هل هناك دراسات أو إحصاءات يمكنها أن تفيدنا عن عدد «الأفلام الوثائقية» أو حتى الروائية الطويلة، التي تستقبلها الصالات السينمائية، بصفة هذه الصالات المكان الرسمي الذي يحدد سينمائية العمل من تلفزيونيته، من ناحية مبدئية على الأقل؟ انطلاقاً من هذا السؤال، لن نخوض في جدال بات بيزنطياً حول ما إذا كان المكان الوحيد - باستثناء المهرجانات الكثيرة التي لا يزال فيها متسع لعرض الأعمال الوثائقية أو القصيرة، ودائماً أمام جمهور نخبوي لا أكثر - الذي يستقبل الجزء الأكبر من الإنتاج الذي نتحدث عنه، هو شاشات التلفزيون. ولكن نريد في المقابل أن نشير الى أن العدد الأكبر من المبدعين الذين يحققون ذلك النوع «الهامشي» - في نهاية الأمر - من الشرائط، لا يزال يصر حين يعرّف بنفسه على أنه مخرج سينمائي، وحتى من دون أن يكون له في مساره، أي فيلم سينمائي حقيقي عرض في الصالات أو في المهرجانات أو في أي مكان آخر مخصص للعروض السينمائية. فإذا أضفنا الى هذا ان إجمالي ما يصوّر من أفلام وثائقية أو قصيرة انما يصور بوسائل الفيديو وما الى ذلك، بحيث صار استخدام ال 35 ملم، نادراً - حتى في الأفلام السينمائية العادية - يصبح التساؤل منطقياً حول ذلك الهوس بمسألة «التسمية». وانطلاقاً منها: من الذي يحدد لمخرج الفيلم هويته كسينمائي، في وقت يعرف هو، ونعرف نحن بالتالي، انه مخرج تلفزيوني. ونعرف كذلك ان هذا التعريف، لم يعد منذ زمن بعيد، حكم قيمة أو توصيفاً نابعاً من تراتبية ما. غير أن الأسوأ هنا هو أن التجهيل التلفزيوني لمصلحة التعريف السينمائي، يتجاوز ممارسي العمل أنفسهم، الى تظاهرات ومناسبات لا تضم سوى أعمال من هذا النوع، حققت بتقنيات تلفزيونية ولن تعرض - هذا إن عرضت - إلا على شاشات التلفزة، ومع هذا نجدها تعرّف عن نفسها بأنها مهرجانات سينمائية. إزاء هذا، أفلم يحن الوقت بعد، ليس طبعاً للنزول بمستوى تسمية النوع من سينمائي الى تلفزيوني، بل للارتقاء بالعمل التلفزيوني نفسه. والاعتراف بأنه في حد ذاته مجال إبداعي كبير، يستحق أن يعرف باسمه، ويعترف له بأن يوصل الشريط الى أعداد من المتفرجين تفوق أضعاف أضعاف عدد الذين يصل اليهم العمل إن هو ظل يحصر نفسه في التسمية السينمائية؟