ساد قلق شديد في ليبيا والعواصم الكبرى من تطورات الموقف والاشتباكات العسكرية العنيفة واستخدام صواريخ «غراد» في العاصمة، بين «الجيش الوطني الليبي» والجبهات الاسلامية المتشددة. ورفضت المحكمة الجنائية الدولية أمس، استئنافاً من السلطات الليبية ضد طلب المحكمة الدولية تسليمها سيف الإسلام القذافي نجل العقيد معمر القذافي. وتمسكت المحكمة بذلك، بطلبها استرداد سيف لمحاكمته في لاهاي على جرائم ارتكبها نظام والده خلال قمع انتفاضة 17 فبراير (2011). ولم يعرف على الفور ما إذا كانت السلطات الليبية الراغبة في محاكمة سيف الإسلام (41 سنة) محلياً، ستتجاوب مع طلب تسليم النجل الثاني للقذافي، المعتقل لدى ثوار سابقين في الزنتان (غرب) والذي يمثل أمام محكمة طرابلس عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، خلال محاكمته و36 آخرين من رموز نظام والده. في غضون ذلك، احتفظ المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا بالصمت حيال دعوات إلى تسليم صلاحياته للهيئة التأسيسية المنتخبة، حلاً للأزمة، فيما رأت بعثة الأممالمتحدة في ليبيا أن الاقتراح الذي قدمته الحكومة الموقتة في هذا الشأن «جدير بالنقاش». وعرض رئيس الحكومة عبد الله الثني هذه المبادرة لدى استقباله وفداً ضم رئيس بعثة الأممالمتحدة طارق متري وسفراء الاتحاد الأوروبي والقائم بالأعمال الأميركي في طرابلس. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية إن المبادرة حظيت باهتمام السفراء الذين وعدوا بعرض تفاصيلها على عواصمهم. وشددت مصادر البعثة الدولية إلى ليبيا «على أهمية الحوار بين الأطراف الليبية لمعالجة الخلافات بدل اللجوء إلى العنف». يأتي ذلك غداة تصعيد شهدته العاصمة طرابلس ليل الثلثاء– الأربعاء وتخلله قصف بصواريخ غراد، ما أسفر عن سقوط قتيلين وعدد من الجرحى، في إطار مواجهات بين «الجيش الوطني الليبي» بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وميليشيات اسلامية متشددة، بدأت في بنغازي أواخر الأسبوع الماضي. وفي هذا الإطار، أصيب رئيس أركان البحرية الليبية العميد حسن بوشناق بجروح في مكمن نصبه مسلحون متشددون لموكبه في العاصمة طرابلس، فيما واصلت قطاعات عسكرية إعلان تأييدها لحملة حفتر، وآخرها في مناطق أجدابيا (شرق) الجفرة (جنوب) وجالو (جنوب شرقي) امس. واستقبل وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس زعيم «تحالف القوى الوطنية» رئيس الحكومة السابق محمود جبريل في باريس، للبحث في تطورات الأوضاع في ليبيا. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال، إن «الوضع الأمني في ليبيا مقلق»، مشيراً إلى أن محادثات فابيوس مع جبريل، تخللها «تجديد فرنسا دعوتها الأطراف الليبية كافة إلى التحلي بضبط النفس وحل الخلافات عبر الحوار». وأكد نادال أن التعاون الفرنسي - الليبي «سيأخذ في الاعتبار مجريات الأمور التي تتسم بقدر كبير من عدم استقرار» في ليبيا. وأعلن تحالف القوى الوطنية في بيان، موقفه المناهض ل «الإرهاب» ووقوفه إلى جانب «الجيش الوطني في محاربة هذه الظاهرة الخطرة». وأجرى ممثل الأمين العام لجامعة الدول العربية لدى ليبيا ناصر القدوة (وزير الخارجية الفلسطيني السابق)، اتصالات مع الأطراف الليبية لبلورة تصور يخرج ليبيا من الأزمة. وقال القدوة أمس إنه اتصل بمسؤولين في دول الجوار الليبي في الإطار ذاته، مشيراً إلى وجود إجماع على أن «حل الأزمة يكون بجمع الأطراف إلى طاولة الحوار». وأبلغت «الحياة» مصادر الهيئة التأسيسية الملكفة صياغة الدستور التي تواصل أعمالها في طبرق، أنها لم تتلق بعد أي خطاب رسمي يتعلق باقتراح توليها صلاحيات المؤتمر الوطني المنتهية ولايته. وأكدت المصادر أن الهيئة «تلتزم الحياد في الصراع الدائر» وأنها ستبحث المبادرات المتعلقة بتوليها العمل الاشتراعي في المرحلة الحالية، في حال تلقيها اقتراحات خطية بذلك.