشكل العمودي. ... وبغداد تفتح ذراعيها لعروض قدّمت المصممة العراقية وفاء الشذر اكثر من عشرين تصميماً لأزياء كردية صمّمتها لمناسبة الاحتفال بعيد النوروز (رأس السنة الكردية). وقُدمت خلال العرض فساتين نسائية مستوحاة من العادات والتقاليد الكردية، وقامت أربع عارضات بتقديم دبكات كردية لاقت استحسان الجمهور. ويتألف الزي النسائي الكردي التقليدي من أربع قطع: ثوب طويل فضفاض وسروال فضفاض أيضاً وصدرية بلا أكمام ومعطف طويل سابغ ذي أكمام ضيقة. ويُسمى الزي «كراسي كوردي» وعادة ما يوضع في المناسبات الخاصة مثل حفلات العرس. وتعد الانشطة الثقافية والفنية ومنها عروض الأزياء، تحدياً كبيراً يخوضه العراقيون ضد أعمال العنف الدامية التي لا تزال تهز بلادهم وتحصد عشرات الضحايا في شكل شبه يومي. وجاء عرض الشذر بعد أيام على عرض نادر للأزياء في العاصمة بغداد، قدمته طالبة الهندسة العراقية منى سلطان. وقدّمت سلطان مجموعة من أثواب الصباح والمساء والسهرة ضمن مجموعة العلامة التجارية لمنى سلطان التي اختارت لها اسم (إنانا) إلهة الحب والخصوبة عند السومريين، مؤكدة أن الهدف من مشروع الأزياء هو محاولة تغيير النمط السائد للملابس المستوردة والموجودة بأسواق العراق.