تمزج مصممة الأزياء اليمنية مها الخليدي بين طراز اللباس التقليدي والحديث سعياً منها الى إنقاذ الزي اليمني التقليدي من الاندثار، خصوصاً مع تزايد ابتعاد اليمنيين عن زيهم الوطني. وتقول: «اشتغل على النمط التقليدي، لكنني أحرص على دمجه بالحديث لأن اليمنيين لا يميلون الى ارتداء الزي التقليدي الصرف، موضحة أنها بعملها هذا تحاول تجنيب الزي اليمني خطر الاندثار. وعسى اليمنيين يتذكروا بأن معظم ما يلبسونه وافد. فالفوطة التي تلبس حالياً ليست الفوطة اليمنية، بل الإندونيسية». وتقدّم الخليدي تصاميم تعتمد على أقمشة وخامات يمنية تحاك يدوياً. لكن أصحاب هذه الصنعة كادوا يختفون، ولم يتبق منهم سوى قلّة قليلة. وهو أمر يثير قلق الخليدي التي تحاول إقناع بعض أسر الحائكين بأن تعلّم أبناءها سر المهنة. ويكون رد تلك الأسر بأنه إذا ما كانت الحياكة تدر دخلاً وفيراً، فالأفضل للأبناء أن يبحثوا عن عمل آخر. وتلفت المصممة اليمينة الى أن بعض الصناعات الحرفية أخذت تختفي مع انتشار أصناف مقلّدة تباع بأسعار زهيدة. وترتكز تصاميم الخليدي على محاكاة الزي القديم، بما في ذلك تطعيم اللباس بتطريزات الحرير والفضة والعقيق. «أحاول أن أشتغلها كما كانت تُصنع قديماً. ولهذا السبب، ذهبت الى تهامة للتعرف على الحائكين وطرق عملهم. ومددتهم برسومات جديدة لئلا يبقى عملهم على نمط واحد»، كما تقول. وتُعتبر الخليدي أول مصممة يمنية تنظم عروض أزياء. وتذكر أن يمنيين كثراً باتوا يُقبلون على عروض الأزياء، ولكنها تلفت الى قيود اجتماعية تواجه الراغبات في ممارسة مهنة عرض الأزياء. وهو الأمر الذي جعلها تستعين بعارضات غير محترفات تبدأ في تدريبهن من الصفر. في البدء، كانت العروض تقام في الفنادق الكبرى، لكن تحفّظ بعض النساء عن الحضور الى الفنادق جعلها تنقل العروض الى منازل تحتوي فناء واسعاً. وسبق أن نظمت عرضاً في أديس أبابا جمع بين نمط الزي اليمني والإثيوبي. وتشير الخليدي إلى وجود سمات مشتركة بين النمطين، خصوصاً لجهة الألوان الفرحة التي تُعتبر من مصادر إلهام الخليدي في ابتكاراتها، إضافة إلى هوايتها في الغوص تحت الماء، «فمشاهدة الكائنات البحرية الملونة أثناء الغوص تمدني بأفكار جديدة»، كما تقول. وكانت الخليدي التي درست تصميم الأزياء في اليونان، بدأت حياتها كعارضة في مصر، لكن تشدد والدها جعلها تمارس عملها خفية، قبل أن تتجه الى دراس هذا الفن. وتتذكر أن والدتها كانت تمزق بعض صفحات المجلات كي لا تقع صورة بنتها في يد الوالد. وتشير الخليدي إلى أن أبرز الصعوبات التي تواجهها مصممة الأزياء في اليمن، تتمثل في غياب الحماية القانونية لحقوق الملكية، وتوضح أن كثيراً من تصاميمها سرعان ما يسرقها آخرون، ولهذا السبب تعمد الى ابتكار تصاميم جديدة. وتقول إنها قدمت عرض أزياء في صنعاء في السابق ثم لاحظت أن عرضاً إيطالياً أقتبس منه. إلا أنها لا تزعل من بعض اليمنيات اللاتي يقلدن أعمالها، طالما أن ذلك سيؤدي الى نشر طراز اللباس اليمني، «أشعر بالسعادة لأن جهودي بدأت تثمر». يضاف الى ذلك المصاعب مشكلة التسويق، فباستثناء الأجانب لا تلقى تصاميم الأزياء اليمنية قبولاً في السوق المحلية. وتذكر الخليدي أنه، على رغم جودة الأصناف التي أنتجتها والتي تضاهي جودة الملابس المحاكة يدوياً، يطالبها أصحاب المحال التجارية، استبدال علامة «صنع في اليمن» بعلامات أجنبية، مبررين ذلك بإحجام اليمنيين عن شراء المنتج الوطني، وهو أمر ترفضه الخليدي قطعاً، وتؤكد غياب أي دعم وتشجيع أو حماية للمنتجات اليمنية، ناهيك بالتوعية والترويج. وفي العادة، تقوم الخليدي بجولات بين المناطق اليمنية، بهدف اكتشاف أنماط الزي القديمة المهددة بالانقراض. وتقول: «اشتغلت كثيراً على نمط الزي السقطري القديم، وهو عبارة عن فستان أطرافه تفصّل في شكل منفرد. وحتى وقت قريب، كان يستخدم في مناسبات الزفاف فقط. والآن تركوه واتجهوا الى فستان الزفاف الأجنبي، مشددة على تفرد الفستان السقطري بميزات لا تتوافر في بقية الأزياء اليمنية، «فهو يصمم في شكل يعيق حركة المرأة التي يرتديه». ومن التصاميم التي نفذتها الخليدي وتعتمد على خامات يمنية قديمة، شالات وحقائب نسائية، بينها حقائب صغيرة لوضع لبان البخور، كما تنتج قبعات واقية من الشمس تعتمد القماش التهامي، إضافة الى ما يسمى بالفستان الصنعاني والطرْحة السقطرية وجلابيات حضرمية، وصديري يصنع تبعاً للشكل القديم. كما تسعى الى إنتاج ما يعرف بالخنة الصنعانية (الخمار)، مشيرة الى أنها تبحث حالياً عن صاحب محل يُعتقد أنه آخر منتج لهذا النوع، ولكنه اقفل أخيراً محله في صنعاء القديمة. وتأمل أن يتولى تدريب بعض موظفيها على صنع الخنّة وكشف سر صناعتها.