يأتي نفي الادارة الأميركية صحة تقرير «وول ستريت جورنال» عن تجميد شحنات أسلحة للجيش اللبناني وتأكيدها أن هذه المساعدات ترتكز الى «علاقة ثقة» مع المؤسسة العسكرية وكشريك «غير مسيس»، ليعكسا الحسابات الموضوعية الأميركية حيال لبنان وعدم حصرها بفئة سياسية معينة طالما هناك التزام بالبنود العريضة مثل القرارات الدولية من هذه المؤسسة. وتعتبر الاستراتيجية الأميركية في التعامل مع الجيش اللبناني الذي يصفه مسؤول أميركي بأنه «شريك غير مسيس (للولايات المتحدة) وداعم للاستقرار في المنطقة»، مؤسسة منفصلة عن الاعتبارات السياسية و «التبدلات» التي يمر فيها لبنان طالما أن بناء قدرته هو بهدف «توفير أمن لبنان في الداخل وعلى الحدود وطبقاً لقرار الأممالمتحدة الرقم 1701. ويقع هدف «بناء علاقة ثقة وتأثير على جميع مستويات المؤسسة العسكرية اللبنانية» في صلب حسابات واشنطن. وقدمت الولاياتالمتحدة ما يزيد عن 600 مليون دولار من المساعدات للجيش اللبناني منذ 2006، وهي تطلب مبلغ 100 مليون دولار في موازنة 2011 التي لا تظل قيد الدرس، و100 مليون أخرى للعام 2012. وتعكس لهجة الادارة، كما يقول الخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية آرام نركيزيان، كون المعايير التي تتحكم بالمساعدات العسكرية الأميركية للبنان «هي أبعد من الانقسامات السياسية» في هذا البلد، وترتكز على بناء «علاقة طويلة الأمد بين المؤسستين الدفاعيتين». هذه العلاقة التي ساعدت الى حد كبير، كما يرى نركيزيان، الولاياتالمتحدة في الإبحار في التحولات التي تشهدها المنطقة وخصوصاً في تجربتها مع مصر حيث ساهمت العلاقة الوطيدة التي تعود الى عقود بين الجيشين الأميركي والمصري في انتقال سلمي للسلطة مع دور محوري للجيش. والى جانب مصر، تحظى وزارة الدفاع (البنتاغون) الأميركية بعلاقة قوية مع بعض دول الخليج وشمال افريقيا، وهناك برامج ودورات سنوية للتعاون وتبادل الخبراء بين هؤلاء. وخلافاً للإدارة، يلفت نركيزيان الى أن الكونغرس بتركيبته الحالية ينظر الى السياسة حيال لبنان من اطار العلاقة مع قوى 14 آذار وموقعها في الحكم، وهو ما كان وراء تصعيد اللهجة من نواب أميركيين وتلويح بقطع المساعدات بعد خسارة الأكثرية اللبنانية السابقة للحكومة. غير أن الادارة تحرص، وعلى أعلى مستوياتها، على التأكيد أنها في موقع «مراقبة وانتظار» التشكيلة الحكومية الجديدة قبل القيام بأي تعديلات في استراتيجيتها. وهنا ينوّه نركيزيان بأن البيان الوزاري، أكثر من أسماء الوزراء، سيحدد اطار تعامل واشنطن مع أي حكومة للرئيس المكلف نجيب ميقاتي. ويشير الخبير الى أنه، وباستثناء تولي شخصيات من «حزب الله» مباشرة أو مجموعات أخرى تقاطعها الولاياتالمتحدة، فمن «المستبعد أن تعمد الادارة الى مقاطعتها». ويحدد المسؤول الأميركي بدوره مهمات أمن الحدود وتفكيك الشبكات الارهابية وانتشار الجيش اللبناني الى جانب قوات يونيفيل ضمن الأهداف الحيوية لدعم الجيش، وينوه بدور المؤسسة العسكرية اللبنانية «النموذجي» باستخدام المساعدات للهدف المخصص لها وعدم السماح بإيصالها الى مجموعات ارهابية. ويرى أن «المساعدات للجيش اللبناني تعزز الاستقرار الاقليمي وهي في مصلحة الأمن القومي الأميركي».