بعيداً من يوم اللاجئ العالمي الذي يصادف في 20-6 من كل عام، بدا عام 2011 وكأنه يأخذ المنحى الاستباقي عن غيره من الأعوام التي يحيي بها العالم هذا اليوم، كتعبير عن الضمير المتستر وراء ديبلوماسية التعايش مع الظرف والحدث والمكان والزمان، ومع حالة النزوح التي تشهدها شعوبنا العربية عن بلدانها، في قطاعات كبرى شهدت تغيرات ومتغيرات استبقت الاحتفال السنوي لبعض بلدان إفريقية دأبت عليه منذ عشرات السنين. فاللاجئون هم من تشرّدهم الطرق رغماً عن إرادتهم، وتؤدي الصراعات وممارسات الاضطهاد إلى تشتيت شمل أسرهم! فهل هروب رؤوس الأموال العربية إلى خارج أوطانها، طمعاً في الاستقرار والبحث عن البيئة المناسبة للاستثمار، يدخل في إطار اللجوء؟ ما الفرق بين اللجوء الاقتصادي واللجوء السياسي؟ المفوضية العليا للأمم المتحدة جسم دولي معترف به عالمياً لرعاية المهجرين؛ تعمل على احتضان اللاجئين ومعالجة قضاياهم، وتوفير أبسط الحقوق الأساسية والمتطلبات الإنسانية، لضمان الحماية الدولية للاجئين في كل أنحاء العالم، وإيجاد الحلول الموقتة لمشاكلهم! لكن، هل تمكنت المفوضية فعلاً من استيفاء شروط الرعاية ولكل اللاجئين؟ وماذا عن 1.2 مليون لاجئ أفغاني فروا إلى دول نامية، مثل باكستان التي ليس فيها وسائل رسمية لحمايتهم؟ وكيف ستعالج مفوضية الأممالمتحدة شؤون اللاجئين الجدد من عالمنا العربي، الذين فروا من دمار الصراعات الداخلية والانقسامات الحزبية والجغرافية؟ لماذا يقيمون يوم اللاجئ العالمي؟ هل هو ذكرى العار الإنساني، والتذكير بالمواجع المأسوية والأحزان البشرية، أم محاولة للملمة الماضي العاثر في ثوب استقرار جديد؟ هل هو احتفال بعزيمة المضطهدين اللاجئين لإقبالهم على الحياة، وانتصارهم على الاضطهاد والمضايقات والمصاعب؟ هل يهدف إلى زيادة التوعية عند اللاجئين، وإتاحة فرصهم في الخلاص؟ هل يحاول إبراز أسباب اللجوء وعلاجها على المدى البعيد؟ إذاً، كيف نفسر الازدياد المطرد لعدد اللاجئين في العالم؟ ما هي أسباب اللجوء الدولي؟ ومن هي شرائح اللاجئين الدوليين؟ كيف يحتفل اللاجئون الفلسطينيون في الشتات بذكرى يوم الأرض، التي تصادف في 30-3 من كل عام؟ وماذا يمكن تسمية هجرة العائلات التجارية ورجال الأعمال، الذين سعوا إلى نقل مزيد من ثرواتهم الشخصية إلى ملاذات وأصول آمنة خارجية، بعد موجة الاضطرابات الأخيرة التي اجتاحت الدول العربية وبعض الدول الخليجية؟ دوافع كثيرة تضطر اللاجئين إلى مغادرة بلادهم، واللجوء إلى بلد آخر يحميهم مما يهددهم، إما عرقياً أو دينياً أو وطنياً أو اجتماعياً، بسبب الجنسية وغياب العدالة والتهميش، أو بسبب الانتماء الى فئة اجتماعية معينة، أو الى حزب سياسي معارض، أو بسبب التغير البيئي وتضاؤل الموارد الطبيعية، أو بسبب الفرار من القتال في مناطق النزاع المسلح، كما حدث في المملكة المتحدة، و74 في المئة ممن طلبوا اللجوء إلى أوروبا والولايات المتحدة، أتوا من بلاد تعاني مشاكل النزاع المسلح! هناك ثلاثة أنواع من اللجوء الدولي الرسمي المشروط: - لجوء سياسي، فالشخص يترك بلده لأسباب سياسية واضطهاد وتهديد بسبب معارضته السياسة القائمة، ويحصل على جنسية تمكّنه من حرية السفر إلى أي بلد سوى بلده. - لجوء ديني، أي اضطهاد ديني وطائفي يهدد كيانه وحياته. - لجوء إنساني، إذ يحصل اللاجئ على جنسية تمكّنه من السفر إلى بلده وأي بلد، لأن الأسباب بعيدة كلياً من السياسة والدين، والنزوح قسري لأسباب اقتصادية، وعدم توافر حياة كريمة في ظل تدهور الوضع الأمني، أو بسبب التهجير والحرب والفقر، أو الهرب من أخطار الكوارث الطبيعية كالزلازل والبراكين والهزات الأرضية! إذا كانت الحروب البشرية والطبيعية تترك الانسان مشرداً محطماً على حافة ضياع، بين الحاضر المأسوي والمستقبل المجهول، فهل اللجوء الدولي يؤمن وطناً آخر للمهجر، يوطد شعوره بالأمان والاستقرار، وتخطي شعوره بالضياع؟ هل من فروق بين لاجئ وطالب لجوء؟ وهل كل من فر من بلده إلى بلد آخر يدعى لاجئاً؟ وهل من شروط انتساب لتعبئة طلب اللجوء؟ كم تشكل نسب اللاجئين في كل فئة وأخرى؟ 90 في المئة من ضحايا الحروب والنزاعات هم مدنيون، يفرون تحت ظروف القصف والخوف واستحالة الاستمرار في البلد الأم، بحثاً عن مأوى آمن، وقد بلغ عدد اللاجئين الرسمي زهاء 42 مليوناً، بزيادة مقدارها 20 مليون لاجئ خلال أقل من 10 أعوام! هل يتمكن اللاجئون من التأقلم والاندماج في أوطان جديدة، على رغم ما لديها من ثقافة وعادات مغايرة ولغة مختلفة وظروف أخرى؟ وهل يمكنهم حقاً الالتزام بقوانين الوطن الجديد برضا، بعد الحصول على الجنسية؟ ما الذي يدفع الدول الغربية المتسببة بالحروب والنزاعات في شكل ما، وبشقاء الأبرياء من أبناء الإنسانية في مناطق العالم، إلى التسابق في التبرع وحماية اللاجئين، وهم ضلع أساس في التسبب بنزوحهم ومآسيهم والعبث بأمنهم واستقرارهم؟ هل هو الطمع في الهيمنة الاقتصادية على ثروات البلاد، أم هو شكل من استعباد اللاجئين وتشغيلهم قسرياً، أم أن اللاجئين في البلاد الغربية، هم المفاتيح السحرية القابلة للمساومة والمقايضة؟